ومازال سلاحنا أضعف الايمان :)د. هدلا القصار بقلم الناقد كريم القاسم
( ومازال سلاحنا أضعف الايمان)
---------------------------
كم كنتُ وما زلتُ اشعر بالحرج والخجل عندما أنشر منشوراً أو مقالاً ولنا في غزة اخوات وأخوة أعزّاء،باتت اخبارهم مقطوعة عنا ومنقرضة،وقد أكلهم البارود والبرد القارس والجوع والعطش ، والحرمان من أدنى سبل العيش.
هي ...
نبتةٌ برية ، صلبة العود ، راسخة الجذور.
تعودَتْ التعامل مع الاحداث بحنكة وذكاء .
قلمها لايفارقها .
الحرف والقهوة والبحر خير مُتنفَسٍ لها .
كنتُ اتابعها بقلق من أول احداث غزة .
إحدى رسائلها في بداية الامر :
( القصف بعيد عنا بشارعين ،
والان الحمد لله على نعمه.)
- كانت لاتخاف الموت .
- تعودَتْ ان تنام تحت هدير القنابل وأزيز الصواريخ.
- لبنانية المولد ، بيروتية المنشأ والثقافة ، ومن اسرة كريمة .
- تزوجت من احد رجال الصحافة الفلسطينية والذي كان يتميز بالشهرة المهنية .
- سَكنتْ (قبرص) حوالي ١٢ عاماً ، بعدها عادت وانشأت اسرتها في غزة .
- الدكتورة (هدلا القصار) تشغل منصب مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة ، والتابعة لوزارة الشؤون الخارجية الدبلوماسية .
- هي كاتبة وناقدة ، صدر لها عدة دواوين ، وقدَّمتُ لها مقالات نقدية عدة.
- احترمها جداً ، لأمانتها الاكاديمية والفكرية .
فهي لاتقطف او تنسخ اي مضمون نقدي من صفحتي أو مقالاتي لغرض اشراكها في محاضراتها للطلبة ؛ إلا بعد الاستئذان والسماح، علماً بأن الصفحة مباحة لها ، وهذا مِن حسن الخلق وجمال الأدب.
- طبعها بعيد عن النرجسية التي تُغلِّف قشور بعض مايُسَمَون أدباء ،
فهي غير ناكرة للجميل ، تشيد بالمعروف في أية مناسبة ، لا للشهرة والاعلان لنا ، ولكن لنبل طبعها الذي طبعت عليه.
- خَتمَتْ كتاباتها قبل احداث غزة بـ :
(لا اريد للحياة حدّاً.
لا أريد النهاية.)
- كانت تراودها الاحتمالات القلقة دائماً ، وهذا ماصَرّحتْ به في أحد نصوصها مُتهكّمة وتُلمّح غامزة من بعيد ، فتسمّي هذا القلق بالتفاؤل .
فتقول :
" أتفائل بتسعة واربعين إحتمالاً
احتمال
أغمزُ نفسي بشهوات الانتظار،
او أرتّب وصفات القلق كالغرباءِ،
وربما أرتعش كالزهور بفصولها
أم أموت كالسيد "هاشم"
واحتمال تنتهي صلاحيات جواز سفري ،
وأتوه ...
أو أصل الحدود .... وأعود
لأسكب الحنين من اوجاعي..
وربما أُصابُ بجرحٍ "كالأسكندر المقدوني"
أو تتزاحم آثاري. "
- وتستمر في سرد احتمالاتها التسعة والاربعين ، وبهذا التهكم وكأنها تقرأ مايجري الآن في غزة.
- كم كانت ثابتة الجنان عندما كانت تُطَمنني وتقول :
-
( لاتخف عَليَّ ..هي فترة وجيزة وسينتهي كل شيء)
- لكنها وفي الآونة الأخيرة ؛ إستدرَكتْ بأن دولاب النار ليس كما تتصور ، وخاصة بعد ما حدثَ مِن دمار ودماءٍ وخرابٍ، فكَتَبتْ لي :
(يبدو ان هذه المرة الأمر مختلف.)
- تشارَكْنا إختيار القرار المناسب ، وكنتُ اشجّعها للوصول الى مصر ومنها الى لبنان بأية طريقة.
زَحَفتْ بعائلتها الكبيرة نحو الجنوب ، وأستقر طوافها في (الأونرا )
وجَدَتْ فسحة أثيرية صغيرة لاختراق عالمها المحاط بالهلاك كي تفك الخناق لتطل علينا ببعض منشورات الاطمئنان عندما سَمحتْ لها مديرة (الاونرا) بحرية التصرف.
فاخبرتني برسالة سريعة :
(مازلتُ اتنقل من مكان الى آخر )
لكن الفجوة الزمنية طالت بعد آخر نشرٍ لها .
لم تَرِدْ على الخاص كعادتها.
نفتقدها الآن حقاً.
اتمنى ان تكون روحها مازالت تتنفس
كي اقول لها :
- نعتذر فما باليد حيلة.
ومازال سلاحنا هو اضعف الايمان.
حماكِ الله ، وحصّنكِ بحصنه.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
.............................................
تعليقات
إرسال تعليق