القصيدة 2 : الشاعردكتور محفوظ فرج
القصيدة 2
————-
ما عادَتْ أعماقُ مخارِجِها
تنشرُ عَبَقاً- كالسابقِ -
مثلَ نسيمِ السدَّةِ
حينَ يداعبُ واجهةَ المقهى
في بابِ السور
ما عادتْ في صورِها تخلبُ ألبابَ
الشعراء
ذبلتْ مثلَ ذبولِ الوردِ الجوريّ
نهايةَ آب
مثلَ تهاوي أوراقِ التوتِ تغطِّي
ساقيةَ الماءِ بألوانِ باهتةٍ
وكما تتراءى في وجهِ العاشق
علاماتُ شحوبٍ حين يغادرُ عنه
مُحبّيهِ
ذبلتْ فاستسلمَ
جِرْسُ اللفظةِ للتكرار
جَفَّ الوَحيُ بما يبعثُهُ نبعُ أبولو
في ( قوريني ) من أسرار
دبَّ بها وجعٌ في نبضِ معانيها
مما أحدَثَه الظلم
بأرجاءِ المعمورةِ
فَقدتْ كلَّ أحِبَّتِها
واستشرى الذعرُ
بأرجاءِ مضاربِها
ما عادَ لها وقعٌ إلا من حزنٍ أخمدَ
جذْوَتَها
ظلَّتْ تَستنفِذُ طاقَتَها من حُبٍّ
مَخزونٍ كانتْ مريمُِ قد وَهَبتْهُ لها
أيامَ بقائي في ( سوسة )
قالتْ لي : عهدُ الحبِّ المعقودِ
معينٌ لا ينْضبُ
حين تفانينا نسبقُ في الساحل
موجَ البحر الأبيض
من عشرين سنة كانتْ ترسمُ لي فيها
أجملَ لوحاتِ العشّاق
وها هي تلفظُ آخرَ أنفاسٍ
لولا أن حملتني ليلة أمس
بوصلٍ منها
أغدقَ لي بحنانٍ ليس لهُ حدٌّ
وإذا بعبير القداح ينث كَبَرَدٍِ
في باحاتُ الدار
وزهورُ ( اليسمين ) يغازلُها عصفورٌ
ويداعبُها في المنقار
ويغَطِّي الغيثُ مرابعَ حَرثَتْها
بالايمانِ أيادٍ تَتَمسَّكُ
في حريَّتِها
تأبى أنْ تمْكُثَ فيها الأدغالُ
على أهدابِ المدنِ
وضفافِ الأنهار
حمَلتْني مريمُ بحديثٍ منها
نحوَ نهارٍ يكشفُ زيفَ الأقوالِ
ويحكمُ بالحقِّ
على صدقِ الأفعال
د. محفوظ فرج المدلل
تعليقات
إرسال تعليق