في البصرة : الشاعرة ريم البياتي

والبصرة ماء القلب وحبر الورّاقين
لا يأتيها الباطل
لا تغلق باباً
تفرش في البرد عباءتها
فينام الجوع ويصحو رغيف الخبر على الطرقاتْ
لكنّ البصرة بنت الشام...شقيقتها
حسناءٌ تعرض للنخل مفاتنها
والنهر يغضّ الطرف
وتثمل في فمه الكلماتْ
الشام قناديل العشاق وخمر القدّيسين
تخبز  ضحكات طفولتنا
لكنْ...
في الليل يُوزّع خبز الضحْكة للغرباء
وتنام الشام بدون عشاءْ
وتنام حمامات البصرة من دون عشاءْ
فيدور( التُمّ) على أضرحة الفلاحين
ويبذر آخر لحنٍ في صدر الناياتْ
وتظل البصرة بنت الشام....شقيقتها.

في البصرة، يفتح الكون عينيه ويرمقها بالنظرة الاولى، يمسح الله على أرغفة الفقراء،  فتغدو  زادا يكفي أحبابه في الكون كله.
في البصرة يمشي الكرم على قدمين، يتفقد العابرين الغرباء، ويلقي عليهم رداءه، فيصبحون أهلا
حتى الأطفال هناك، يكبرون سريعاً، يصبحون رجالاً يبرّون حليب امهم البصرة، و يغدقون على العابرين من طيبهم ودماثة اخلاقهم.
للبصرة وجه يرسمه البرحيّ، فيشرق كل صباح مثل مواويل البلم الحامل فرح العشاق، و مناديل الأمهات الصابرات، وحكايات  الأجداد.
في البصرة كان الشعر نبياً، وكان المؤمنون به يطوفون حوله، مرتلين آياته التي أمطرت سحرا
جعلت الزمان يبتسم، والمكان يرقص.
لكل الذين أهدوا إلينا هذا الكون من الفرح:
شكرا من أعماق القلب،
شكرا للقائمين على مهرجان المربد الرائع كلهم
شكرا للشعراء الذين حملوا  حروفهم رسلا للمحبة والسلام
شكرا للعراق العظيم وأهله الذين أشعروا الجميع
أن في هذه البقعة الحبيبة من الكون
لكل غريب اهلاً وبيتاً.
ريم البياتي