PNGHunt-com-2

أبٌ يحتضر :الكاتب القاص هادي المياح

ما كتبنا من قصص، كالايام  "نداولها بين الناس"
هذه قصة هي باكورة انفاسي في الكتابة ..

ابٌ يحتضر

على الأرض مباشرة، كان الأب ممددا على فراشه ، غارقاً في متاهة لا أحد يعرفها من أبنائه الثلاثة المحلقين حوله ، وكان يسمع ما يدور بينهم من كلام أو يظن ذلك. إلا أنه لم يستطع أن يتمّ ما قاله لهم بوصيته بعد أن لفظ آخر كلماته:
"لديكم هذا البيت ، اتركوه كما هو لأنه حصتكم التي لا تقبل القسمة. "
ثم توقف عن الكلام، وظل نفسه يصعد وينزل ، وعيونهم مشدودة نحوه، لكنّ أفكارهم كانت متركزة حول الصندوق الذي وضعه عند رأسه، منذ اليوم الأول لمرضه، صندوق جمع فيه ما يعادل سنين عمره كلها..
بين لحظة وأخرى كان الابناء يتبادلون نظرات صامته بينهم، لم تلبث أن تخرج بسرعة الى العلن دون حياء:
نبيع البيت ونتقاسم المال بيننا، قال الأول
نوزع الحصص حسب العمر ، قال الثاني
انا لا اريد منكم شيئا غير هذا الصندوق! قال الثالث
تحول الحديث فجأة الى مشادة كلامية ، بسبب الاختلاف حول الحصص وعدم عدالة التوزيع ، ثم علت الأصوات بينهم تدريجيا .
سمع الطفل وهو رابعهم ، عراك اخوانه وصراخهم ، فخرج خائفاً يركض نحوهم، فبحلق الجميع بوجهه مندهشين . لم يفطن له أحد عند توزيع الحصص ، ولم يتذكروا أن لديهم أخاً رابعاً.
ثم هدأ الجميع وانبرى كبيرهم قائلا لهم :
اخونا صغير لا يدخل في التوزيع !
سمع الطفل ذلك، فأخذ يجهش في البكاء دون توقف. استدرك الأكبر عمراً فقال:
لا تبكي ، سنوفر لك نحن الثلاثة ما تريد من احتياجات!
عند ذاك تحول بكاء الطفل الى نحيب قوي ، دون أن يفتح فمه بكلمة واحدة، لكنه كان يحمل بداخله كلاماً أبلغ من ذلك، كأنه يريد ان يقول:
-اخواني..يا فلذات قلبي،  ألم تنتبهوا أن أبانا لم يَمتْ بعد!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي