رؤية الناقد عباس الصهبي لقصيدة (قلتها يوما ) للقس الشاعر جوزيف إيليا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹
🌹 رؤيــــــــــــة 🌹
🌹 نـقـديـــــــــــة🌹
🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كيـــــف استطــــاع
شاعر العروبة المُجَدِّد الكبير:
القس المبدع/ چوزيـــــــــــــف إيليَّـــــــــــا
أن يبعث «الفخر» في شعرنا المعاصر
عبر رائعته الشعرية:
«قُلتُهَــــــــــا يَوْمَــــــــاً»؟!
********************
🌹قرأت اليوم قصيدته العصماء «قلتهـا يومـاً»؛ ومطلعها:
«قلتُها يومًا : أنا لا أُهزَمُ
ونشيدي صارخٌ لا يُكتَمُ»!!
وقد أنهاها؛ بقوله:
«بطلًا أحيا وفوزي دائمٌ
وسلاحي كلماتٌ وفمُ»!!
فكادت تفرُّ من عيني "دمعة" ساخنة، ومن أول بيت، وأنا أقرؤها!!
ياه!! فنحن لم نقرأ، ومنذ زمان بعيد، حوالي 100 عام؛ أو أقل قليلاً؛ "قصيدة عروبية واحدة" تعيد أمجاد «جمال فن الفخر» العربي العريق، ومنذ قصيدة شاعر تونس والعروبة الراحل الكبير/ أبو القاسم الشابي «25 عاماً» (من 1909 حتى 193)، رحمه الله، وأسكنه فردوسه الأعلى؛ القائل بقصيدته الشهيرة (وهو بين "الاختلال" و"الاحتلال": "اختلال" صحته و"احتلال" بلاده الخضراء تونس):
«سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ
كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ»!!
والتي أنهاها؛ بقوله:
«مَنْ جَاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه
لم يحتفل بحِجَارةِ الفُلَتَاءِ»!!
ومن قبل أن يسأل سائل:
ولماذا تنهال دموع «رؤية نقدية» على هذه الكلمات، وهي في النهاية «مجرد كلمات»؟!
أجيب:
- نعم، هي كلمات لكنها «ليست كالكلمات»؟! إنها «استعادة» لأحد «أهم "أوسمتنا" العروبية العريقة»؛ التي يعرفون في الغرب مدى أهميتها؛ فتوالت «مؤامراتهم الثقافية» لكي «يجردونا» منها، وليس لديهم مثيل يماثلها في أدبهم المعاصر الذي «يفاخروننا» به!!
إنهم «يفاخروننا» مع أن «الفخر كله» عندنا!!
الفخر.. في الشعر العربي!
******************
«الفخر» أحد فنون شعرنا العربي العريقة، ومنذ بدأ الشعر في عصر ما قبل الإسلام، في زمن المعلقات، مثلما اتضح في شعر «عنترة»؛ القائل:
«ولقد ذكرتكِ والرماحُ نواهلٌ مني
وبيضُ الهِنْدِ تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعتْ كبارقِ ثغركِ المتبسمِ»!!
وأيضاً.. في معلقة «طرفة ابن العبد»:
«إِذا القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني
عُنيتُ فَلَم أَكسَلْ وَلَم أَتَبَلَّدِ»!!
وكذلك في معلقة عمرو ابن كلثوم:
«إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ
تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا»!!
وقد امتد إلى عصر صدر الإسلام، في شعر «حسان بن ثابت» (شاعر الرسول ﷺ)؛ في مثل قوله:
«ألا أبـلـغْ أبـا سفيـانَ عنِّـي
فأنتَ مجـوفٌ نَخـبٌ هـواءُ
بـأنّ سيوفنـا تركتـكَ عبـدًا
وعبـدَ الـدارِ سادتـها الإِمـاءُ»!!
ليتجد مجد «إبداع فن الفخر» في الدولة الأموية؛ في أشعار جرير:
«أعدَّ اللهُ للشعراء مني
صواعقَ يُخضِعونَ لها الرِقابا»!!
و«الفرزدق»:
«إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنا
بَـيـتـاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ»!!
مروراً إلى شعراء الدولة العباسية الأولى، ومنهم الشاعر أبونواس (قال عنه "الإمام الشافعي": "لولا مجونه لأخذتُ عنه العلم"):
«دَعْ عَـــنْــكَ لَــوْمِــي فَــإِنَّ اللَّــوْمَ إِغْــرَاءُ
وَدَاوِنِــي بِــالَّــتِــي كَــانَــتْ هِــيَ الــدَّاءُ»!!
وفي العصر العباسي الثاني، يتألق فخر شاعرنا «البحتري» بنفسه؛ فيقول:
«أيّهَا الآمِرِي بتَرْكِ التّصَابي
رُمْتَ منّي ما لَيسَ في إمْكاني»!!
وقد تواصل شعر الفخر في الأندلس في قول شعرائها؛ ومنهم «عبد الملك بن هُذيْل»:
«فمنْ يَرُمْ جاهداً إدراكَ منزلتي
فليحكني في النّدىٰ والسّيف والقلمِ»!!
واستمر مدد «فن شعر الفخر»، إلى مطلع القرن الماضي، العشرين؛ في شعر أمير الشعر أحمد شوقي، حافظ إبراهيم (مصر تتحدث عن نفسها)، وشعر الشابي «كما رأينا في قصيدة الشابي التي ذكرنا مطلعها وخاتمتها»، كما سنقدمها كاملةً في نهاية «رؤية نقدية» بعد العرض لرائعة «القس إيليا» العصماء، في بعث «وسام الفخر»، وبعد ما يقرب الآن من 100 عام على آخر القصائد فيه.
عـــودة
****** إلى قصيدة: «قُلتُهَــــــــــا يَوْمَــــــــاً»!
*****************************
عاجلنا الشاعر، ومن أولى لحظات قصيدته؛ بأنه سبق وأن قال، ربما بـ«الفعل» على أرض الواقع وليس فقط بمجرد «القول»؛ كل ما سيقوله لنا؛ ليثير دهشتنا في بدء افتتاح قصيدته حتى نسعى للتعرف على ما سيقوله لنا، وليؤكد من ناحيةأخرى أن ما سيقوله هو «قوله الثابت»، باعتباره مبدأه الراسخ؛ فقد بادءنا بقوله:
«قلتُها يومًا : أنا لا أُهزَمُ
ونشيدي صارخٌ لا يُكتَمُ»!!
وينطلق إثر ذلك في إبلاغنا أسباب قصيدته؛ فما أشعلَه لن ينطفيء، وما أطفأه لن يشتعل أبداً، وأن من أبعده عن موطنه النوراني- النجمة (يقصد: "سورية" مهاجراً للإقامة في "ألمانيا") -لن يطال هو نفسه من بعده أي نجوم في أرضه ووطنه؛ فيقول:
«والّذي أوقدتُهُ متّقِدٌ
والّذي أطفأتُ لا يضطرمُ
والّذي عن نجمتي أبعدَني
قد تناءت عن سماهُ أنجمُ»!!
غير أنه رغم ما شعر به من آلام «الإبعاد» لا يزال يمشي بقدميه على أرصفة مدينته، مبتسماً، لأن وطنه يسكن في قلبه من قبل أن يسكن هو في وطنه (قمة الوطنية الحقيقية والجمال التعبيري الشعري)؛ فيقول:
«لمْ أزلْ أمشي على أرصفتي
ما هَوَتْ ليْ في مسيري قَدَمُ
وأنا ما زالَ ثرًّا بيدري
وشِفاهي لمْ تَزلْ تبتسمُ»!!
بيدر: جُرْن؛ موضع يُجمع فيه القمح ونحوُه ويُدرَس بالنورج (معجم المعاني الجامع)..
ورغم البعد لا يزال في وجوده «الوجودي» الواعي المستنير يحرس حدود بلاده، فلا يستطيع أحد أن يغزوها من خلاله (أو يمسها أمامه بأقل سوء، ولو بالكلام):
«وتُخومِي لمْ أزلْ أحرسُها
مَنْ أتاها غازيًا لا يَسْلَمُ»!!
ويفتخر الشاعر بحريته في كل مكان يعيش فيه، داخل أو خارج بلده، ولأنه في كل الاحوال منتصر بحريته فإن راية النصر ترتفع له في كل حروبه لأنها عادلة؛ فيضيف:
«عشتُ حرًّا لمْ تحاصَرْ لفظتي
وعلا ليْ في حروبي علَمُ»!!
وببلاغته الفلسفية الراشدة يقدم لنا فلسفته الخاصة في الحياة؛ فيقول:
«أنا مَنْ صغتُ زمانيْ دفترًا
فيهِ ما زلتُ بلوني أرسمُ
أطردُ السُّرّاقَ عن داليتي
وحصًى وجهَ الدّياجي أرجمُ»!!
السُرَّق: هم اللصوص، والدالية: حقول تُسقى بالدلو أو بالناعورة (الساقية)، أو هو عنبٌ أَسود غير حالك، وعناقيده أعظم العناقيد كلها، يُصنع منه الزبيب..
وهاهو يحصد في كل وقت ثمار حريته، في انطلاق قوافيه على سجيتها وهواها، فتنتشر اغاريدُها في كل مكان؛ دلالة استمتاعه بحريته وإمتاعه بحريته الآخرين:
«لمْ تزلْ قافيتي راقصةً
صوتُها في كلِّ سمْعٍ نغمُ»!!
وفوق ذلك فإن كنوزه/ أشعاره باتت مطلوبة، أو زاد اللب عليها عندما أصبح ينعم بالحرية الكاملة؛ لأن قصائده حقيقية، ليست زائفة، ولا مصطنعة، وتؤثر في كل القلوب؛ فيقول:
و«كنوزي لمْ تزلْ مطلوبةً
وأنا للزَّيفِ لا أستسلمُ»!!
وفوق ذلك يعيش البطولة الحقيقية بينه وبين نفسه، وبينه وبين أحبائه وعشاق شعره؛ بعد أن ذاق جمال الحرية وأذاقها للآخرين بأشعاره التي تنادي بالحرية، وترفض الاستسلام للقهر والتعسف؛ مفتخراً في نهاية أغرودته بأنه لم يصنع بطولته بالعنف وإنما بالكلمات وحدها؛ فسلاحه هو الشعر؛ واصفاً كل ذلك في بيت الختام:
«بطلًا أحيا وفوزي دائمٌ
وسلاحي كلماتٌ وفمُ»!!
*****
حقاً؛ هو «بطل»، وما كان له أن يُعبِّر عن هذه التجربة الشعرية الحياتية لــ«بطولته النضالية» في سبيل حريته؛ إلا بتمسكه بالأصالة وإبداعه العبقري لجديد «فن الفخر» العروبي الآن، ليصبح، ربما من حيث لا يقصد، ولا حتى يريد:«رائداً حقيقياً» لبعث أحد فنون الأصالة العربية العريقة!
ربما يصف- بعض من لا يعلمون- وما أكثرهم في أيامنا هذه؛ شعراءَ «فن الفخر»بـالـ«شَخْصَنة»، أو «النرجسية»، أو حتى بنوع من اضطراب الشخصية (وقد شاعت مفاهيم سيكلوچية خاطئة كثيرة «يتتعتع» بها كثيرون لا يدركون معناها)!!
بينما الفخر- وقد تطور مفهومه في عصرنا الحديث- يجب عدم النظر إليه- من بعض سادتنا النقاد- إلا على أنه «تأكيد للذات» و«تقدير» لها، بالمفهوم السيكلوچي الصحيح؛ بما يمنح القدرة على «التحدي»، ومواجهة الإحباطات المختلفة في شتي مجالات الحياة؛ وبما يمنحنا الثقة والأمان الضرورين للتمكن من التعبير عن أنفسنا بحرية، والإبداع في إنتاجنا، ولنا أن نتوقع ما يمكن أن يحدث لجماهيرنا من «طفرة معرفية إنتاجية» عندما يشيع هذا المفهوم بين شعرائنا الأفذاذ؛ لينتشر بين العامة كلهم!!
إننا أصبحنا لا نفتخر كثيراً حتى بأنفسنا، فيما يتهمنا الغرب بأننا نعيش حالة من «الصمت العربي»، بينما هو نفسه الذي نجح في حصارنا داخل بيوتنا أمام شاسات التليفزيون والموبايلات!!
والحل: لابد وأن نفتخر بأنفسنا، وبرموزنا، وببلادنا؛ بدءاً بقصائد الشعر؛ بدلاً من أن نضطر- لا قدَّر الله مستقبلاً أو ربما من الآن- لعلاج معرفي سلوكي يعيد لنا احترامنا لأنفسنا، وتقدير الذات؛ وهو ما يبدو أن أجدادنا قد فهموه قبلنا، وقبل العالم؛ بإبداعهم «فن الفخر» في شعرنا العربي!!
حقاً؛ وبالتأكيد: كل الشكر للقس المبدع چوزيف إيليا، شاعر العروبة المبدع "المجدد" الكبير على رائعته الشعرية: «قلتُها يوماً»؛ التي «وشوشتني» بكل ذلك؛ وأمنيتي أن «توشوش» آخرين بما هو أكثر وأعمق!!
༺༺༺༻༻༻
🌹قصيــــــــدة:🌹
•••••••••••••••
قـلـتُـهـــا يـومًــــا!!
**************
شـعــر/ القس چوزيف إيليا
«قلتُها يومًا : أنا لا أُهزَمُ
ونشيدي صارخٌ لا يُكتَمُ
والّذي أوقدتُهُ متّقِدٌ
والّذي أطفأتُ لا يضطرمُ
والّذي عن نجمتي أبعدَني
قد تناءت عن سماهُ أنجمُ
لمْ أزلْ أمشي على أرصفتي
ما هوت ليْ في مسيري قَدَمُ
وأنا ما زالَ ثرًّا بيدري
وشفاهي لمْ تزلْ تبتسمُ
وتخومي لمْ أزلْ أحرسُها
مَنْ أتاها غازيًا لا يَسْلَمُ
عشتُ حرًّا لمْ تحاصَرْ لفظتي
وعلا ليْ في حروبي علَمُ
أنا مَنْ صغتُ زمانيْ دفترًا
فيهِ ما زلتُ بلوني أرسمُ
أطردُ السُّرّاقَ عن داليتي
وحصًى وجهَ الدّياجي أرجمُ
لمْ تزلْ قافيتي راقصةً
صوتُها في كلِّ سمْعٍ نغمُ
وكنوزي لمْ تزلْ مطلوبةً
وأنا للزَّيفِ لا أستسلمُ
بطلًا أحيا وفوزي دائمٌ
وسلاحي كلماتٌ وفمُ»!!
---
القس چوزيف إيليا
١٤ / ٥ / ٢٠٢٤
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
🌹قصيــــــدة:🌹
•••••••••••••••
سأعيش رغم الداء والأعداء!!
***************
شعـر/ أبو القاسم الشابي
«سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ
كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً
بالسُّحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ
لا أرْمقُ الظِّلَّ الكئيبَ ولا أرَى
مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّوداءِ
وأَسيرُ في دُنيا المَشَاعرِ حالِماً
غَرِداً وتلكَ سَعادةُ الشعَراءِ
أُصْغي لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِها
وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَائي
وأُصيخُ للصَّوتِ الإِلهيِّ الَّذي
يُحْيي بقلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقولُ للقَدَرِ الَّذي لا ينثني
عَنْ حَرْبِ آمالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهبَ المؤجَّجَ في دمي
موجُ الأسى وعواصفُ الأَزراءِ
فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فانَّهُ
سيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكا
وضراعَة الأَطفالِ والضّعفاءِ
ويعيشُ جبَّاراً يحدِّق دائماً
بالفجر بالفجرِ الجميلِ النَّائي
املأْ طريقي بالمخاوفِ والدُّجى
وزوابعِ الأَشواكِ والحصباءِ
وانْشر عليه الرُّعب وانثر فوقه
رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأساءِ
سَأَظلُّ أمشي رغمَ ذلك عازفاً
قيثارتي مترنِّماً بغنائي
أَمشي بروحٍ حالمٍ متَوَهِّجٍ
في ظُلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّور في قلبي وبينَ جوانحي
فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنا النَّايُ الَّذي لا تنتهي
أنغامُهُ ما دام في الأَحياءِ
وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ليس تزيدُهُ
إلاَّ حياةً سَطْوةُ الأَنواءِ
أمَّا إِذا خمدت حياتي وانقضى
عُمُري وأخرسَتِ المنيَّةُ نائي
وخبا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي
قد عاش مِثْلَ الشُّعْلَةِ الحمراءِ
فأنا السَّعيد بأنَّني مُتحوِّلٌ
عن عالمِ الآثامِ والبغضاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
وأرتوي من مَنْهَلِ الأَضواءِ
وأَقولُ للجَمْعِ الَّذين تجشَّموا
هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأَشواكِ ظلِّيَ هامِداً
فتخيَّلوا أَنِّي قضيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما
وجدوا ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضَوْا يَمُدُّونَ الخُوَانَ ليأكلوا
لحمي ويرتشفوا عليه دِمائي
إنِّي أقولُ لهمْ ووجهي مُشرقٌ
وعلى شفاهي بَسْمَةُ استهزاءِ
إنَّ المعاوِلَ لا تَهُدُّ مناكبي
والنَّارَ لا تأتي على أعضائي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا
يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
وإذا تمرَّدتِ العَواصفُ وانتشى
بالهولِ قلْبُ القبَّةِ الزَّرقاءِ
ورأيتموني طائراً مترنِّماً
فوقَ الزَّوابعِ في الفَضاءِ النَّائي
فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا
خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ
وهناكَ في أمنِ البيوتِ تطارحوا
غَثَّ الحديثِ وميِّتَ الآراءِ
وترنَّموا ما شئتمُ بِشَتَائمي
وتجاهَروا ما شئتمُ بعِدائي
أمَّا أنا فأُجيبكمْ مِنْ فوقكمْ
والشَّمسُ والشَّفقُ الجميل إزائي
مَنْ جَاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه
لم يحتفل بحِجَارةِ الفُلَتَاءِ»!!
------------------------------------------------------------
(فجر الأربعاء: 15/5/2024)
༺༺༺༻༻༻
تعليقات
إرسال تعليق