همسة عاجلة للناقد غازي الموسوي لنص (وراء الشعر)للشاعر جلال عباس
شكرا جريدة (الاتحاد الثقافي) التي تصدر عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق .. عدد مايس 2024
شكرا للأديب عبدالامير المجر وكادر تحريرها المبدع…
همسة عاجلة لنص ( راء الشعر ) للشاعر جلال عباس
غازي ابو طبيخ الموسوي
راء الشعر
اليوم حدثني
الغيم المجنون بكل صراحة
عن شعري
وصاحبني في نزهة حنين
يوسوس في كل جهات الشعر
دع دهشتك ...
هذا نصك
لا يعوم في بحور الشعر !
البحر جعلني
احمل حرفي على كتفي همًّا
وأغطيه بآهات منثورة
خوفا من صفعات النقد
أكتب الأشياء نثرا
قد صار من حقي..
أن ابحث عن راء الشعر
كي ارسم بها ملامحي
واطلب العون من قصيدة
لسعدي يوسف ، وديع سعادة ، سركون بولص
تعرف تفاصيل مهنة الشاعر
وتحد صبابتي على حدود تضاريس وطن
تفرقت خيوله على فلول النص .
حفزتني تساؤلات الشاعر جلال عباس وقلقه الشرعي عبر النص اعلاه على أن أكتب هذه الهمسة النقدية فأقول:
،،،
على شاعرِ النثر أنْ يكونَ باحثًا مُفَكّرًا وربّما رائيًا.. وإلّا فسيفقد ضرورته التي نشأ من أجلها..
فبهذه الثيمات وصل من تفضلت بذكرهم إلى الوقار الفني المنشود يا كابتن جلال..
وها انت تطلب المدد من بعضهم بوعي كبير..
وفي الواقع لقد أحسنت الاختيار، فهم أحق بالاقتداء من النقاد المتنطعين!!..
لا تستغرب.. خاصة في هذا الزمن المريب، الذي كثر فيه الطارئون، في جانب،
ولأنّ رواد النثر المتحققين شرقًا وغربًا قد تمكنوا من صياغة خارطة الطريق المثلى على مستوى التنظير والتطبيق في جانب آخر..
ولقد كانت دعوات الماغوط وناظم حكمت صريحة إلى ضرورة استيعاب اليومي الشديد الإرتباط بحيوات الناس ،معتقدين ان قصيدة النثر نشات اصلًا لهذا الغرض، باعتبارها تعبيرًا عن الإنسانية الطيبة.. وهذا بالذات ما لم ينتبه اليه الداعون الى السياقات الرومانسية والبرناسية التي تهتم كثيرًا بالمباني المتخيلة ،بعيدًا عن الهم الإنساني الواقعي.
من هنا انصب اهتمام شعراء النثر على اليومي، بما يجعله مرآة واقعية صادقة تحكي مجريات الحياة لتخلق ضمنيًّا نوعًا من التنوير والتثوير باعتبارهما الغاية التي يجب على شعراء قصيدة النثر التركيز عليها..
وهكذا كان على جميع المشتغلين على هذا الطراز الشعري الحداثي المهم ان يفرقوا بين قصيدة النثر ( الكثيفة المدهشة الشفيفة كالماء الغامضة كالماس) ،وبين النثر الشعري الذي مال إلى الشرح والإطالة والإستطراد، والذي شاع وكثر هذه الأيام ،خاصة في هذا الفضاء الأزرق.. ولسنا بهذا التشخيص نقصد الاعتراض، وإنما نقصد التمييز ،والأمر بعد ذلك متروك لاختيار الشاعر..(وكل في فلك يسبحون)..
ولكننا نحرص على الحفاظ على النوع حذرًا من المغادرة إلى ما لا يمت بصلة اصلًا، وهذا ما لفت نظرنا محوريًّا في نصّكم الحميم عزيزنا الكابتن جلال عباس
نعلم إنه نص هطل مرتجلًا كالمزنة الماطرة، استجابة لمشاعر وتساؤلات مرت عليك في لحظة البوح الشعري الراهنة.. ولكن ذلك بالتحديد هو الذي ارتفع بالنص الى درجة من المصداقية ،قد لا تبلغها النصوص المغرقة في الاغراض البلاغية والانزياحات المتكلفة..
وكم كنت واعيًا نقديًّا حين قلت قبل اي ناقد :
(هذا نصك
لا يعوم في بحور الشعر !
البحر جعلني
احمل حرفي على كتفي همًّا
وأغطيه بآهات منثورة
خوفا من صفعات النقد )..
وكان على كل من يقرأ النص ان يدرك انك سبقته في التشخيص ،واعلنت غايتك من البوح قبله بكثير..
كما ونعلم من خلال منجزك الذي اطلعنا عليه انك قادر على انجاز الكثير من النصوص المكتنزة بالصور الجمالية البليغة. .ولكنك اردته هكذا بوحًا عاريًا صادحًا مفعمًا بمشاعر المرارة والعتب والإدانة والاحتجاج بلغة مباشرة غايتك منها ايصال رسالة سريعة إلى كل من
يهمه الأمر..
وذلك هو سر استجابتنا العاجلة.
تعليقات
إرسال تعليق