بيعة الغدير: الشاعر د. مهندع صقور
إلى النَّبَأِ الهَادِي , والآيَةِ العُظمَى , إلى مَنْ قَالَ فيهِ سَيِّدُ الأنبياءِ وَخاتَمُ المُرسَلين : ( مَنْ كُنتُ مولاهُ فَهذا عَليٌّ مولاهُ , اللهُمّ والِ مَنْ والاهُ وَعَادِ مَنْ عَاداهُ , وانصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخذلْ مَنْ خَذَلهُ , وَأدِرِ الحقَّ مَعهُ حيثُ دار ) وَقَالَ أيضَاً : ( مَنْ أحَبَّ عَلِيَّاً فَقَد أحَبَّني , وَمَنْ أحَبَّني فَقَد أحبَّ الله ) , إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليّ بن أبي طالِبٍ كرَّم اللهُ وَجهَهُ في عيدِهِ الأغَرِّ , إليهِ في يَومِ غَديرِهِ , رُزِقنا شَفاعَتهُ ورِضَاه
============== ( يَا صَاحِبَ الحَقِّ السَّليب)
يَا سَيِّدَ الجُرحِ النَّبِيِّ الأنبَلِ
================ وَمُتَرجِمَ المَعنَى العَصِيِّ الأمثَلِ
وَالبَاعِثَ ( الضَّادِ ) الخَصيبَةِ صَرخَةً
============== في الكَونِ تَهتِفُ لا فَتَى إلاَّ ( عَلي)
الكِلْمَةُ الحُبْلى التِي أولَدتَهَا
============== (إسمَاً بِحَرفِ الفِعلِ ) نُورَاً يَنجَلي
النَّحوُ فَلسَفَهَا , وَأكمَلَ صَرفَهَا
================= (دُؤَلِيُّ) عَصرِ بِالجَهَالَةِ مُثقَلِ
بِالمَاءِ عَمَّدَهَا فَقَالَ : ( مَسيحُهَا )
================ هَذَا دَمِي المَطلولَ عَرِّجْ وَانزُلِ
جَسَدي نَخيلُ العَابِرينَ لِبَيعَةٍ
================= بِغَدِيرِهَا خُتِمَتْ رِسَالَةُ مُرسَلِ
وَالنِّعمَة الغَرَّاء تَمَّتْ وَانجَلَى
============= وَهجُ الصَّليبِ بِرُطبِ ( مَريَمَ ) يَا وَلي
يَا يَومَ ( خُمٍّ ) أيّ يَومٍ لم يَكُنْ
================ فيهِ الوَلاءُ يُبَايِعُ المَولَى العَلي.؟
( مَنْ كُنتُ ) فَلسَفَةٌ وَشِفرَةُ ( خُمِّها)
=============== ( الثَّقَلانِ) فَاسجُد يَا وُجُودُ وسَبحِلِ
( كَرْبي بَلائِي) شِفرَةٌ لم يَدرِهَا
================= إلاَّ ( الحُسَينُ ) فَيَا بَلاغَةُ هَلِّلي
هَذَا صَليبي ! النَّزفُ أخصَبَ رَملَهُ
================ هَذَا نَخيلي الرَّطبُ رَطبُ تَوسُّلي
( لاءُ ) الحُسَينِ أقَامَ فَرضَ صَلاتِهَا
================ جَدِّي ( الفَرَزدَقُ ) لِلعُفَاةِ بِمَحفِلِ
في مَوسِمٍ لِلحَجِّ أصمَى وَقعُهَا
============== السِّتَّ الجِهَاتِ فَيَا عَواصِفُ جَلجِلي
وَيَا قَصَائِدُ بِالولاءِ ادَّثَّرِي
=================== وَيَا مَشَاعِرُ بِاليَقينِ ازَّمَّلي
وَيَا عَوَالِمَ جِنِّ أفلاكِ السَّمَا
================ خِيطي لهَا بُرُدَ الحَقيقَةِ وَاغزِلي
فَالصَّلبُ عَينُ النَّحرِ شِفرَةُ خَالِقٍ
=================== طَرَفَا مُعَادَلَةٍ , وَسِفرُ تَأمُّلِ
وَالنَّحرُ فَلسَفَةٌ تَعَذَّرَ كَشفُهَا
================= وَبِهَا (أرسطُو) جُرحُهُ لم يُدمَلِ
مِنْ قَبلُ ( سُقرَاطٌ ) تَجَرَّعَ سُمَّهَا
================== كَيمَا يَكونَ عَنِ الهَوامِ بِمَعزلِ
( لاءٌ ) تَقَحَّمَتِ المُحَالَ هُويَّةً
================= وَغَدَتْ وَصيَّةَ سَابِقينَ لِمنْ يَلي
وأنَا الوَضَعتُ عَلى جِرَاحي مِلحَهَا
================= وَوَقَفتُ أصرُخُ يَا جِرَاحِي عَلِّلي
سِرَّ النَّزيفِ وَلِلنَّزيفِ حِكَايَةٌ
================ قَصُرتْ عُقُولٌ عَنْ مُعَمَّاهَا الجَلي
وَ( دَرَيتَ ) لَمْ أدْرِ وَحَقِّكَ هَا أنَا
================= خَضَّبتُ مِنْ جُرحِ الإمَامَةِ أنمُلي
============= ***
يَا صَاحِبِ الحَقِّ السَّليبِ بِأُمَّةٍ
=================== بَاعَتكَ يَا بَدرَ اليَقينِ بِخَردَلِ
هِيَ أُمَّةٌ أمَةٌ تَكَشَّفَ عُريُهَا
================== وغَدَتْ غَوايَةَ سَاذَجينَ وَجُهَّلِ
عَقَدَتْ مَعَ الشَّيطَانِ عَقدَ قِرَانِهَا
================== وَإذا بِهِ المولُودُ : أرزَلُ أرزَلِ
هِيَ أُمّةٌ مُذْ كُوِّنَتْ مَلعُونَةٌ
================== نَزَلَتْ مِنَ التَّاريخِ أقبَحَ مَنزِلِ
هِيَ أُمَّةٌ ( هِندٌ ) أميرَةُ عَرشِهَا
================== وَقُرَيشُ تَحرِسُ عَرشَها بِتَذلُّلِ
هِيَ أُمَّةٌ عَمَّ البَغَاءُ بِنَاسِهَا
================= وَغَدَا التِزامُ الحَقّ مَحضَ تَطَفُّلِ
نَفَثَتْ عَلى الهَمَلِ الرُّعَاعِ سَقيفَةً
================ وَالنَّارُ تَلظَى في الجُمُوعِ كَمِرجَلِ
الغَازِلُونَ مِنَ السَّقيفَةِ بِدعَةً
================ ( شُورَى ) وَنَارُ الإفكِ لَمَّا تَنجَلِ
هِيَ عَورَةٌ قَدْ أتبَعُوهَا عَورَةً
=============== دَارَتْ عَلى الهَمَجِ الرَّعَاعِ كَمِغزَلِ
============== ***
يَا مَنْ تَظُنُّونَ الغَديرَ خُرَافَةً
=================== وَتُؤَوِّلونَ النَّصَ شَرَّ مُؤوَّلِ
فَبِهِ الأحَادِيثُ الصِّحَاحُ تَواتَرَتْ
================= عَنْ صَادِقٍ في نَهجِهِ مُستَرسِلِ
نَهجُ البَلاغَةِ حُجَّةُ اللهِ التي
================== صَقَلَتْ عُقُولَ النَّابِهينَ الكُمَّلِ
نَهجُ البَلاغَةِ مَنْ بِهِ كُشِفَ الغَطَا
================= عَنْ فِقهِ أسرَارِ الوجودِ المُعضِلِ
سِفرٌ بِهِ حَفِظَ الإلَهُ كِتَابَهُ
=================== مِنْ جَهلِ شُرَّاحٍ وَوَهمِ تَمَحُّلِ
سِفرٌ بِهِ خَطَّ الوَصِيُّ بَيَانَهُ
================== فَغَدا سِنَاني في الحَيَاةِ وَفَيصَلي
وَبِهِ البَلاغَةُ أشرَعَتْ أبوَابَهَا
====================== لِلدَّاخِلينَ بِلاطَهَا بِتَجَمُّلِ
وَعَلى شَواطِئِهِ الرِّحَابِ وَطُهرِهَا
================= سَجدَ الزَّمَانُ يصيحُ عَفوكَ يَا عَلي
فَيَا عَبَاقِرَ أُمَّةٍ مَرحُومَةٍ
===================== هَاكُم قَصيدَةَ شَاعِرٍ مُتَبَتِّلِ
(مَنْ كُنتُ ) : (صَدرُ) وَلائِهَا وَبَيَانِهَا
=============== وَ( العَجزُ ) عَرَّضَ بِـ (الكُمَيتِ وَدِعبِلِ)
================ ***
هُوذَا (الغَدِيرُ ) فَبُلَّ قَلبِي يَا (عَلي)
=================== مِنْ عَذبِ كَوثَرِهِ النَّميرِ السَّلسَل
هُوَذَا (الغَدِيرُ ) وَبَيعَةٌ دَانَ المَدى
=================== لإمَامِهَا الرَّحبِ البَطِينِ الأعبَلِ
هِيَ بَيعَةٌ أزَلِيَّةٌ وَجَبينُهَا
==================== يَزهُو بِبَسمَلَةِ الكِتَابِ المُنزَلِ
جَاءَتْ تُفَلسِفُهُ الوَلاءَ شَفيفَةً
================= بِـ ( بَلَى) وَتهتِفُ بِالإِجَابَةِ مِنْ عَلِ :
يَا سَيِّدَ الجُرْحِ الرَّسُولِ وَكَيفَ لي
================== إدرَاكَ فَلسَفَةِ الجِرَاحِ وَأنَّى لي ؟
مِنْ أينَ أبدَؤهَا القَصيدَةَ وَالرُّؤى
================== مَحمُومَةُ الأنفَاسِ تَصرَخُ يَا هَلِي
لم يَبقَ فِي القِندِيلِ زَيتُ صَبَابَةٍ
=================== يَحظَى بِهِ القَلبُ العَليلُ بِمَأمَلِ
وَالرَّملُ مِنْ بَرْدٍ يَئِنُّ وَمِنْ ظَماً
================== وَالنَّخلُ يَشكو عَسفَ حَدٍّ المِنجَلِ
وَهُنَاكَ مَا بَينَ الدَّوَاةِ وَحِبرِهَا
==================== طُوفَانُ نَزفٍ بِالصَّبَابَةِ يَغتَلِي
أموَاجُهُ نِيرَانُ قَلبٍ شَاعِرٍ
================== عَن نَزفِ وَحي رُؤَاكَ لم يَتَحَوَّلِ
وَالحَرفُ تَحرقُهُ انتِفَاضَةُ حِبرِهِ
================== ضَاقَتْ بِهُ الفُصحَى وَلَم يَتَمَلمَلِ
هَبني مِنَ المِشكَاةِ ضَوءَ تَصَوُّفٍ
================== وَبِأعذب النَّفَحَاتِ أسعِفْ مِقوَلي
مَزِّق عَنِ الشَّفَةِ الجُمُودَ وَبُثَّهَا
===================== لغَةً تُمَزِّقُ وَهمَ كُلِّ مُضَلِّلِ
لُغَةً بِهَا يَغدُو البَيَانُ فَرَائِدَاً
==================== تَستَشرِفُ الآتي بِآتٍ أفضَلِ
لأصُوغَ مِنْ جُرحِي الطَّرِيِّ قَصيدَةً
=================== تَختَالُ في حُللِ الضِّيَاءِ الأكمَلِ
تَقضي بِهَا الحُورُ الحِسَانُ فُرُوضََهَا
==================== فَوقَ الثُّرَيَّا وَالسِّمَاكِ الأعزَلِ
ألقَى ( إلهُ الشِّعرِ ) في مِحرَابِهَا
===================== سِفرَ الولاءِ , وَخَطَّهُ بِتَبَتُّلِ
وَأنَا المَشَيتُ عَلى طَريقٍ خَطَّهُ
==================== بِالأُحجِيَاتِ الحَادِيَاتِ تَرَحُّلِي
أمرَ الإمَامُ فَسِرتُ رُوحِي نَاقَتي
=================== وَأتَيتُ صَرحَكَ يَا إمَامِي فَاقبَلِ
شِعر المُحتَسِبِ
د . مُهَنَّد ع صَقُّور
2024/6/23
18/ذي الحجّة/ 1445
...................................
تَوضيح
=============== ( بَيعةُ الغدير )
في الثّامِن عشر مِنْ ذي الحجة , وهي البيعةُ التي بَايعَ بها رسولُ الله الإمامَ عليّ ابن أبي طالب ونصبهُ إماماً ووصيَّاً وخليفَةً وأميراً للمؤمنين بقولهِ الفصل ( مَنْ كُنتُ مولاهُ فَهذا عليّ مولاهُ , اللهُمّ والِ مَنْ والاه , وَعادِ مَنْ عَادَاه , وَانصُرْ مَنْ نَصَرَهُ , وَاخذلْ مَنْ خَذَلهُ , وَأدرْ الحقّ معهُ حيثُ دار ) وشَهدَ هذهِ البيعَةَ سبعونَ ألفاً مِنَ المُسلمين , وكانَ أوّل مَنْ بَايعَ بعد الرّسول أبو بكر وعمر وعُثمان رضي الله عنهم , ولقد أكّدَها عُمرُ رضي الله عنه بقولهِ الشّهير ( بخٍ بَخٍ لكَ يا ابن أبي طالب , لقد أصبحتَ مولايَ ومولى كلّ مسلم ومُسلمة ) , وَقبلَ انصرافِ القومِ أوحَى اللهُ سُبحانهُ لرَسُولِهِ أنْ ( اليَومَ أكمَلتُ لَكُمْ دِينَكُم وَأتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلامَ دِينَا ) وقد وَثَّق بَيعَة الغدير ورَواها أصحابُ المصادرُ التّالية :
الفخر الرّازي في تفسيرهِ الكبير مفاتيح الغيب , الثّعلبيّ في كشفِ البيانِ , السّيوطيّ في الدّرّ المنثور , الطّبري في تفسيرهِ الكبير , البُخاري في تاريخهِ ج1/ ص 357, مُسلم بنُ الحجّاج في صَحيحهِ ج2/ص325 , أبو داؤود السّجستاني في سُنَنهِ شرح ( يَا أيُّها الرّسولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إليكَ , الترمذي في سُنَنهِ , ابنُ كثير الدّمشقيّ في تاريخهِ , أحمد بن حنبل في سُنَنهِ ج4/ص281, أبو حامد الغزالي في سرّ العالمين , ابن عبد البرّ في الاستيعاب , ابن طلحة الشّافعيّ في مطالب السؤول , ابنُ المغازلي في المَنَاقب , ابنُ الصَّباغ المالكي في الفصول المُهمّة ص24 , الخطيبُ الخوارِميُّ , الحافِظُ النِّسَائِيّ في الخَصَائِصِ والسُّنَن , القندوزي في يَنَابيعِ المودّةِ , ابن حجر في الصَّواعِقِ المُحرِقَةِ , الحَاكمُ النّيسَابُوريّ في المُستَدرك , ابنُ الأثير في أُسُدُ الغَابة , سبطُ ابنُ الجوزيّ في تَذكِرَةِ خَوّاصّ الأُمّة , ابنُ عبدِ ربّه في العِقدِ الفريد , ابنُ تيميّة في مِنهاجِ السّنّةِ , ابنُ حجر العسقلاني في ربيعِ الأبرارِ , العلامَةُ النّووي في تهذيبِ الأسماءِ واللغات , الحموينيّ في فرائِدِ السّمطين , الشّهرستَاني في المِللِ والنّحَلِ , ابنُ عساكر في تاريخهِ الكبير , ابنُ أبي الحديد المُعتزليّ في شرحِ نهجِ البَلاغَة , ابنُ خلدون في المُقدّمة , المُتّقي الهنديّ في كنزِ العُمال , الجرجَاني في شرحِ المواقفِ , وغيرها الكثيرُ الكثير مِنَ المصادرِ المُعتَمَدَةِ لدى إخوانِنا أهلّ السُّنّة
تعليقات
إرسال تعليق