PNGHunt-com-2

صارحتني : الكاتبة السورية نداء حسين

صارحَتني ..

حين أمسكتُ القلم للمرة الأولى  ، كتبتُ كلمة ( وطن ) ..
كان الوطن في عيني هو أصائص الورد التي زرعتها أمي على سطح منزلنا ، سقتها بعناية و حادّثتها كما تحادث صديقتها المقربة ..
تلك الطفلة الشقراء الحالمة ، كتبت الوطن كما زرعته أمها ..
أحبته كما أحبت أمها ..
حين رأيتُ أبي يعمّر حدود السطح بالحجارة الإسمنتية ، سألته :
- ماهذا ؟
أجاب :
- إنه سورٌ يحميكِ و إخوتك من السقوط ..ويمنع عنكم أخطار الخارج و مايأتي عبره من شرور ..
سألته :
-  ، هل السور وطن ؟؟
ضحك أبي وقال :
- نعم ياطفلتي ..السور  وطن ..
سهرنا مساءً على سطح منزلنا ، قرب ورود  أمي ..
أحضر أخي العود ، وبدأ يعزف ..
غنينا سوياً  ، كنت أحاول رفع صوتي بالغناء لكنّني لم أنطق كلمات الأغاني بالطريقة الصحيحة أبدأ  ..
وكثيراً ماأعاد إخوتي كلماتي و ضحكوا ، كنت أضحك معهم دون أن أعرف السبب .
حين أوقفوا الغناء قلت لهم :
- الغناء جميل ، فهل الغناء وطن ؟
ضحكوا وقالوا :
- نعم ...الغناء وطن و الموسيقى وطنٌ أيضاً  ..
فرشت لنا أمي الفُرُشَ على سطح منزلنا  ،  دثرتنا بالأغطية ، راقبنا ضوء القمر ، أنار ضوءُه الليل ، وقبل أن أفتح فمي ، سبقوني إلى السؤال  :
- هذا القمر جميل ، فهل القمر وطن ..؟؟
ضحكوا ...ضحكتُ معهم ثم بكيت ...
احتضنتني أمي قائلةً :
- نعم يابنيتي ..إن القمر وطن ..لاتغضبي من إخوتك فالإخوة أيضأ وطن ..
نظرت نحو إخوتي ، تظهر وجوههم تحت الأغطية ، نائمةً ، غافيةً ، مضيئةً بنور القمر ...قلت لها : أحبهم ..
فأجابت : أحسنت يابنيتي ...فالحب وطن
من يومها عرفت أن الوطن أمٌّ و أبٌ وقمرٌ و أرضٌ وموسيقى  و إخوةٌ و سور ..
و أن كل ماهو جميل في الحياة ....يُدعى وطن .....
......................................... ..........

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي