PNGHunt-com-2

النبر في الإستفهام : الناقد العراقي كريم القاسم

(( أخي القاريء الكريم : لستَ مُجبَراً على التعليق ، إقرأ فقط .. الغاية هي تعميم الفائدة .. إحترامي وتقديري))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(النَبرُ في الاستفهام)
____________________
الاستفهام لغةً:
معناه طلب الإفهام .
ومرادف كلمة إستفهام هو ألاستعلام أو ألاستخبار.
وهو اسلوب يستخدمه السائل لمعرفة مايجهله ، فيستفهم عن ذلك بجُمَلٍ  او عباراتٍ انشائية طلبية ،مستعملاً ادوات استفهامية بما يناسب المجهول المراد معرفته.

* وعادة عندما نطلب الاستفهام عن شيءٍما ، نأتي بأداة استفهام قبل جملة الطَلَب، ثم نختم الجملة بعلامة ترقيم (؟) وهي علامة تدل على الاستفهام ايضا.
* ولكن هل يوجد في كلام العرب عبارات خالية من ادوات الاستفهام وفيها دلالة طلب إستفهام ؟

* جاء في كتاب (ليس في كلام العرب) لابن خالويه ، باب ١٧١ ص ٣٥٠ مايلي :
ليس في كلام العرب الف استفهام حُذِفَتْ ، ولا دلالة عليها إلا في بيت واحد لابن ابي ربيعه:

(ثم قالوا : تحبها ؟ قلتُ بهرا...
عدد الرمل والحصى والتراب)

*(بهرا) أي ان حُبّها بَهَرَني بهرا ، أي غَلَبني غَلَبة .
ويوجد في هذا البيت الشعري استفهام في (تحبها) وهنا حذفت الف الاستفهام وكان من المفروض (أَتحبها؟)

- رغم إنه قد عيبَ على الشاعر عمر بن ابي ربيعة في هذا البيت الشعري ؛ لكن ينصرف بنا المقال الى تأثير( النَبر الصوتي)في معرفة نوع الجملة؛ خبرية كانت ام استفهامية.
- فالذي يقرأ هذا البيت الشعري ويستخدم نبرة السؤال عند نطق (تحبها) سيفهم المتلقي بأنها عبارة استفهامية حتى لو نُطِقَتْ بدون ألف الاستفهام.
والكلام بين الناس مفهوم معناه من خلال ( النَبْر )وحتى احياناً يكون للـ (إشارة) توضيح وإفهام للمتلقي .
الصوت وحده لايمكن ان يؤدي الى الفهم، بل إذا رافقته (النبرة) أدَّتْ واجبها، لتجعل المتحدثين يفهمون المَرام.
فبإمكان المتحدث إفهام المقابل بالاستفهام الحقيقي او المجازي التعجبي او التهكّمي او حتى التوبيخ.
وهذا مالم تنفرد به لغتنا العربية وحدها بل كل لغات العالم .

قال ابن منظور في ذلك:

" الفَهْمُ : معرفتكَ الشّيء بالقلب ."

- حينما نتحدث بنبرات متغيرة حسب القصد، يفهم السامع ماتريد ، وإلا سيكون المعنى والمراد مبهماً.
وهذا النَبْر لايحتاج الى تعلّم وجهد ومشقة ، إنما هو يجري مجرى السليقة والسَجيّة منذ الطفولة .

فحين نقول :

( أجاء زيد؟)

- هنا لايمكن التعامل مع علامة الاستفهام الا بالنَبْر  الاستفهامي ، ولا داعي لإحضار (ألف الاستفهام)

فيكون الكلام :

( جاء زيد ؟ )

- وقد يؤدي النبر مثلا الى التوبيخ .

فنقول مثلا :

(تترك الصلاة وانت مؤمن ؟)

هنا يَفهم السامع مرادكَ دون ان تستخدم (ألف الاستفهام) مادامت نبرتك توضح الاستفهام والتوبيخ.

وقد يسأل سائل :

هذا مايحدث في النطق والتفاهم الشفاهي ، فماذا نعمل في الكتابة؟

الجواب:

- في الكتابة لايمكن لاية لغة في العالم ان تستثني علامات الترقيم من عباراتها وجملها.
وهذا مادرج عليه الغرب من استخدام علامات الترقيم لافهام القاريء معنى الجملة وغايتها.
لذلك؛ فكل لغات العالم تستخدم علامة الاستفهام (؟) عند كتابة جملة بصيغة سؤال ، فيفهم القاريء مطلبها ومرادها .
ولذلك كانت الكتب القديمة خالية من هذه العلامات، مما جعلتْ المحققين يواجهون صعوبة الفهم وتتبع القصد للعبارات والجمل، وكان الحل الوحيد هو معرفة مراد الجملة من خلال سياق الكلام .

كقول المتنبي:

(أَغايَةُ الدينِ أَن تُحفوا شَوارِبَكُم ...
يا أُمَّةً ضَحِكَت مِن جَهلِها الأُمَمُ)

* هنا فهمنا جملة الطلب الاستفهامية (أَغايَةُ الدينِ أَن تُحفوا شَوارِبَكُم) من خلال وجود ألف الاستفهام  رغم عدم وجود علامة ترقيم استفهامية(؟).

- او كقول الكميت بن زيد:

(طربتُ وما شوقاً إلى البيضِ أطربُ... ولا لعباً منّي وذو الشّيبِ يلعبُ؟)

* وهنا حُذِفَت ألف الاستفهام ، وكان المقصود (أَ وَذو الشيبِ يَلعبُ ؟)

- لقد تم الإفهام الاستفهامي عن طريق النَبْر الصوتي دون وجود الف الاستفهام.

- لكن مالعمل اذا لم يكن سياق الجملة او العبارة يدل على الاستفهام ؟
وهذا مايحدث كثيراً عند التحقيق في الكتب القديمة او عندما يُراد ترجمتها او طباعتها بما يوافق الحديث والجديد.
في هذه الحالة لابد ان يحدث اللبس للقاريء ، ولايمكن له الترجيح بين الجملة الخبرية او الاستفهامية ف، وله الحق هنا اختيار اي الوجهتين مناسبتين للفهم والادراك، وبما يناسب المعنى والمضمون.

* ( احترامي وتقديري )
__________________________________

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي