همسات حب : بقلم الأستاذ كريم القاسم
( هَـمَـساتُ حُـبٍ )
ــــــــــــــــــــــــــــــ
العمرُ فُتات ، والسُنَنُ آيات ، والحبُ سُبات ، إن أيقَضَتْهُ الروحُ هَفَا ، وان هَمَسَ اليهِ القلبُ حَبَا.
نَما فكان كوناً وحياةً ، وشبَّ فصارَ نوراً ومشكاةً . يسري في ثنايا الجسد كالروح ، وينسل منه
فيتركهُ طائرا مذبوح . عظيمُ الثقلِ ، خفيف الظل . يُطرِبُ النفوس ، ويغلب الناموس . يطيرُ بكَ
فوق الغَمام ، ويُرقِصُك مِن غيرِ أنغام . ليلهُ لحظات ، ونهارهُ ساعات . إن أصدَقْتَهُ أربى ونَمى،
وإن أكذَبْتَه ذبُلَ وذوى . جريءٌ صريح ، نقيٌّ قريح . هو الحبُّ جوهرة الوجود ، ويبقى الهدف
المنشود ، فإذا غاصَ في الفؤاد واعتصرَ الاكباد ، باتَ النَـفَـسُ مقطوعا ، والحال مفجوعا ،
فيُحيل صاحبه الى جسدٍ نحيل ، ويُحيل القلبَ الى كائنٍ عليل . لاتكشفهُ فتهتك سِترهُ ، ولا
تفضحهُ فتُمزِق سِرّهُ . يُحِب السِرَّ ويكرهُ الإفشاء . داءٌ ليسَ لهُ دواء . فيا لهُ مِن جاذبٍ لقلبين ،
ويا لهُ مِن مازجٍ لحالين . يزيحُ عنهما كل غشاوة ، ويضفي على حالهما طلاوة . لاسبيلَ الى
زواله ، ولاطريق لكبح وصالهِ . يهبط من غير جناح ، ويصعد من غير رياح . ان أمَرَتْهُ العين
أطاع ، وإن غادرَ السرَّ شاع . حرفان اجتمعا فأتعبا مَنْ خالفَ الفطرة ، وأسعدا مَن عرفَ
العِبرة. لايثبتُ الوجودُ إلا بهما ، ويزول الكون بزوالهما . هما مصدر الآهات ، وهما منبع
الكلمات . لايغرد البلبل الا بهما ، ولاترقص الازهار الا بذكرهما . ينمو كنمو اجسادنا ، ويموت
ان ماتتْ عواطفنا . حيٌّ وليس من الاحياء ، يروي الذات كقطرة ماء . يزلزلُ الروحَ ويُنكي
الجروح . يثور كالبركان ، ويُقدِحُ الوجدان ، فلا جيوش الدنيا تصدّهُ ، ولا اسلحة العالم تبعده.
أذلَّ الملوكَ واسقطَ تيجانهم ، واسعد الفقراء وغيَّرَ احوالهم . لايصنعه صانع ، ولا يقنع به قانع.
القوة تكمنُ فيه ، فيجذب من يوافيه. لاتحدّهُ الحدود ، ولا تُكَبلَّهُ القيود . حرٌ كالطائر في الفضاء،
يدفُّ بجناحيه على الارض وفي السماء ، فياله من كائنٍ غريب ، وياله من لفظٍ عجيب . كتبَ
فيه الشعراء حتى اتعبهم ، ولاصَقَ العشاق حتى ارهَقهَم .
قدرة الله في العباد بانَتْ ، وحكمته في الأنام إستبانتْ ، فالحكيم مَن مازجهُ بالعقل ، والغافلُ مَن
مازجهُ بالجهل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات
إرسال تعليق