خواطر مني : بقلم الأستاذ عبد الله علي شبلي
خواطر مني : بعض التفاصيل والبقية تصنع نفسها
هدوء جنائزي لا يكسره سوى طنين ذبابات يتيمات . أشجار خضر يهدهدها نسيم صباحي بارد ، وأنا أكرع من معين أوراق بيض غشّاها سواد الحبر ، أغرق ولا أرتوي من معين غديرها أبدا .
تستبيحني كل تفاصيل المكان ، تتملكني كل الجزئيات فانقطع عني وأسكن في تجاويف فرادة الحرف مستكينا سليبا عني وعن غيري ، منفصلا عن كل ما يشبهني لكنه يسليني، ويمنحني ترياق رتابات تعتقت في كل مفاصل تفاصيلي .
قال لها مخاطباً : املأي أحواضك من بعضي فربما سيغيب كلي ولن تتنعمي إلا بأثر فراشاتي تلمحين ضياءها من بعيد فأنا هكذا أكون دوما قريب لكني حتماً بعيد .
قالت : قد تصنعك الأيام ذات لحظة لا تتكرر ، فتصْنَعَ الحروف لتتصافى وتتصالح مع الذات وأشباه الذات . فأنْسُ المكان هو الفيصل ، إنه حديث الوجدان يُنسيك ما كَنَسته رتابة لحظات عَتمةٍ لا تعرف رواء الروح، ولا توقظ شهوة الالتهاب، ولا تفتح باب ولوج ديدن القداسات المتبتلة.
هو علاجك المترجى من عثرات الهذيان الذي يسكُنك حيث لا تسكن إلا هنا روحك المتوثبة . هناك غير هنا حيث المكان يصنع القداسات على مكث وينضجها على روية.
قال لها :
كيف لي أن أحميك
وأنتِ لا تشبهين السواد؟
أنى لي أن أنشدك الشعرَ
والتقيةُ والتعميةُ رديفان
وزرقة البحر ما عادت لي أبداً منيةً
وزادي اليوم أيادٍ مُشققات
وعصافير مشَقشقةً
تحكي نِصالَ الوجع الخابي.
عبدالله علي شبلي
تعليقات
إرسال تعليق