PNGHunt-com-2

رحيل : ورؤية نقدية بقلم الأديب الناقد غازي أحمد ابوطبيخ

رحيل:
……...
(رأى ما يكفي،

صودفت الرؤيا على جميع النغمات..

نال ما يكفي.

ضوضاءات المدن،
المساء،
وفي الشمس،
ودائما..

عرف ما يكفي،

قرارات الحياة،

أيتها الضوضاءات،
الرؤى!

رحيل في العاصفة والصوت الجديدين..

ضوضاءات:
شائعات !!…)

آرثر رامبو
            *
(ملاحظة: النص منقول عن متصفح الاستاذ الأخضر الاخضر الموسوي مع الشكر الجزيل)..
        *****
         رؤية
هذا المقطع بالذات يمثل الإعلان الختامي للكشف الأخير لشاعر فرنسا الذائع الصيت آرثر دي ديه رامبو،والذي نعتقد أنه يمثل (المانفيستو)الرامبوي الأكثر أهمية في التعبير عن الرؤية الاخيرة للشاعر،كما وأنّه يجسد بكل وضوح إسلوب التداعي السوريالي الحر..وربما يظنه البعض مبعثراً أو غير مترابط ،إنما يعلم الوعاة المتفرسون أن مدارسة النص الرامبوي خصوصاً والسوريالي عموماً ليس كما نفعل مع الاعمال الشعرية المباشرة او ذات البناء العقلاني المتواتر..فالأمر هنا مختلف تماماً ،وعلى القارئ الحصيف استنباط مكامن الرؤى تحليلياً وفق منهجية نقدية موائمة ومقابلة..مع التركيز على الكثير من المسكوت عنه المتروك للمتلقي،فالأسلوب  يعتمد الإلماح، والإشارة ،والتذكير ،والوخز،كل ذلك والشاعر في داخل الطقس المخمور بالشعرية الذاهلة الرائية معاً..

ما نودُّ قوله:
إنّ هذا النص الحداثي المهم،يذكرنا عميقاً بأول ملحمة عرفها التاريخ الحضاري وأعني بها ملحمة جلجامش العراقية العظيمة ،وتحديداً نشيدها الاول الذي يقول (اختصاراً) :

(هو الذي عانى الزمان وخبره،
وهو الذي رأى كلّ شيء،
ثم حين حلّ به الضنى والتعبُ ،
نقشَ كلّ ماعاناه وخبرَهُ
على نُصْبٍ من الحَجَر) !!…).

ولا أظنُّ واعياً يصعب عليه  إيجاد الوشيجة العميقة بين النصين،مع أن جلجامش قد كتبت (بدءاً)قبل أكثر من خمسة آلاف عاماً..
هذا يعني ضمنياً أنّ هناك بعض الاعمال الإبداعية خالدة عابرة للزمكان كونها تحمل في مبناها ومعناها حداثتها المتفوقة غير المحدودة بالمواقيت المتعارف عليها..وتلك هي المعاصرة الدينامية المصاحبة للأبد الإنثروبولوجي المستمر،وليس بعيداً عن الذهن بيت المتنبي الشهير،لتفسير الخلود الإبداعي:

(وما الدهر
إلّامن رواةقصائدي

إذا قلتُ شعراً
أصبحَ الدهرُ مُنْشدا) !!..

     تقديري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي