PNGHunt-com-2

قراءة بقلم الناقد أ. علوان السلمان في نص /يا ابن الضياء/للشاعر وليد حسين

شكرا للناقد الفذ علوان السلمان وهو يضع بصمته المتميزة على قصيدتي ياابن الضياء

(ياابن الضياء) وتشكيلاته البصرية والجمالية
علوان السلمان

النص الشعري..منظومة معرفية متفجرة تعلن عن انفتاح دلالي لمنتج (شاعر) مستجيب لايقاع الحياة المكتنز بالصور المجازية برؤية واعية مستنطقة له ومسترجعة للخزين الذاكراتي بروح معاصرة..
وبتأمل وتفكيك النص الشعري(يا ابن الضياء) الذي نسجت عوالمه انامل المنتج (الشاعر) وليد حسين،وهو يميل الى الهمس بقافيته الميمية وبحره الصافي بتفعيلاته وجمالياته التركيبية وتشكلاته البصرية ومضمونه الحامل لراية الفكر الملتزم بهموم الانسان،الرمز الفارش وجوده على مدى الازمان بمنارته المشرئبة حتى عنان السماء فتعلق به الشعراء كونه رمز التحرر والحرية واول من نطق الـ (لا) بوجه الظلم والعبودية..
أبَيْتَ وحَسْبُك .. لم تُظْلــــمِ       مَزيداً من الصَبْرِ والعَلْقمِ
ولن يَسْتفزَّك ذاك الضجيجُ    صبوراً على شوطِك المُحكَمِ
لتَرسِمَ أفقا علاهُ الضمـــيرُ      وآخرَ من جودِك المُتْخــمِ
كأنّ المنايا تَدسُّ الوجـومَ      الى خافِقـــيكَ ولم تَبــــــْرمِ
فالنص بمجمل دلالاته يكشف عن الحالة الشعورية والنفسية للمنتج(الشاعر)باسلوب دينامي، وعمق دلالي، يتداخل والسياق المجتمعي بقدرة تعبيرية مختزلة لتراكيبها الجملية التي تستنطق اللحظة الشعورية عبر نسق لغوي قادر على توليد حقول دلالية تسهم في اتساع الفضاء الدلالي للجملة الشعرية باستيعابها لمعطيات النص وثرائها الاختزالي برؤية باصرة لوعي الفكرة باختصار اللحظة المكتنزة بالرؤى والمعاني من خلال الالفاظ المشحونة ايحاءا والمنسابة بتدفق جمالي،يعلن عن فكر انساني متجدد وعلاقة رامزة بين الخلود وصاحبه(الحسين(ع)).. علاقة مستديمة لا تعرف النهاية، مما يكشف عن قدرة جمعت ما بين الجانب الستاتيكي(الساكن) الذي منح النص مبنا متوازنا وبين الدينامية الحركية التي تتحدد في جمله الفعلية المتلاحقة (ابيت/ يستفزك/ ترسم/ تدس/ تبرم....)والتي تمنح النص صورة حركية وتضفي عليه صفة نغمية مضافة تبعا للسياق النفسي والانفعالي وتناسقهما مع الوزن الشعري والقافية بعد ان حشد المنتج(الشاعر) الافكار وفقا لطبيعة التداعي الذي يكشف عن اللحظة الشعرية التي تفردت باتساق بنائها الفني ..
ويومُك يبقى عصيَّ الزوالِ     بمانالَ من ضَوْئكَ المُفعَمِ
يردّدُ كلّا ..نشـــــــيدَ الأُباةِ      وحشدُ الشهادةِ لم يُهزمِ
ومهما تعكّزَ ذاك الخـــيالُ       وألقاكَ في الشَركِ المُبْهمِ
وشَدَّ الرحالَ الى شانئيكَ        لينجوَ من هولِها المُضرَمِ
فالشاعر يشتغل في بناء نصه على السيرورة الزمنية المبنية على سرعة الايقاع الوزني الصافي وتكثيف العبارة وعمق المعنى مع جنوح الى التركيز والايجاز بسياق مقترن بحركة الحياة..لخلق نص يمتلك قدرة الحضور بامكاناته التعبيريية والجمالية باعتماد خطابا حداثويا على المستوى الشكلي البنيوي والموضوعي..اذ فيه تتداخل العناصر الجزئية والبناء الصوري المتخيل في وجدان المنتج..مع تأكيد على الحس الوجودي وتصوير الاحساس بالفاجعة من خلال التماس بمحيط الحسين(ع) الرمز ووقوفه ضد عوامل الاستلاب التي شكلت لحظة الاتقاد والتوهج الشعري المستفز للذات الجمعي الآخر..ابتداء من الاستهلال النصي(ابيت..)الذي يؤكد رفعة الرمز الاسطوري وسموه في وجدان الشاعر الذي آلف بين الموضوعية والذاتية وفقا للمستوى الفني والنفسي..وهو يستحضر العناصر التاريخية ليبثها في بوتقة الرؤى المعاصرة بسردية شعرية تأملية تكشف عن اباء الحسين(ع) وكبريائه على الموت محققا قول الجواهري..
     يموت الخالدون بكل فج    ويستعصي على الموت الخلود
فضلا عن استلهامه للواقعة باعتماد ثنائيات (الماضي والحاضر) و(الحضور والغياب) و(الذات والموضوع)..بصور ومشاهد توزعت على امتداد الجسد النصي...
وإنَّ احتطابَ السنينِ العجافِ       تأسّى .. بِبَأسِك لم يُثلمِ
تخطّيتَ ليلَك من دون شكٍّ          فكنت الدليلَ الى الأنجمِ
فالشاعر يقدم انموذجه الشعري الرامز بدلالات قيمته النفسية والحسية..فالحسين(ع) بكل التراجيديا كان حضوره الوجداني في النص بعد ان كان يمر من خلال التاريخ والسير الشعبية..كونه الامام الذي يعي انسانيته فيتمرد على خروج حكام العصر على قوانين الحياة ودستورها فاختار الموت من اجل الحياة..فارسل رسالته الاجتماعية لاحياء الارواح الميتة وعبور المجهول صوب التوهج الضوئي الناتج من تفتق افكاره على العتمة..اذ انه اراد باستشهاده ان يضع الحرية مقابل العبودية، والعدالة مقابل الظلم، والحقيقة الربانية السامية مقابل الفوضى والفساد الارضي..
فياابن الضياء وصَنْوَ البقاءِ    بغيرِ الشهادةِ لم تَســــــلمِ
حملناكَ جُرحاً بِكِبْر العراق    سَموتَ على جُرحِنا المُقْحَمِ
فِداءٌ ليومك في الدامــياتِ    وما فعلتهُ يَــدُ المُجـــــــــرمِ
فالنص يجسد ببنائه العام اتساع الرؤية..كونه جاء بالرمز الكلي..الحسين(ع) الجرح والقنديل وهو يدور مع العاصفة من اجل فرح قادم برؤية شعرية تنبع من اعماق الوجدان الشعري الذي اضاء ابعاده...
اشارة: النص متناص ونص الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد(في رحاب الحسين) مبنى ومعنى..(قدمت وعفوك من مقدم/////// اسير كسير حسير ضمي)..لكن وليد حسين في نصه لم يخرج عن الاطار الحسيني في المعنى والدلالة مع طرحه للاسئلة والاجابة عنها..وهذا ما لا نجده في نص عبدالرزاق..

ياابنَ الضياء ..

أبَيْتَ وحَسْبُك .. لم تُظْلمِ
مَزيداً من الصَبْرِ والعَلْقمِ

ولن يَسْتفزَّك ذاك الضجيجُ
صبوراً على شوطِك المُحكَمِ

لتَرسِمَ أفقا علاهُ الضميرُ
وآخرَ من جودِك المُتْخمِ

كأنّ المنايا تَدسُّ الوجومَ
الى خافِقيكَ ولم تَبْرمِ

لأنّك قُدْسٌ.. حباك اليقينُ
بصومعةِ العالِمِ المُلْهَمِ

ويومُك يبقى عصيَّ الزوالِ
بمانالَ من ضَوْئكَ المُفعَمِ

يردّدُ كلّا ..نشيدَ الأُباةِ
وحشدُ الشهادةِ لم يُهزمِ

ومهما تعكّزَ ذاك الخيالُ
وألقاكَ في الشَركِ المُبْهمِ

وشَدَّ الرحالَ الى شانئيكَ
لينجوَ من هولِها المُضرَمِ

فأضحى يُحشّدُ تلك الضِبَاعَ
جرى في هوى الغادرِ التوأمِ

فخابَ بسعيٍ..و لمّا استبانَ
أطلّ على ناكثٍ أسْخَمِ

تكشّفَ .. أنّى لذاك الزنيمِ !
إذا مالَ عنهُ بنو مُلْجِمِ

ووغدٍ تَسلَّطَ مُذْ ألفِ عامٍ
يحولُ بعينٍ ولم يُشْكم

يُسدّدُ من حومةِ المائراتٍ
الى صدركِ الأعزلِ المِحْرَمِ

لترسو قِلاعُك وَسْطَ السهامِ
بِمُعتَركِ الدمِ والمأتَمِ

كأنّ يزيدَ الخَنا والفسوقِ
على جانبيهِ شذا المُغرَمِ

تندّرَ حتَى أغاظَ الفرات
فأصْبحَ في حَنَقِ الأبكمِ

أبيتَ ..وحقِّك لم تُلجمِ
جَسوراً على موتِك المُبْرمِ

وإنَّ احتطابَ السنينِ العجافِ
تأسّى .. بِبَأسِك لم يُثلمِ

تخطّيتَ ليلَك من دون شكٍّ
فكنت الدليلَ الى الأنجمِ

وقِسْتَ المروءةَ بين الرجالِ
فأنتَ سليلُ الفتى الضَيغَمِ

اَلَا كلُّ هذا المدى لايُطاقُ
فخذني بحضنِك كي أرتمي

لأنّك نبضٌ يَمدُّ الشعورَ
بهالاتِ ضوءٍ ولم يَظْلمِ

وترمي على وجعي الباسقات
أكاليلَ فخرِ بلا مِعْصمِ

لأنّ يديك علتها النبالُ
أناختْ بخمسٍ  بثغرٍ ظَمي

حسينٌ ..تقطّعهُ الباتراتُ
بكفِّ دَعيٍّ بغيٍّ عَمِي

تَباريحُ يومِك منذُ احترابٍ
شجاها من الحَدثِ الأعظمِ

كذلك نحن أبا الشهداءِ 
لفي ذلك الحَلكِ المُظْلِمِ

نَزَا طامعٌ يستبيحُ الحياةَ
تَمرّسَ بالحائلِ الأدهمِ

يراهنُ كيف يُريدُ اللحاقَ !
بجعجعةِ الفائزِ الأقدم

كأنّ السياسةَ في عُهرِها
أشاحتْ بوجهٍ عن المُعْدمِ

وأرختْ لأذنابِها الطامعين
سبيلَ الإِنابَةِ والمَغنمِ

فعدنا نُلَمْلِمُ شُعْثَ الجباهِ
بذاكَ الكَسَادِ بلا مِحْزمِ

نُسَامُ على مضضِ الموجعاتِ
فَنُلقى الى جُحْرِها الأَعْتَمِ

أليسَ العراقُ سليلَ عليٍّ ؟
ويبقى السؤالُ صريعَ الفمِ

فكيف تَسَنّى ! وفي أيّ عهدٍ
غدا حَلْبةَ السيّدِ  الأعْجمِ

فياابن الضياء وصَنْوَ البقاءِ
بغيرِ الشهادةِ لم تَسلمِ

حملناكَ جُرحاً بِكِبْر العراق
سَموتَ على جُرحِنا المُقْحَمِ

فِداءٌ ليومك في الدامياتِ
وما فعلتهُ يَدُ المُجرمِ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي