محاكمة الضوء : الشاعرة مي عساف
"محاكمة الضوء"
تحت قبابِ الشغف
ثمةَ ريشةٌ معمّدة بطهرِ نهرٍ
من عقيق
اعتادت أن تغازلَ حبري....
***
على مقربة من حقلِ نجومي
ثمةَ ليلٌ يتوقدُ كلّما مرَّ بقلبي سرّاً ..
أو علانية..!!
***
في عتمة أدراجي
عطرُ أبجدية
وحفنةُ أوراقٍ
تذوبُ خجلاً ..
تتلاشى حياءً ..
كلّما اتحدَ
عبيرُ دمي
وصلصالُ حزني
بنبضِ المحابر ..
*******
على عجل..
قُبيل فجرِ الدهشة
بأنّتين وحلم ..
يفاجئني الضوء..!!
يباغتُني ..!!
ليلقي القبضَ عليَّ
متلبسةً بمئات
القصائد السّرّية المختبئة في
أدراج الفضيلة..
تعانقُ عفّةَ صمتِها
تحت ستائرِ الليل..
منسيةً كانت..
لا أدري
من وشى بها!!؟
فأنا لم أثق يوماً
إلّا بظفيرة القمر
وببحيرة صارت بين كفوف
الليل نهراً
ظننتُه ذات جهل
نصف إلهٍ يتقنُ
فنَّ الكتمان..
*******
خلف قضبانِ الخوف
خلف أسوارِ الخجل..
وبسرعة
ليلٍ هاربٍ
من شجنِ
بوحٍ مرير
اختبأت..
خفتُ من اعتقال فمي ..!!
من مصادرة محبرةٍ موصولةٍ بشرايين دمي..
من مقصلةٍ قد تقطعُ في ساحة الظلم عنقَ حرفٍ مازال في ثورة الأبجديات ندياً فتي....
*******
لكنّه الضوء..
لن تخفى عليه
عتمةُ خوفٍ
أو ظلمةُ خجلٍ..
التقطني على عجل
بنشوةِ صيادٍ منتصر
فكَّ ظفيرةَ أحلامي
المعقودة على كتف القوافي ..
بعثرني ..
وبشعاعٍ من قيظ الصحراء قادم..
ضمّني إلى صدر السؤال وأنا محمّلةٌ
بقوافل التهم ..
راح يسألني بحزمٍ
عن قصائدَ سجينة
لم تبلغ الحلمَ في عمر المعاني ..
عن عطرٍ دافىءٍ مثير يفوحُ
من عنقِ قصيدةٍ
لم تبلغ سنَ
الرشد بعد..
*******
يصمت..!!
يقرأ..
يشرد..
ثم يقرأ..
وفي عمق الدهشة يغرق ..!!
مجدداً يسألُني
عن قصائدَ
تنزفُ من جراح الكلمات شعراً
برّاقَ الأنين
كاملَ الوجع
في ليلِ المحابر ..
قصائد رسمَتْ معانيها في صوته نبضَ لهفة
صنعتْ على وجهه
عطرَ انتشاء ....
وفي عمق عينيه
سكبتْ وجعاً
عانقت دمعة
يا إلهي..!!
ثمة نهرُ حزنٍ يبحثُ عن مجرى آمن
يحمي كبرياءَ الضوء
يصونُ ماءَ الحياء
في وجوه الرموز والقامات
*******
على ناصية الذهول
وقفتُ أستجمعُ
قوى الحلم
أسترجعُ
أجنحةَ الهذيان..
أغلقُ في قلبي
نافورةَ حزن ..
وعلى حين
غفلةٍ منه
وتربّصٍ مني..
تركتُه ملقياً في
جبِّ الدهشة
ورحتُ كعنقاء الأماني أحلّقُ
في فضاء المستحيل
أتبعُ وحيَ
القصيدة الهاربة
تارةً من جنوني..
وتارةً من جنون
شياطينِ الشعر
الخائفة من..
محاكمة الضوء
في سدرة اليقين..
خلف ستائر ليلي
Mai Assaf
تعليقات
إرسال تعليق