قراءة حصر كربلاء بقلم الناقد المصري محسن الطوخي والقصة للأديب هادي المياح

قراءة حصر كربلاء بقلم الناقد المصري محسن الطوخي :

قصة رشيقة، تستحق مانالته من إعجاب القراء.
مايلفت نظري في كتابات الاستاذ هادي المياح  هو مطاوعة السرد له، وقدرته على التحكم في الانتقالات بين مفاصل النص دون أن يفقد القارىء شغفه بالموضوع. ثم قدرته على إشاعة جو من التوتر خلال السرد.
الخرافة مكون إنساني أصيل كامن في الطبيعة الإنسانية. كانت وسيلته لفهم الكون قبل ظهور الأديان.  والملفت هو ان رسوخ الأديان السماوية، إلى جانب التقدم المذهل في العلوم، لم يفلحا معا في استئصال الخرافة. لدينا في مصر حتى الآن من يلقون بالقطع النقدية في بئر مسعود معتقدين أن ذلك كفيل بتحقيق الأمنيات التي يتمتمون بها. وفي كل بلاد العالم شبيه ببئر مسعود.
والحبكة التي تعاملت مع التيمة في القصة الشيقة أدت على مستوى الموضوع عدة وظائف.
- تصوير الاديب كشخص فاعل، واعتبار الكتابة فعل إنساني يعتد به في محيط الأسرة إلى حد انشغال كل أفرادها بالسكتة الكتابية التي ألمت بالزوج والأب. أحببت هذه الصورة لأنها تخالف النمط الشائع، حيث تعتقد معظم الزوجات الكتابة خصم يستولي على انتباه الزوج، ويهدر طاقاته فيما لا يفيد.
- تعاملت مع السكتة الكتابية بشكل واقعي يتفق مع المزاج النفسي للأديب. إذ يفقد القدرة على الابتكار إذا خيمت الرتابة على افق حياته، فيظن ان طاقة الإبداع قد فرغت، بينما هو لا يحتاج إلا لمحفز يعيد شحن الطاقة. وقد لعبت مزحة الزوجة هذا الدور فشكلت المحفز الذي أيقظ ملكات الأديب فلم تمض سوى سويعات حتى انحلت العقدة وأنجز ماكان يعجز عنه.
- اخيرا حققت الحبكة أثرا جانبيا وإن كان بالغ الأهمية، فنفت تأثير الخرافة، وانتصرت للعقل والمنطق السليم. والبراعة نلاحظها في أن الكاتب قصد إلى ذلك التوجه إضمارا دون أن يفسده بتدخلات خطابية أو إشارات وعظية.
- وضع السرد على لسان الزوج صاحب المشكلة كان موفقا لأن جهله بما أضمرته الزوجة أخر نقطة التنوير إلى الخاتمة، وهذا صنع رباطا من الشغف بين للقارىء والموضوع دون أن تشوب الخاتمة شبهة افتعال أو تصنع.

* عوامل رفعت من مستوى تقبل القصة:
- الطرافة التي مازجت السرد وسرعة تدفق الحوار دون تلكؤ.
_ المفارقة بين الثقافة العلمية للزوجة الطبية، وبين مابدا من تصديقها للخرافة.
وافر تحياتي وتقديري لإبداعك صديقي هادي المياح .