من كتاب /إستراحة في مطار الغدير/ : الشيخ المحترم ستار الزهيري
من كتابي ..
[[[ إستراحة في مطار الغدير ]]]
***************************************
عدم تفسير الولاية لعلي ع بمعنى الإستخلاف والتصرف مخالف لحكمة الله تعالى ورسوله الأعظم ص
كما في ….
أ .. الآية الأولى: ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) الأحزاب ٦
إن المقصود بهذهِ الولاية هو : قدرة الرسول (ص) على التصرف بنفوس المسلمين كقدرتهِ على التصرف بنفسهِ الشريفة أو كقدرتهم على التصرف بنفوسهم في كونهم مختارين في ذلك التصرف بل أكثر من باب الأولوية في التوجيه القرآني ، فهو (ص) أولى بتوجيه وتربية ومنع ودفع نفوس المؤمنين من أنفسهم هم ، ولا يمكن حملها ( الولاية ) في المقام على المودة والمحبة فهي ليس كقولهِ تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الحجرات ٢٩ ، وقولهِ تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة ١٢٨ ،وقولهِ تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الشعراء ٢١٥ ، فهن جميعاً يعبرن وبطرق متفاوتة عن درجات المحبة والقربى والرفق بالمؤمنين من قبل النبي الأكرم (ص) أما الآية السابقة ( آية الولاية ) فمرادها آخر كما هو الظاهر ، وأن الظاهر لما بلغّهم الرسول هذهِ الآيات السابقة لم يؤطرها بتلك القرائن الكثيرة التي سوّر بها أية التبليغ ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) في حادثة الغدير والتي سيأتي الحديث عنها لاحقا مما يعني أن آية التبليغ في يوم غدير خم لها خصوصية كبيرة أوجبت تلك القرائن التي أحاطت بها والملاحظ أنهُ (ص) لما جمع المسلمين قدم لهم في بداية ومنتصف ومحتوى وخاتمة الخطبة ما يجعلهم بالواقع في سياق جديد في ظاهرة التبليغ بالأحكام وكان هذا يسترعي عقولهم ويشد انتباههم إلى أمر هُم فيهِ على الشفير أن لم يقبلوا بولاية الأمير (ع) بعد أن أفرغ أذهانهم بكثرة التنبيهات لذا قال (ص): الله وليي وأنا ولي كل مسلم ومسلمة فالمجيء بولاية الله تعالى ثم ولاية النبي ص للتدليل أن ولاية النبي هنا هي في سياق ولاية الله تعالى ومن المعلوم أن ولاية الله سبحانه ليست ولاية صحبة ومحبة أنما ولاية أمر ونهي في دنيا العباد وأخراهم وكل ما يتعلق بهما فهو (ص) أقام الدليل أو القرينة على أن المراد من الولاية هنا هو هذا النمط منها لا النمط الذي يمكن أن يحتملهُ المخالف أو الإنسان الرافض ومن المؤكد أن النبي ص أدرك وببالغ حكمتهِ ونور عصمتهِ أو بوحي الله إذ أنهُ (ص) ( لا ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى ) أدرك احتمال أن يأتي أحد فيما بعد ويعكر صفو الحديث ويحاول أن يتلاعب بمعاني ألفاظهِ فقال الذي قال ليضمن عدم قدرة أحد على حرفهِ عن موضعهِ الذي أرادهُ الله ورسوله له . وإلاّ فهل يمكن أن نفهم من قولهِ (ص) لما قال للمسلمين من وليكم ؟ فقالوا : الله .. بأنهُ ( ص) أراد أن يقول لهم من محبكم ؟ وهم يعلمون أن الله يحب عبادهِ المؤمنين والمتقين بل التائبين وإن كانوا من قبل من المقيمين على المعصية ، ثم ما فائدة أن يقول (ص) لهم أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فهل يُظن أنهُ (ص) أراد القول : إنا أحبكم أكثر من حبكم لأنفسكم ثم ما الذي يترتب على حبهِ لهم أكثر من حبهم هم لأنفسهم في هذا المقام .
أنما أراد أن يقول لهم : ليس لكم حق الاعتراض على شيء لي فيهِ حق الولاية عليكم في قبولهِ والعمل بهِ وليس لأنفسكم مناص إلا القبول بهِ بحكم ولايتي عليها ( على نفوسكم ) مع فرض الإيمان والتسليم لله ورسوله .
فلو قلنا أن المقصود بالولاية في هذا الحديث أنها المحبة لأبطلنا استناد الرسول (ص) لها في بداية الخطبة الشريفة إلا على القول بـ ( أن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) وعبارة الله ولي وعبارة أنا ولي كل مسلم ومسلمة المقصود بهن المحبة والصحبة لانسحاب نفس المعنى عليهن ، وبما أن هذا الحمل متعذر لخلافه للحكمة الإلهية ومغاير لعموم التفسير والظهور اللفظي في كلمة ولي أو مولى الواردة في الخطبة ومعلوم أن الظهور حجة فلزم قبول أن معنى الولاية في ( وليي - مولاه ) و( أنا ولي ) بمعنى القادر على التوجيه والتصرف والمنع عند الاقتضاء والمفروض الطاعة والانقياد إليهِ .
وهنا تأتي حكمة الرسول (ص) في تقديم هذهِ العبارة ( الله وليي وأنا ولي كل مسلم ومسلمة فمن كنت مولاه …. ) بهذا المعنى الذي قدمتُ لا بالمعاني المحتملة الأخرى
( فالله وليي) يعني الآمر الناهي وأنه ص بهذا المعنى ولي كل مسلم ومسلمة ولذا من كنت مولاه بهذا النمط من الولاية فعلي مولاه بسراية نفس المعنى إليه في بداية الخطبة وبخلافه لزم رمي النبي ص بل المولى تبارك وتعالى بعدم الحكمة والعياذ بالله ..
*******************************************
عيدكم مبارك وغديركم ثبات على الولاء المحمدي المقدس أحبتي الكرام جميعاً
تعليقات
إرسال تعليق