PNGHunt-com-2

قراءة بقلم أ.د إلياس خلف في قصيدة (ويعلو غمام) للشاعر عباس حيروقة

غمامات محبة وأسراب تقدير للأستاذ الدكتور الياس خلف  Elias khalafعلى جميل القراءة
وتحية لمنبرنا المحلي صحيفة الفداء  واخص السيد عبد اللطيف يونس  رئيس التحرير
صحيفة الفداء - الصفحة الرئيسية - ثقافة
قراءة في قصيدة ( ويعلو غَمَامُ )
للشاعر عباس حيروقة
في حزيران 23, 2023
ترسم قصيدة ( ويَعلو غَمَامُ ) حكاية نهر عاشق , نهر أضناه الهوى وأبكاه الوجد , إنّه نهر مجبول على العطاء الكريم , فعذوبة مائه دلالة جلية على صدق حبّه لآلاء الطبيعة الفاتنة :
على بوح نهر شغوف
بقدّ الحقول قرانا
تنام
وتصحو على فيض آهٍ
لزهرة لوز إذا
ما اصطفاها بهذا
البهاء غرامُ .
يشير النظر الفاحص إلى أن شاعرنا عباس حيروقة يوظف أداة التشخيص الفنية
كي يُبرزَ ولع النهر العاشق بحقول قدّها يُحاكي قدّ المرأة الجميلة الرشيقة .
توحي عبارة ( فيض آهٍ ) أن حبّ هذا النهر المعطاء لا حدود له ,فهو يتهوّى الكروم ,فيشكو بث لواعج حبّه , فتستجيب له الكروم , فيقطف بعض عناقيدها في أجواء عرس الطبيعة المبتهجة بحبّ هذا النهر الجارف لتلك الكروم الذي يتمثل في شدو العصافير الفرحة عند طلوع الفجر الهادئ .
وهذي الكروم تهوّاها نهرٌ
فأطلق كلّ العصافير تشدو
وقطّف في هدأة الفجر
بعض العناقيد
ثمّ توضّأ في تربة
من مقامك ربي
عليك السلام .
معلوم أن الطبيعة بأسرها تحتفل بحب هذا النهر الجواد الذي نذر غيثه لها ؛ فالعصافير الشادية طرباً وحبوراً والفجر الهادئ هيأ له أجواء الحب وطقوس الوصال , فقطف بعض عناقيد الكروم التي تبرز بوصفها ثمرات حبها لذاك النهر الوله بها , تشير استجابة الكروم واستسلامها لأمارات حبّه إلى أسمى آيات الغرام المتبادل التي تجلّى في تقديمها عناقيدها له , وهذا يذكرنا بالعصر الذهبي في الأساطير الإغريقية الكلاسيكية حين نعم بنو الإنسان بحب الطبيعة التي بادلته حباً بحب , كما أكد الشاعر الإغريقي (هيسيود) في رائعته : ( الأيام والأعمال ) .
تتراءى ملامح العصر الذهبي الإغريقي حين نلحظ أن ذاك النهر الصادق يسجد ويؤدي طقس الوضوء على تربة مقدسة , كما رأينا وما هذا الوضوء والتعبّد إلا دلالة على أن النهر يحمد الله عز وجل ويشكره ؛ يمكنه من رفد الطبيعة بغيثه المدرار .
ويتابع شاعرنا عباس حيروقة تصوير هوى ذاك النهر الصب , فيرسم مشاهد هيامه بصفصافة وبالسحاب والفراش والحمام وسائر مكونات الطبيعة الساحرة .
لن أستطيع الغوص في بوحه كله , فهذا يتطلب صفحات عديدة , وسيكون بوحه الرقيق السلس هذا مشروع دراسة مطولة تليق بجماليات شعرية ذاك النهر المتيّم .

أ.د. الياس خلف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي