PNGHunt-com-2

قراءة للأديبة وفاء كمال عن المضمون الشعري للشاعر العراقي كريم جخيور

كريم جخيور شاعربصري ،خرج من مدينة السيَّاب واختط له أسلوباً متفرداً ،متسلحاً بتركيبات لغوية بعيدة كل البعد عن محركات التراث ،مبتكراً صوراً جديدة واستعارات ،ومقاتلاً بعنف ضد التلوث اللغوي والتحجر، مبتدعاً كائنات لغوية بأجنحة من حرير ، من مفردات عادية مألوفة.
يقول:
وأنت تنظر إلى العالم من نافذة الشعر
عليك أن تزيل عن جسد الكلمات
الدمامل والفقاقيع
أن تكتب شعراً
عليك أن تفطم الكلمات من ثدي القواميس .
حينهاستشع وتبرق ويراها الناس .
هذا الشاعر الذي يدعو دوماً الى خلخلة الثوابت .لم تخلُ نصوصه من صور الحرب ،فقد افرد لها حقلاً واسعاً
تلك الحرب " التي تدب بعقارب ثقيلة
وتترك أخاديد عميقة
في مجرى الحياة "
لذا اراد لحروفها ان تكون عمياء تجري في الاتجاه المعاكس لمسيرته،
يقول :
"كم تمنيت أن أهرب منها .
أنا الذي ساقوني
إلى حربين خاسرتين .
وثالثة لم تنطفئ بعد.
شعره لم ينج من مسحات الحزن العميق الذي خلفه فقدان " فوزية " توأم روحه التي غيبها المرض في الأربعين . وظل يحفظ حبها عن ظهر قلب
"لا تقلقي
لم أغير وسادتي بعد
ليس وفاء ولكن
لم أجد من تبذل لي الليل
بلا أسئلة
لا تقلقي
لا تقلقي"
لكن المرأة ظلت هاجسه الكبير والنبع الثر للجمال .فهو يصرح دوماً أنها الغيمةالتي لاتتوقف عن المطر ، وما من شيء يشبع إحساسه  مثل جمالها  فهو من القيم التي تسبغ على القصائد الروح والحياة. وقد شغلت المراة حيزاً واسعاً من قصائده ببهائها الأنثوي .وكان شغفه مادياً ومعنوياً ،فتغنت عيناه بأدق تفاصيل جسدها ،وتفنن قلمه في رسم تفاصيلها ووصف محاسنها فكانت بحق نبعاً يتدفق بين قصائده ويغذي شعره بأجمل الصور وأرقِّها وقد أخرجه جمالها عن طوره ليصرح بأن جمالها  يزيد يقينه ان الله جميل . ولايجد ضيراً من تعريها من كل الألوان باستثناء التعري من قلبها .
" إنزعي
إنزعي 
إلاقلبك
فأنا لاأحبك عارية .
وقد أكد كريم جخيور في شعره على القيم الجمالية وإشراق العبارة التي تجعل القصيدة كوناً ناطقاً ينبض بالحياة والألوان والحركة، يتحسسه الإنسان بعقله وقلبه لشدة قربه من وعينا وذوقنا.وشعره ذو ملامح إنسانية تؤكد على تعاطفه الوجداني مع مايكتبه الآخرون وتفهمه الأصيل لرؤاهم ، وهو فياض بالنور والسحر ،تلتحم فيه الطبيعة مع الإنسان. ويتحول فيه القلم إلى ساحر كما كان يتحول بيد "أدوار غاليانو " الذي عشق كرة القدم منذ طفولته لكنه كان لاعباً فاشلاً فصنع بيديه مافشل بصنعه بقدميه
كريم الذي يؤمن بقوة الفن والشعر في صنع الحياة يشبه روما التي روِّعت لموت فنانها رافائيل فأبَّنته  بكلمتها الخالدة: " لقد خشيت الطبيعة التي قدسها أن يتفوق عليها وهو حي ، لكنها عادت تخشى أن تموت من بعده " .
وفاءكمال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي