عام من زوايا العالم : الأديب كريم القاسم

(( أخي القاريء الكريم : لستَ مُجبَراً على التعليق ، إقرأ فقط .. الغاية هي تعميم الفائدة .. إحترامي وتقديري))
..................................................
(عامٌ من زوايا العالم)
________________________
العمرُ أسطرٌ بين دفتين .
دفة تبدأ بتاريخ ولادة ، ودفة أخرى تنتهي عند شاهد قبر - إن تَوفَرَ - ومابين الدفتين سطور حياة تتوازى وتتمايل وتتراقص وتتقاطع .
كتابٌ ليس كالكتب المُيَسَّرة .
كتابٌ لايخترق سطوره إلا مَن توفرتْ لديه قوة الغوص والتوغل ،
حتى وإن كانت بعض سطوره تتراقص في نشوة وفرح ، فالألم والشقاء لابد أن يكون أحد فصوله الكامنة .
• أسطرنا اليعربية مازالت تكتب بمداد الصعاليك والمتسكعين ، ومازالت قراطيسنا تتزاحم بالفؤوس والسيوف والدم والبارود.
• حرب ( البسوس) مازالت توزع خدماتها مجاناً بين مدننا اليعربية، وتخاف صولة بنو النضير وقينقاع.
• اطفالنا مازالت لحومهم تخدم حفلات شواء في مطاعم (ماكدولاندز).
• مازال شعار قائدنا المقدام (الاوطان تباع بالمجان).
• العُمر العربي لازالت سطوره عناويناً لمرثية تتداولها شفاه الأحفاد عن الاجداد .
• العقال العربي صار عربون خيانة .
• برلماناتنا مسارح فوضى وفجور.
• المآذن ماعادت تصدح بحنجرة بلال .
• وحتى النواقيس مبحوحة الرنين.
• دجلة تكاد أن تختفي من علبة الوان طفلتي.
• الفرات بدأ بالأنين.
• النيل ينبع من جيب اليهودي(شايلوك)
• انهارنا كلها تجري بـ (ريمونت كونترول) تحركه انامل مومس عمياء.
• التغاريد والزغاريد ماعادت تعشعش في افواه بيوتنا ، فهي مُلك سكان القصور وأصحاب الصولجان .
• حبٌ ،
• حربٌ ،
• جريمةٌ ،
• سرقةُ بنك بطلها يحمل شهادة ماجستير او دكتوراه .
• قلبان يلتقيان بالصدفة .
• روحٌ تفارق أحبابها .
• نفاق يصرخ .
• حسدٌ يأكل الألباب .
• زلزال يهدم ماكان وما سيكون .
• تسونامي يجرف معالم الحضارة.
• عروشٌ تتأوه مِن شخير طغاتها .
• الرصاصُ أجمل في بلادي من سواه ، فهو يعانق الاطفال .
• الخبزُ من مكرمات الحكومات .
• الحريةُ تقاس بالامتار .
• الشرف العربي يُكال بمكيالٍ من وراء البحار.
• الوطنيةٌ سلعةٌ تباع في سوق العصافير ، سرعان ما تطير .
• فوانيس (بابانويل)دلائل مخابراتية .
• ثقوب الابواب ألسِنُ من ثِقاب.
• الشباب صرعى في محافل الخديعة تحت اضواء المخدرات والفجور.
• القبور ماعادت من تراب .
• السحب مُغلَّفة بعلبِ السردين .
• والشمس والقمر مشاريع اختبار .

كل هذا يحدث في ظرف يوم او بعض عام .
• اليوم والعام زمن من عمر الانسان .
• الدقيقة عمرٌ .
• اللحظة هي مِن رأسمال الحياة .
فلو عرف الانسان هذا لقدّر الدقيقة حق قدرها .
• السنة في عمر الانسان هي اضافة بناء جديد في تكوينه الدنيوي .
• اليوم في عمر الانسان هو تحول في حياته الدنيوية الفانية ، وهو قطار يسرع به الى  فراق .
• اليوم هو وقت ضخم في سلم الحياة الآدمية .
لنثق ان ارواحنا تعيش دوما في مكان واحد .
وإن الايمان بفكرة واحدة ليست من مصانع العالم ، بل هي من وحيّ السماء.
الإيمان بفكرة واحدة هو الطريق لفتح باب الاخوة والوداد على مصراعيه ، والعيش في شعور  إيمانيّ نبيل .
ان الحياة في عالمي هذا تسير نحو الهاوية .
الانسان مجنون .
انه يطير بجنون نحو معترك المادية .
الحق مشوه ، حتى اعتبرته في باديء الأمر باطلا .
الباطل مزخرف ، حتى اعتقدته لسذاجتي حقا .
عرفتُ الحقيقة ...
ان الانسان حينما تنقشع عنه اوساخ الباطل يتطلع الى السماء .
يتطلع الى الحب الالهي ، الى مصيره المجهول في جنبات ارض الواقع .
يولد الانسان ساقطا في متاهات الزمن . شاقّا كوامن الظلام .
منطلقا الى النور .
يعيش الحياة ضيقة واسعة في آن واحد.
الصراخ اول ما يواجه الدنيا من فم الوليد .
ويستمر ركب الوجود الإنساني عابراً أسوار الوضعية وقيود الساعة .
هادرا ً على قوانين اللاّحَق .. والشر .
الفرد البشري ؛ أكبر مِن أن تطاله يد الغُبن إن أراد تحرراً ، ويد الظلم إن أراد عدالة .
يولد ثورة على كل اللامعقول ، مُزيفاً كل المعقول ايضا .
وهذا ديدنه . ياخذ ليعطي ، ويعطي من أجل لاشيء .
النفس الانسانية ؛ عمرها مهما طال قصر .
النفس الانسانية هي النفس ، متخمة بكل عوامل البغض والحسد والغيرة والعداء.
عِندها يجب ركلها بالارجل أو سحقها تحت الأقدام .
الانسان هو هو ....
مهما شمخ وارتفع ، فهو قزم بلاشك .
الانسان اقل هو مهما كبر.
ارتفع يعانق السماء والغيوم والقمر ، أو توسَّدَ خزائن هارون وصناديق قارون .
حتى اذا تزاحمت عنده أظافر البغض والظلم والعداء ، نجده قد تعلَّقَ بالآمال والاماني .
واذا أذلَّهُ زمانه ، تراه يكبو في مكانٍ ما . يحتضن السرير في غرفة العمليات ، أو يحتضن قنينة خمر على قارعة الطريق .
ومع ذلك ... لازالتْ كل الوضاعة والذل والظلم والعبودية تعيش وتعشعش .
لازال جور العالم ..هو...هو ...
العالم هو العالم ..... يولد لـ (يموت)  ويموت لـ (...........)
البشر عليهم ان يتحرروا من منطق التعصب والعصا الغليظة ، ليعيشوا بشراً كما خلقوا.
الانسان لم يخلق للسوط .
الانسان لم يخلق للزنزانة .
الانسان لم يخلق للذل .
من اجل لاشيء يقتتلوا ، وعلى لاشيء يتناحروا .
يامن الكون ملكه :
ـ خذ بأيدينا الى شواطيء النجاة.....
ان العالم يسير نحو هوّة لاقرار لها .....
التعادي والتفاني هو شعار اليوم .
اما الغد ؛ فعلمه عند الله .

* كل عام وكرتنا الارضية بألف خير وعافية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ