أمنية لاتشبه الأمنيات : الكاتبة نداء يوسف حسين
أمنية لاتشبه الأمنيات ...
- عساهم يأتون الآن...عساهم يأتون ..أنا أحتاج إليهم جداً ...
نطقت تلك الجملة ثم أطلقت بعدها زفرةً طويلةً وهي تعالج كنزة صوفٍ مهترئة لتعيد حياكتها من جديد ....
- كنزة ! أم وشاح ! سترة صوفية ...نعم سترة ستفرح بها ابنتي كثيراً ...
لكنني متعبة الآن ...المرض يهدني ...و الضوء الخافت يعمي بصري ...
تركت الكنزة و نهضت ...تجولت في أرجاء البيت ...أي صوتٍ تحدثه يعكس صدى ...
صدى سعالها يُسمع الجدارن و يحرّكُ الستائر .
لن يعودوا ...إنهم بعيدون ...و إن عادوا ..إن عادوا ...ليتهم يعودون ...
عادت إلى مكانها ، تمددت على الفراش ...
حدقت في سقف الغرفة ..تدثرت بغطاءٍ سميك ..
صوت المطر يطرق على زجاج نافذتها فيبث في أوصالها شعوراً إضافياً بالبرد ...
- إيييه ...إنه كانون ...أيام البرد طويلة ..
نهضت رغماً عنها ، حاولت إشعال النار في المدفأة ثم تذكرت : أووه ...لا وقود عندي !
سيبردون ....
عادت إلى فراشها ، تكوم جسدها تحت الغطاء ، حاولت منع نفسها من الارتجاف بترديد عباراتها اليومية : هناك أطفالٌ بلاسقف .....
و عائلاتٌ بلا ملجأ ...بلا طعام ...
آااا نسيت الطعام ، سأصنع لهم طعاماً يحبونه ..لطالما عشقوا صينية البطاطا مع الدجاج ...سأطهوها لهم ...
نهضت رغماً عنها ...فتحت باب الثلاجة ثم تذكرت ..لايوجد عبوة غاز ...لم تتبضع منذ فترة..وجدت بضع ثمرات البطاطا فقط ...
(لن تكفيهم ...سيجوعون ! )
عادت إلى فراشها ، تدثرت بالغطاء ، اختلط الليل بالمطر ، و الصقيع بالرياح ...
( مازالت الكهرباء مقطوعة ...البطارية منتهية الصلاحية ...لقد اشتروها لي قبل أن يغادروا ...منذ ...منذ زمن ...نسيته ...نسيت الزمن )
حاولت رؤية ماحولها ، الظلام دامس ...يؤنسها صوت المطر و بعض أصوات الخطوات المتراكضة من بعيد ...
( أهي خطواتهم ؟! )
لا ...لا ...
غفت ...
تحاورت أفكارها مع الحلم ...
قال لها الحلم : ما أمنيتك الآن ؟؟
أجابت بلا صوت : أتمنى ألا يعودوا ......
.................. نداء يوسف حسين....
تعليقات
إرسال تعليق