PNGHunt-com-2

تحت ظلال الوقت : الشاعرة مي عساف

"تحت ظلال الوقت"

كان الوقتُ مطراً
بتوقيت الجفاف..
كان حنيناً بتوقيت الغياب ..
كان ابتسامة بتوقيت الحزن ..
"كان ظلّي" ..

كان الوقتُ منديلاً حانياً يكفكف دمعة على خدِّ الرحيل..
يمرُّ فوق حزني
بحذر غيمة تمشي الهوينى على مقربة
من حقول الجراح
يرسمُني كطفل بعذوبة نهرٍ محاطٍ بقداسة أشجار الأرز
"كان ضحكتي"

كان الوقتُ
بسملةَ الشفاء
تقرأُ على ثغر الجرح
  {إنّكَ بأعيننا}..
تقيُم الحدَّ على
من بغى ..
تردُّ غيبةَ القلوب
تدفعُ بالتي
هي أحسن
"كان صلاتي"

كان الوقتُ
سربَ نجومٍ
أضاء عتمةَ
ليلٍ هاربٍ
من كلِّ الحكايا..
من مجون الشعراء
ومَن تبِعهم
مِن الغاوين..
من نخبِ القوافي
من مكرِ المجاز
من كيدِ دمعةٍ معلّقةٍ
على خدِّ القصيدة
"كان قنديلي"

كان الوقتُ حارساً
يحمي قلبي المؤثث
بحانات الصمت
المحشو بفراغات الغياب..
المعبّدِ بطرقات الخوف..
والندم ..
كان طفلاً هارباً مثلي من 
كمائن الذاكرة
من أصابعِ الوهم
من قبضةِ اليقين
يضمُّني بآية كلّما
استنشق حزني ثاني أوكسيد الألم
"كان أمني"
"كان الأمان"

كان الوقتُ دفئاً
بتوقيت البرد
حانياً كصوتي الموغل في الحزن منذ
أن تخلّى
حين يأس
عن نداء عصافير البوح على
نوافذ صباحاتٍ
يتّمَها الرحيل..
"كان ضوءي"
"كان الدليل"

كان الوقتُ
سيّافاً تائباً بترَ زنده في حضرة مقصلةٍأعدَّها طغاةُ الأرض للقصاص من نورسة حنينٍ اتكأت على جدار أحلامها الآيلِ
إلى السقوط
ذات وهم ..
"كان جناحي"

كان الوقتُ
واحةَ الطمأنينة
مذ صارت حدائقُ الذكريات النابتة
في خلايا دمي..
غاباتٍ موحشة مسكونة بضجيج
الندم وبكلِّ
طبولِ كلكامش ..
"كان حقلي" 

كان الوقتُ
نبوءةَ عرّافة بشّرتني خارجَ
أسوار القصيدة
أنّي وحدي سأكونُ قطوفَ الفرح الدانية
في ليلة العيد ..
وبرزخَ النور الشاهدِ
على ولادة فجرٍ يهديني ملء حجري نجوم ..
"كان يقيني"

كان الوقتُ هدوءً والدنيا ضجيج
كان مآذنَ تصدحُ
في دنيا الحروب
{حيّ على السّلام }
كان قلعةَ صلاة وحصنَ توبة
في ليل الضلالةِ
والجحود..
كان قميصَ ابراهيم
يتحدّى نيرانَ الغدرفي بنيان الجور..
واسألوا كبيرهم
"كان نُسكي"

كان الوقتُ
تميمةَ جبران بتوقيت الخذلان تُبطلُ أثرَ
ماجاء به السّحرة
من الجهات الأربعة  وخامسهم ثعبانهم
(رجماً بالغيب)

كيدُهم مدنٌ خاويةٌ
على عروشها
قلوبُهم بئرٌ معطلةٌ وقصرٌ مشيد..
كان الوقتُ
"يدَ الله"
تلقفُ لأجلي
كلَّ ما يأفكون
"كان حرزي"

كان الوقتُ مركباً
أنقذَ قصيدةَ أملي التي كادت تغرق
في بحرها المتدارك
كان ناسكاً مفتوناً
بكحلِ المحابر
في عيون الكنايات

بخال الدهشةِ
يزيّنُ عنقَ البوح..

بحزن وردةٍ
شاحبة العطر
على قبر شاعرٍ
طالما تغنّى بالجمال

كان عُذراً
في فم الهدهد
يبررُ لسليمان
الغياب ويأتيه
بكلِّ نبأٍ عجيب..
كان في عمري..
طورَ سنين
دفءَ بلدٍ أمين..
"كان ضوءي"
"كان عطري"..
"كان أنا"
كلّما بكى الندم..
كلّما أنَّ
في قلبي
ضلعُ حنين ..

Mai Assaf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي