في عامي الثمانين : الكاتبة نهاد بدران
اليوم أكملت عامي الثمانين وقدانفضَّ الجميعُ من حولي ، منهم من وافته المنيّة…، ومنهم من تعيش ذكريات الأمومة بين أحفادها الصغار ؛…وقفت أمام مرآتي "رأيت عجوزا" لم يبقَ"من شبابها سوى بريقِ عينيها التي لم تستطع إيقاف الزمن. ……..
في شبابي قرأت لديباك شوبرا (جسد لايشيخ و عقل لايحده زمن) ، يعتمدعلى نظرية التخلي عن فكرة الشيخوخة والمرض ، والاحتفاظ بصورة وشعور الطفولة ، ومن يومها وذاكرتي تحتفظ بصورتي وانا أمسك بثوب أمي وأختبىء خلفها كلما سألني احدهم عن اسمي ….
وللصدفة كنت على موعد مع طبيبي النفسي ، حدثته عن يأسي وفقداني لِ شغف الحياة، نظر لي بعين الحكيم العارف قائلا : الحياة مثل الورد تحب من يعتني بها، وترحل عن الذي يدير لها ظهره !….
أخبرته : أني أريد الموت وأنا أتسلق إحدى الجبال أو وأنا مسافرة على متن طائرة أضاعت طريقها وسط الضباب .. !…..
أخبرته عن خوفي من ارتجاف شفتيَّ حين لا أستطيع مشاركة الحديث لضعف سمعي ، وشعور الخجل وانا أمضغ الطعام على نصف سن بقي صامدا" في فمي ، أخاف من رائحة مساماتي التي تغيرت !.
نعم أخاف الزهايمر ! أريد ….. أن أموت وأنا أتذكر حتى جارتي البدينة ، …..
آه !…..ليتها على قيد الحياة لأخبرها أن صوتها المرتفع لم يعد يحزنني ، ….
وليت الأيام تعود وأبتسم لكل بيت أستأجرته ، ولكل مبلغ زهيد من المال !……
ليت الأيام تعود لكنت قبلت قلم أحمر الشفاه الوحيد الذي أملكه ، و لكنت وضعت لطيبتي المفرطة لجاماً !..بل و بالغت بكل مايسعدني ...
فجأة توقفت عن الحديث دون إرادة ، سمعت الطبيب يقول لمساعده : علينا بإجراء صدمة كهربائية للقلب ربما نستطيع إنقاذها... بدأ جسدي ينتفض في كل مرة يقترب المقبض من صدري، ومن شدة الصدمة سقطت عن السرير نسيت ألمي حين سمعت صوت جارتي البدينة :…..
كان صوتها يملأ المدينة جمالا ؛……
نهضت و جلست على حافة سريري ، أنظر في مرآتي مبتسمة ، شعرت أن يديَّ تقبضان على شيء ما ، نظرت !!! كان كتاب (ديباك شوبرا جسد لايشيخ وعقل لايحدُّهُ زمنٌ)………….
بقلمي
نهاد بدران
6-6-2023
تعليقات
إرسال تعليق