PNGHunt-com-2

سر عظمة هيرمان هيسه في السرد : الأديب العراقي جمال قيسي

- مع ذلك يوجد أسوأ من هذا -

بهذه الجملة الحوارية   صعقت مذهولاً  فيما كنت أجول في محاولة  لان اكتشف سر عظمة هيرمان هيسه  في السرد  ، اذا قلنا انه السهل الممتنع ، لا أظن ذلك  ولا أظن  انه استاذ بالإمكان. ان تتعلم منه ، ببساطة من غير الممكن ان يتمكن كاتب من تكرار اُسلوب هيسه  او حتى الاقتراب منه   ،من طبيعتي في القراءة ان اقرأ النص وأي نص ادبي شعرًا او سردًا  مرتين على الاقل  في المرة الاولى لغرض  التفاعل  والتأثر ، متلقي  مسلوب الإرادة. يرزح تحت هيمنة الكاتب  لغرض الاستمتاع  او المشاركة  في المساحات التي يخلقها الكاتب ، وفي القراءة الثانية  قراءة تمحيصية وتنقيبية للبحث عن مواطن الضعف والقوة في النص  بل  استكشف مديات الوعي التي تنبثق بعبقرية  وعفوية   والاشتغال في ذهن الكاتب  وحتى عن السرقات  او ما نسميها للتلطيف بالمحاكاة  ،  وهنا احاول ان امسك طبيعة دينامية النص  ولي في هذا أهداف معينة في مقدمتها  احاول ان أوظف  ما التقطه في الكتابة  وفي غرض آخر   لكي تقدح في ذهني فكرة جديدة ، ربما ، وهي ايضًا محاكاة ، بل حتى الكلمات وتموضعها في سياق الجملة او النسق العام ، المهم وأنا اقرأ مجموعة قصصية لهيرمان هسه شعرت بخيبة الأمل  ليس من عبقرية الكاتب الكبير وإنما من فشلي ان انتشل   عبارة او كلمة للتوظيف في الكتابة  وهو الامر الذي حدث معي سابقًا في قراءة رواياته ، سواء في رائعته ذئب السهوب وهي واحدة من ثلاث روايات تناولت تمزق الانسان في القرن العشرين ، الاولى  عوليس لجميس جويس ومزيفو النقود لأندريه جيد ، والحقيقة امتازت رواية ذئب السهوب  عن قريناتها بالبعد الانساني العميق  والحكيم ، تناولت تمزق الانسان  بايجابية انا أقدرها  كذلك ، وليس الى رثاثة الانسان  في عوليس اومزيفو النقود  ،اقول لايمكن  ان يتكرر هيرمان هيسه ،وانا  أخوض غمار القراءة الثانية لمجموعته القصصية ( أنباء من كوكب آخر ) استشعرت بسذاجة الأسلوب في اول الامر  فهو ينتقل بين رمزية إدغار آلن بو رغم انه يحسب على المدرسة الرومانسية إلا انه الأب الشرعي للرمزية  ، وبين فانتازيا مهلهلة وخجولة ،  لكنه ( هيرمان هيسه )  في النهاية  و في بعض الجمل المتناثرة    يمسك سوطا  يلذع فيه الانسانية   ويعري الشياطين العظيمة ( الكراهية والقتل والحقد ) ، وهو ما نشهده الان في حرب غزة ، اذ تتبارى هذه الشياطين بالإفراط. وبلبوس زعماء العالم ، وكم يذكرني أسلوبه بالشاعرة السورية الكبيرة ( سعاد محمد ) ،اذ تمارس جلدنا بسياط الشعر الحكيم  ، اذًا الحياة اليوم ليست ترف او اضطراب مشاعر ، او خلجات نفسية  او هرمونية ، وإنما هي ماكنة  شرسة لما يسمى ( النيو ليبرالية /new lebara sim )  تلتهمنا وتطحننا وجوديًا ،وعلى الادب ان يرتقي الى هذا الموقف او على الاقل يثبت كلمة للتاريخ ، ان بقي مساره كما نعرف  ٠

جمال قيسي Jamal Kyse   / بغداد
٢٠٢٤ كانون الثاني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي