PNGHunt-com-2

الليلة المنسية من ألف ليلة وليلة : الشاعر عارف الساعدي

القصيدة التي ألقيتها في افتتاح مهرجان الشارقة للشعر العربي الاخير، والتي تشرفت بتكريمي فيه، واختياري الشخصية العربية المكرمة، وهو آخر ماكتبته (الليلة المنسية من ألف ليلة وليلة )

فتحتُ البابَ فآنسكبَ النهارُ
وحمَّلني التحيةَ شهريارُ

وقال إذا الديارُ دنتْ ورفتْ
فسلمْ إنها نِعمَ الديارُ

وقد همستْ بأذني شهرزادٌ
وقالت للحكاياتِ انتظارُ

فلم تبردْ، ولم يهدأْ لظاها
وها هي تُستعاد وتُستعارُ

كأن الليلةَ الألفَ استمرت
ودرنا والقطارُ هو القطارُ

هناك رأيتُ بشارَ ابنَ بردٍ
يسير وخلفه يعدو الصغارُ

وحمادَ بن عجرد كان يروي
شتائمه ليحفظها الكبارُ

وقد أبصرتُ كفَّ أبي نواسٍ
بكفِّ ابن الوليد وحين ساروا

رموا لليل حكمتهم وحطوا
عمائَمهم على المعنى وطاروا

وزريابٌ يذوب هوىً شجياً
ويسمعه الرشيدُ فيُستثارُ

ويطلبُ منه أغنيةً، وينسى،
فيصرخ يا مُجير فلا يُجارُ

سلوا ابن الجهم كيف أُسيل لطفاً
لسانُك والملابسُ والحجارُ

وما هذا التبغدد ؟ قال : سحرٌ
وما جسر الرصافة ؟ قيل نارُ

عيونُ مهىً على الدنيا تُدارُ
وفوق الجسر أفئدةٌ تحارُ

وشطَّاراً بليل الكرخ مروا
أعاروا الأريحيةَ واستعاروا

وورَّاقون قد ملأوا الزوايا
وعيِّارين تقترحُ القفارُ

هناك رأيتُ صوفيين مروا
على العتبات فانشدهوا وخاروا

ونحويين قد سحبوا سيوفًا
لفعلٍ قد تعدَّى فاستجاروا

بما في الغيم من لغةٍ وحزنٍ
وما في الشعر من رجلٍ يغارُ

وياما قلتُ يا آبن زريق مهلاً
لنا في كل زاويةٍ ذمارُ

وبغدادُ الصبيةُ وهي حلْمٌ
بمعصم كل فاتنةٍ سوارُ

تطرزها الحكاياتُ العذارى
وتحفظ سرَّها السورُ القصارُ

وماذا بعد؟ قالت شهرزادٌ
وأوشك أن يداهمها النهارُ

وأوشكتِ الحكايةُ أن تُشظَّى
وخيطُ الفجر يسحبه الغبارُ

ولما دارت الدنيا انتبهنا
وغادر بيتَنا صحبٌ كثارُ

صرخنا خلفهم، لم يسمعونا
ولوح تائهون، وما استداروا

وقد خذلت مواسمَنا جهاتٌ
فلا نفع اليمين، ولا اليسارُ

وصحراءٌ دنت، حتى غدونا
ضريحًا لا يزور ولا يُزارُ

وماذا حلَّ ؟ أوطانٌ وبيعت
وأطفالٌ على الموت استخاروا

وأقدام القرى انكسرت، ولمَّا
مشت، عكَّازتاها الإنتظارُ

وعيناها الرحيل اذا تجلت
وان نامت فخيبتنا إزارُ

مراقٌ في الطريق ندى صبانا
كأنا والحياة دمٌ وثارُ

ونحن كما ترون هوى وملحا
وطيناً رفَّ في يده السمارُ

لهذا جئتكم شجراً غريباً
ولكن الثمار هي الثمارُ

ويا أهلي الذين خبرتُ فيهم
كرامة من يُدير ومن يُدارُ

ومن تغفو على يده اليتامى
ومن في الحرب مدفعُه الشعارُ

فلا انحبست غيومُك يا آبن عمي
ولا فرغت دنانك والجرارُ

وما زال الكلام به كلامٌ
وما زال المسار له مسارُ

ولكن شهرزاد غفت قليلا
وغطاها بدفءٍ شهريارُ

وأوصاني بأن القي عليكم
تحيته فقد طلع النهارُ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي