قراءة في قصيدة الشاعرة لميس صالح بقلم الناقد هيثم رفعت
بكل محبة واعتزاز أشكر الأستاذ المحامي الشاعر هيثم رفعت لهذه الدراسة الرائعة لنصي رحلة ذاكرة
رحلة ذكرى نص سافرت فيه شاعرتنا إلى عوالم التصوير المجازي وصياغة الحدث الشعري في ثوب ذاتي حيث انتقلت العدسة الشعرية من الداخل إلى الخارج عبر الاسقاط والشخصنة وانتقال الحالة الشعورية من الحالة الخاصة إلى الحالة العامة وهنا تتحدث الساردة بلسان كل وردة جرحها نصل الغياب واستهلت هذا النص العذب بلغة تصويرية واختارت التوقيت الزمكاني المناسب تماما لرحلة النص الشعورية :
على ضفة غياب
أرجوحة ذاكرة
هذه الرمية الشعرية الصائبة أدخلتنا مباشرة إلى عمق الحدث الشعري بكل اثارة وروعة وخيال ، إذ أن الأرجوحة رمز افتتاحي مذهل للنص لأن هذه الأداة متصلة بالعديد من الانعكاسات الدلالية فهي تعني مشاعر الطفولة و وبلوغ المتعة من خلال هذا العناق الهوائي وفي ذات الوقت نجد المعنى التأويلي الأعمق وهو حالة الصراع التي يعيشها وجدان المحبرة فهذه المساحة المجنونة هي رهن الريح وبالتالي التأرجح بين أمرين وهنا هما الأمس والغد وما بينهما لدغات الحيرة و بالتالي لا قرار هنا ، بل الغلبة لريح المشاعر لتعبث بتلك الوجدان كيفما تشاء .
إنها ولادة ترقب مخاضاً قيد موت
ولهذا وصفتها شاعرتنا بهذا الوصف الدقيق وبرحابة المجاز والصراع الضّدي ما بين الموت والحياة ، وهنا أكدتها أيضاً عبر هذه المقابلة الأنيقة :
أصوات و روائح ظلام هناك
ثغر ضوء يتراقص هنا
وهنا طرحت فوق ما سبق بيانه تأزم الحبكة الشعرية لندخل معها في عمق آخر
على أرواحٍ قدمت قربان عشق
هي رحلة توقظ غفوة
فتعكس المرايا جمالاً
وهنا استمر عزف المقابلات الشعرية الموت والحياة ، فالقربان هنا يقدم من أجل الحياة والحب وبالتالي هي رحلة البداية والنهاية روغم قسوة هذا النزيف الداخلي للمفردات التي تقدم كقرابين للحب إلا أنها تنعكس في المرايا لخلق عوالم الجمال وهنا كان الرمز متلعلقا بالحنين ومراسمه .
هكذا كانت جريدة العذارى
تحت عنوان ..
وهكذا يرحل ربيع...
فصل العبق
وهنا تنتقل من خصوصية المشاعر إلى عمومها وكأنها تتحدث عن كل امرأة ذاقت مرارة التذكار ، وهنا ترصد تلك الحالة الشعورية القاسية :
فصل عبق
استباح الليل سطوته
ليعلن صدى غياب
هسهسة حافية الرعشة
أنين ثقيل صداه تنهيدة
وقشعريرة عاصفة
نلاحظ لغة التجسيد والاسقاط في هذا السرد الناعم المحمل بالعاطفة ومزجته شاعرتنا بالدهشة الواخزة في قولها قشعريرة عاصفة هذا المعنى المركب بليغ جدا لما فيه من انزياح مذهل وفوق هذا وصف الصراع العميق ولحظة تصادم اللاوعي مع اليقظة المرمزة بالعاصفة
وهنا نلاحظ زيادة حدة الايقاع الدالالي في النص لتحلق الطائرة الشعرية بعد ذلك إلى أبعد مدى :
في حضرة رحيل
جنون عشق خلع الأمل
تراتيل عبادة ذات عطرٍ مبتور
وذاكرة عارية النسيان
عانقت ملامحاً وارتدت طيبها
أسرجت صهوة الهوى
والأحلام تنزف تحت حوافره الهادرة
وهنا كانت قمة لحظة فوران مشاعر النص والدخول مجددا في حالة غيبوبة الحنين أو بمعنىأصح انتصار اللاوعي على اليقظة وكأنها هنا شمعة تتحدى النسيان و الظلام بلهيب الحنين والتذكار بل وتقرر استمرار تدفق مشاعرها الغزيرة
وكان لهذا التحضير الشعوري غايته لأن وجهة أو دفة المشاعر ستتجه إلى من أشعل فتيل المحبرة :
تكبد بدر وسط النجوم
عيناه تشيان بحزنٍ قرب المرجان
توارى خلف غيمة دامعة
نار الموقد أثقلها اصطفاق
فتطوف أصابع غرام
تهمس للرماد
علّ جمرة تنتظر تعويذة
توقظ حنيناً خاب مُناهُ حيثك
هكذا جسدت لنا شاعرتنا اللحظة الحاسمة في النص والتي كانت نذير الغياب أو الفراق
بلغة تصويرية رهيفة وشاسعة التأويل لتختم نصها بالعودة مجددا لنبيذ التذكار أو ما بدأت به نصها لتعلن أن الأحداث الشعرية السابقة ماهي إلا مجرد رحلة للذكرى
وكان هذا أنين الحبر الرماد .
نص ماتع جداً ونجحت فيه شاعرتنا من رسم لوحتها الشعورية بكل سحر وأناقة.
كل المنى بدوام التميز و الألق
والمعذرة بما جاد به قلم تأملي الشحيح
محبتي التي لا تنتهي &
هيثم رفعت......
....................
النص هو :
،،،،،،،،،،،،،،،،،
رحلة ذاكرة ..
على ضفة غياب
أرجوحة ذاكرة ..باغتتي
ناراً تصلب الماء
أبحث عني
وأقتفيك في دهاليزها
إنها ولادة ترقب مخاضاً
قيد موت
أعتصر عذاباً بات صلصالي
جذبني تغريد
انبعث من رئة سنديانة
وحين قطاف
ترمد خافق في متاهات الأفول
......إنه العشق.....
أصوات و روائح ظلام هناك
ثغر ضوء يتراقص هنا
على أرواحٍ قدمت قربان عشق
هي رحلة توقظ غفوة
فتعكس المرايا جمالاً
اكتنز في النور
أبهرنا ملاذاً
يطفو نقاء زجاج فينيسي
يبلسم جراحات ذاكرة نازفة
ولادات ..... وفيات
هكذا كانت جريدة العذارى
تحت عنوان ..
وهكذا يرحل ربيع...
فصل العبق
استباح الليل سطوته
ليعلن صدى الغياب
هسهسة حافية الرعشة
أنين أثقلت صداه تنهيدة
و قشعريرة عاصفة
رحل المطر .....
في حضرة رحيل
جنون عشق خلع الأمل
تراتيل عبادة مبتورة العطر
وذاكرة عارية النسيان
عانقت ملامحه
وارتدت طيبها
أسرجت صهوة الهوى
و الأحلام ...تحت حوافره
تنزف هادرة
تكبد بدر وسط النجوم
توارى خلف غيمة
عيناه تشيان بحزنٍ
قرب المرجان
نار الموقد تحرق
أصابعها
تهمس للرماد
علَّ جمرة
توقظ حنيناً
خاب مُناهُ
أراني
أعد رحيلك في خطوط مرآتي
فرأيت سنابلاً
تصفر وتبيض على مفرقي
اصطك البرد و ثَلَّ
أفئدة سودتها خيبات
أتكون لوثة في العقل
تعكس فينا دفئاً ساحراً
ذات ولادة كانت اغتراباً
وصال رحل
حلم مكسور المعصم
أمل هش العكاز
يداعب احساساً متوهجاً
مبعثراً ... أشعث
مكنوناً في الروح الهشيم
يعزفه ليل على ثقوب القصب
أنين مطر
لميس سلمان صالح
تعليقات
إرسال تعليق