PNGHunt-com-2

واكتفينا بالحياة : بقلم الشاعر محمدالخضور

((( واكتفينا  بالحياة )))
= = = = = = = = = =

تعالي ..
نسخر مـما يقول الموج لصخرةٍ
حين يـبرر رشقها بالملح ..
وحصارها بما خفَّ حمله ..
من الضحايا ..
وتركات المراكب  
.
نطلق بعض النكات على حزننا ..
وعلى دورتنا الدموية
التي لم تفهم روعة الوهم ..
فانفجرت باكيةً
حين داهمتنا الظنون
.
تعالي ..
نسخر من مهرجان الفرح ..
الذي طردنا ..
إِلى طريقٍ لم نجد لها قارعةً ..
لكي نموت عليها ..
فاكتفينا بالحياة 
.
عيناك .. ردة فعلنا على مراسم الحفل
ففيهما من الذبول ..
ما يوحي بإعلان الهزيمة
.
فيهما من العتب ..
ما يكفي لإِسقاط ما نحتاج من النجوم
لتطريز أَكفاننا
.
وفيهما من الجمال ..
ما يـبرر ذهول الكون
وخضوع القصيدة 
.
سنتعلم كيف يفسرنا الظمأُ بكل اللغات 
نكتب قصتنا على رقعةٍ من غيمةٍ كسولةٍ ..
لم تتعلم بعدُ فنَّ المطر 
فنموت معلَّقـيْـن بالجفاف  
أَو ..
نبحث عن قاتلٍ رقيقٍ
يعيننا على استبدال خيـبتـنا .. بالشهادة
.
أُريد أَن أَموت ..
أَكثر مما فعلت في السنوات الماضية 
فمن سيحملني هذه المرة ؟
قالت الشمس :
لا مكان لك عندي أَيها الغامق
أَنت محفوفٌ بسواد الغريم
سوف يحملك الليل على ظهر عتمةٍ يتيمةٍ
وسوف تموتان معاً
مرةً واحدةً .. كل فجر
.
فتعالي .. 
نسخر من طريقة الأَرض
في اكتشاف أَعمارنا
وتحويل شهادات ميلادنا إِلى سمادٍ
وتقديمنا طعاماً .. للمفاجآت
.
لا قبور في الكواكب الأُخرى ..
وحدها الأَرض
غنيةٌ بأَجسادنا
.
السماء مجدبةٌ ..
وحدها الأَرض
مليئةٌ بالأَشجار ..
والتوابيت
وجلود الأَفاعي
.
فدعيني أَكتبك ولو مرةً واحدةً
قصيدةً مباشرةً خاليةً من المجاز
والاستعارات ..
والخيالات ..
والصور ..
.
كأَن أَجيئكِ مثلاً ..
حين يمسني الجنون
أُميز عطرك لو غابت الشمس
أُلـملمهُ عن كريات الهواء الهاربة
أَرشف منه ما ظل عالقاً على عنقك ..
لكي يصير منارةً للقبل
.
أَلعق ما اختبأَ منه خلف أُذنيك ..
لكي يتعتق – على مهله – نبيذاً
هناك ، بعيداً عن فضول الشمس      
وبعيداً عن بلاهة الهواء
.
أَعرف نكهة شفتيك
لو أَعاق التراب التقاء العيون
أَلتهم ما تراكم فوقهما ..
من الجفاف .. والعطش
.
أَفهم حزنك الذي استدعاني من البلاد البعيدة
يشبه آخر الفقرات في القصص القديمة
يشبه حيرة المـعاني في القصائد الغامضة
ويشبهني ..
قبل أَن يكتشف التراب فوقي ..
أَنني ما زلت حياً

فـتعالي ..
نـؤَجل موتـنا حتى نهايات القصائد 
نمارس عشقاً صريـحاً
أُقبلك بـهمجيةٍ لم تلوثها الحضارة
أَصهر أُنوثة الكون فيك .. ثم أَشربـها
بشراسة القادم من الـمـجاعات والكوارث
بعنف الوحوش التي تفتك بالـماء .. حين تشرب
وبأَجساد إِناثها .. حين يذبـحها الحنين

أُذيبك كما يذيب الـموج أَملاحه .. ثم يحملها
لكي يموتـا معـاً
مرةً واحدةً
عند كل انكسار

هكذا .. 
يذبحنا المدَُ مرةً كل يوم
قرباناً للشواطئ الظامئة
.
وهكذا ..
يبعثنا الجزر مرةً كل يوم
قرباناً للزرقة الـمالحة 
.
وهكذا ..
تخلدنا لعبتنا مع الماء
فنسخر مـما تقول الحياة لنا ..
حين تحاول رشقنا بالموت ..
وحصارنا بما خفَّ حمله
من القبور
والأَعمار
= = = = = = = = = =
محمد الخضور / واكتفينا بالحياة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي