زنزانة ج3 : بقلم الكاتبة فاطمة محمد
" زنزانة "
#الجزء_الثالث
- سيدي أمهلنا بضع دقائق فقط ..
- لا يمكن يا آنسة انتهى الوقت وغير مسموح لكِ بالبقاء أكثر ..
- حسنًا، سأعود مرةً أخرى لأجلك يا نوح.
لم يجب نوح إذا كان راغبًا بعودتي، نظر إلي وبقي صامتًا قبل أن يقتاده الشرطي، تركني في حيرة أكبر، لماذا تفاجئ بمعرفتي لهدى، ما علاقتها به، هل يعقل أنّها تعرفه أو تربطها به أي علاقة، ولماذا أنتظر الزيارة الثانية، سأذهب إلى مكتب هدى وأخبرها أنني أعرف سبب رفضها لأوقع بها !
- مرحبا هدى، كيف حالك؟
- أهلا يقين، تفضلي كيف حالك أنتِ؟
- بخير، أود الحديث معك حول جريمة قتل السيد عصام ..
- وما شاني بها؟ لقد اعتذرت عنها ولا أعرف شيئًا.
- لكن نوح أخبرني بكل شيء، لماذا تنكرين؟
- ماذا؟؟ بماذا أخبرك هذا القاتل المخادع؟ إنه يكذب لا تصدقيه !
- إذا كان يكذب لماذا غضبتي؟؟
- نعم إنه كاذب !! ولا أعرف من هو!
- هدى اهدأي، مابك؟ لا تعرفينه وعلى الفور عرفتيه من اسمه، أخبريني أنتِ بالحقيقة إذًا لأعرفه كذبه ..
- يقين .. لا تتدخلي فيما يعنيكِ ولا تقحمي نفسكِ في أمورٍ أكبر منكِ، ابقي في قصصك المتفائلة والسعيدة، القضية منتهية، لص وقاتل وانتهى الموضوع !
- لكن ....
- اخرجي الآن لدي عمل أقوم به ! اخرجي !
استشاطت هدى غضبًا ،لأول مرة أراها هكذا ! إنها تخفي شيئًا عظيمًا ! لكن ما هو؟ علي الانتظار يومان لأعرف ما الأمر !
عدت إلى منزلي، لاشيء في بالي سوى نوح وهدى وهذا الغموض، لا يمكنني فعل شيء سوى الانتظار الآن، أحضرت معلومات عن ماضي هذا الشاب، لم يشكو منه أحد سابقًا، عائلته بسيطة، لا أعلم ما الذي يجري هنا، أدور في حلقة مغلقة، أفكار تأخذني وأخرى تعود بي إلى نقطة الصفر، في اليوم الثاني ذهبت إلى عملي، هدى أخذت إجازة ! مديري يريد سماع المستجدات، لا مستجدات لدي، لم أخبره بما حصل مع هدى، أخبرته بمقابلتي مع نوح، لكنه حذرني من أن أكون عاطفية، قال لي القتلة لا يؤتمنون، ولا تثقي بأحد سريعًا، هو محق لكن لا أعلم لماذا يتردد صوت داخلي ويقول لي أنّ هذا الشاب بريء ومظلوم، بل وأنا متأكدة من برائته، لا أعلم لماذا !
حان وقت الزيارة الثانية، أنتظر قدوم نوح، قلبي يخفق بشدة، سأعرف جزءًا كبيرًا من الحقيقة !
أتمنى ألا يرفض مقابلتي، أخشى أن يكون صمته ذاك اليوم رفضًا ! لقد تأخر قليلًا، هل يعقل أنّه لن يأتي ! صوت خطوات قادمة، إنّه هو، لقد أتى !
- إذًا عدتِ فعلًا ..
- أهلًا بك، حمدًا لله أنك أتيت !
- لا تفرحي كثيرًا، جئت لأخبرك ألّا تعودي إلى هنا ثانية ..
- لماذا؟؟ في المرة الماضية لم تقل ذلك ! وحدثتني عن الكثير، ما الذي غيرك؟؟
- حدثتك بما أردت ولم أتكلم لأنني فعلًا صدقت كذبك، بل لأنني كنت بحاجة للتحدث ربما، اذهبي فأنتِ لن تستطيعي فعل شيء ..
- لا أصدقك، أنت خائف من شيء ما ولهذا تراجعت !
- خائف !! ومما سأخاف؟ من الموت مثلًا؟ يا إلهي ليتهم يقتلونني لأرتاح ..
- إذًا هذا آخر كلام عندك؟ لن تخبرني بالبقية؟ مع أنني عرفت من هدى بعض الأشياء ..
- تكذبين، محال أن تخبرك فهي امرأة خبيثة ..
- أخبرني أنت إذًا، لآخر مرة سأطلب ذلك منك، ليس لأجلي، لأجلك أنت، صدقني سأخرجك من هنا، كما لدي يقين ببرائتك فليكن لديك يقين بأنني سأخرجك !
ثق بي، لن أخذلك كغيري، أنا أصدقك، إحساسي يقول أنك بريء، دعني أتبع إحساسي وأساعدك، وإن لم ترد فأنا سأرحل هذه المرة ولن أعود ثانيةً ..
نظر نوح إلى عيناي مباشرة، أطال النظر وكأنّه يقرأ كتابًا، بقي ينظر إليّ لدقائق ..
- حسنًا سأخبرك، ستكون هذه المرة الأخيرة التي أجرب فيها أن أثق بأحد، أعلم أنني أراهن رهانًا خاسرًا، لكن لا ضير من خسارة أخرى ..
هدى هذه تكون إحدى عشيقات السيد عصام، هي لا تعرفني فلم تكن تراني عندما كانت تأتي إلى منزله، أمّا أنا فأعرفها جيدًا !
- عشيقاته؟؟ تقولها جمعًا؟ هل أنت متأكد أنّها هدى التي كنت تراها؟؟
- لا تقاطعيني، نعم عشيقاته، لا تظني أنّه كان قديسًا، لقد كان زير نساء، كل ليلة امرأة جديدة، أما زميلتك، لم أكن أعرف اسمها، لكنني كنت أراها تتردد إلينا كثيرًا، ربما كان يجمعهم عمل أيضًا، فقد كانت تحضر بعض الاجتماعات السرية له، عندما أتت لتتحدث معي، أتت ظنًا منها أنني لا أعرفها ولتبعد الشبهات عن نفسها، وعندما عرفتها خشيت الفضيحة وخافت ! بل وأنّها هددتني إذا ذكرت اسمها !
- كل هذا !! واجتماعات سرية؟؟ أيّة اجتماعات؟
- آنسة يقين هل أنتِ متأكدة أنكِ تريدين معرفة هذه الأمور؟ إنّها أمور خطرة ..
- نعم أنا متأكدة، أكمل أرجوك ..
- كان لعصام أعمال غير مشروعة، بداية شككت بالموضوع، كان يأتي رجال كثيرون ليلًا، يجتمعون ويُمنَع علي الدخول إليهم، مزرعة بدون كاميرات، يكتفي بحارس واحد، أمرٌ مريب، كان يعطيني راتبًا ضخمًا بالنسبة لعملي، وهذا ما زاد تعجبي، في مرة سمعته يتحدث إلى أحدهم، استرقت السمع، واختبأت كي لا يلاحظ وجودي، ونجوت يومها من دون أن يُكتشف أمري، فعرفت أنّه يعمل بتجارة الممنوعات، لقد كان يستخدم قبو جمعياته الخيرية كمستودعاتٍ لذلك، الرجل كان داهية، صورته نظيفة ومحبوب لكنه في الحقيقة شيطان !! وصديقتك هدى كانت مقربة له، فقد كانت تأتي إليه أكثر من بقية الفتيات !
- ياللهول ! ماهذا الذي أسمعه !
- لا تتفاجئي، عصام هذا كان شيطانًا بثوب ملاك !!
- الموضوع أكبر منك !
بالتأكيد لديه أعداء كثر وهم من قاموا بقتله وألحقوا التهمة بك !
#فاطمة_محمد
#زنزانة_الجزء_الثالث #زنزانة
تعليقات
إرسال تعليق