زنزانة ج1: قصة بقلم الكاتبة فاطمة محمد
" زنزانة "
#الجزء_الأول
اسمي يقين أبلغ من العمر إثنان وثلاثون عامًا، درست الصحافة والإعلام، أعمل في جريدة الأمل، أبحث دائمًا عن القصص التي تحتوي على الأمل كاسم جريدتنا، أحب أن أسلط الضوء على قصص محفزة، ونشر الفرح، البحث وراء السعادة والابتعاد عن الأسى، وحتى وإن صادفته أسعى إلى تحويله لفرح، لم أتزوج بعد وأعيش مع والداي، حياة بسيطة نوعًا ما، لا تخلو من مضايقات المجتمع، لكن لا بأس هم سيتكلمون في كل الأحوال، تفرغت لعملي الذي أعشقه، كل وقتي له، أنا امرأة ناجحة مهنيًا، لي اسمي ومكانتي المرموقة في الوسط.
لدي شقيق وحيد يعيش في مدينة أخرى هو وعائلته، يزورنا بين حين وآخر، اليوم هو موعد زيارته، أحضر أنا وأمي الطعام لاستقبالهم، أتوق شوقًا لرؤيته هو وأطفاله، يملؤون علي حياتي ويشعرونني بالأمومة، سيصلون قريبًا .. لكن كأن هاتفي يرن ...
- مرحبا يقين، كيف حالك، هل أنتِ متفرغة الآن؟
- أهلا حضرة المدير، اليوم إجازتي، هل هناك شيء ضروري ؟؟
- نعم هناك شيء مهم، تعالي حالًا ..
اتصال مديري أربكني، ما هذا الشيء المهم الذي يدفعه إلى الاتصال وقطع يوم إجازتي !
تركت كل شيء من يدي وذهبت حالًا، بالتاكيد هو أمر مهم جدًا ..
- تفضلي ادخلي.
- ما الأمر الطارئ أستاذ؟
- يقين .. تعلمين أنني أعتمد عليكِ كثيرًا وأثق بكِ، أنتِ فتاة ذكية وأود أن أوكل إليكِ مهمة خارجة عن اختصاصك والأمور التي تتطرقين إليها عادةً.
- شكرًا على ثقتك، ما الأمر أخبرني؟
- أتذكرين جريمة قتل السيد عصام وصديقته التي حدثت منذ شهر، أود منك إجراء مقابلة مع مرتكبها، زميلتك هدى التي تعمل في التحقيق في القضايا البوليسية ومقابلة المساجين رفضت تولي هذه القضية بعد مقابلة المجرم، وأنا لا أثق بذكاء أحد غيرك ..
- لماذا اعتذرت هدى ؟ أنا لا أحب هذه الأمور ولا خبرة لدي بها سيدي !
- لا أعلم السبب وهذا ما زاد إصراري على ملاحقة الموضوع، لا تخشي شيئًا فأنتِ من أبرع الصحفيين الذين قابلتهم في حياتي .. وأشدهم ذكاءً !
- لكن يا أستاذ أنا لا أعرف شيئًا عن الموضوع !
- ستعرفين كل شيء ليس بالأمر الصعب، وأنا لا أصدق أن رجلًا بمركز عصام يقتل لأجل المال وفقط ! ثم إنّه كان من أكثر المساهمين في الأعمال الخيرية، كان رجلًا محبوبًا، حتى قاتله كان يأخذ مرتبًا ممتازًا، لا أعلم هناك شيء غريب وأريد معرفة الدوافع وراء هذه الجريمة !!
ألّا ترغبين بمعرفة ذلك مثلي ؟
ألّا تفكرين بنجمك الذي سيلمع في سبق صحفي كهذا ! والترقية والعلاوة ؟
استوقفتني كلمة مديري .. نجمي الذي سيلمع .. ومسيرتي المهنية التي ستصبح حافلة !! هذا ما أسعى إليه دائمًا، أحلم بأن أكون الأفضل، ولما لا ؟ هدى ليست أفضل مني بشيء .. وبدون تردد قلت له ..
- نعم أنا موافقة !!
سأذهب لرؤية ذلك المجرم غدًا وسأحل هذا اللغز إن وجد !!
أخذت كل المعلومات التي أحتاجها وعدت إلى منزلي، وجدت عائلتي بانتظاري وعلى الفور أخبرتهم بما يريده مدري، وعلى عكس ماتوقعت لم يفرحوا لأجلي بل غضبوا كثيرًا ! وبالتحديد شقيقي الذي استشاط غضبًا وبدأ يصرخ بي !
- يقين هل أصابك الجنون؟ كيف توافقين على شيء كهذا؟ جريمة قتل يا يقين !! لن أسمح لك بأن تزجي نفسك في مثل هذه الأمور !
- ما الذي تقوله يا ماهر ! إنها فرصة لي لأصل إلى شيء أكبر مما حلمت به أصلًا !
- هل أنتِ حمقاء ؟ هذه الأمور فيها خطورة عليكِ ! ثم ماذا سيقول الناس عنكِ وأنت تترددين ذهابًا وإيابًا إلى السجون !! هذا العمل مرفوض رفضًا قاطعًا هل فهمتي !
- وكأنني سأنتظر منك أن تسمح لي ! لا شأن لكَ بعملي ولن أطيل الحديث أكثر من ذلك ..
غادرت إلى حجرتي وتركتهم يصرخون ويوبخون، لم أسمع كلام أحد فقط أسمع ما في رأسي، الآن بعد أن كبرت وأصبحت امرأة ثلاثينية يعود بي ماهر إلى تصرفات المراهقة !! لم أرَ شقيقي غاضبًا هكذا في حياتي ولم يتحدث لي عن المجتمع وكلامه من قبل، ماذا دهاه الآن؟ هل سأوقف حياتي لأجل ما يقوله الناس ؟ ألًا يكفي تدخلهم في حياتي ؟ ألًا يكفي أنني أسمع انتقاداتهم دائمًا؟ والآن أترك عملًا مهمًا فقط لأجل كلامهم؟ ماذا سيفدونني هم أصلًا ؟؟
هل علي تحمل كل هذا لأنني امرأة !!
يخشون من ترددي إلى السجون وكأنني أنا التي أعيش بحرية !
ألا يعلمون أنني في سجن أكبر ومقيدة في زنزانة مجتمع أحمق !
رفضهم زاد إصراري، لن أترك هذا السبق الصفحي لأحد، سأريهم أنني قادرة على كشف كل شيء !
#فاطمة_محمد
#زنزانة_الجزء_الأول #زنزانة
تعليقات
إرسال تعليق