الشاعرالفرنسي ستيفان مالارميه/1/:بريد السماء الإفتراضي بقلم الروائي أسعد الجبوري
الشاعر الفرنسي ستيفان مالارميه
في بريد السماء الافتراضي
_______________________________________________________________________
س:أيهما الأكثر استقراراً للنفس الشعرية :الأرض أم السماء ؟
ج/ لا استقرار لشاعر بارع في منازل اللغات.
س:وهل ترى بأن اللغاتَ منازلٌ على حدّ تعبيرك ؟
ج/أجل. إلا انها منازل بلا سقوف .
س:بادئ بدء .بأي شئ يمكن أن يُضحى به،كي يكون المرء شاعراً ؟
ج/بالشهوات .
س:وهل ينجح الشعر بالابتعاد عن الجوانب الشهوانية في لغته ؟
ج/ربما.ولكن الاعتماد على الشهوات في بناء القصائد،أشبه ما يكون بالأفيون .
س:وعلى من تسجل خوفك أولاً:على اللغة من الأفيون أم على التصوير الشعري ؟
ج/لا أحبذ رؤية القصائد وهي تدخنُ .
س:تبدو إنك لست مغامراً ؟
ج/بالضبط.لا أحب أن أكون مغامراً لا على التراب أو في المياه ولا على الورق .
س:ألا تسقط عنك مثل هذا الاعترافات صفة أن تكون شاعراً ؟
ج/لا أظن ذلك .
س:لمَ أنت متأكدٌ من عدم توصيف ذلك؟
ج/لأن الشعر والشعراء،لا يخضعون للقوانين النقدية ولا للقواعد اللغوية التي تفرض عليهم أنماطاً محددة من السلوك أو الكتابة أو التفاعل مع الوجود والموجودات.
س:أنت عشت طفولتك وحيداً بعد رحيل والدتك بشكل مبكر.كيف تندمج صورة الطفل مع صوت الوحدة؟
ج/بالنمو السريع.
س:ما الذي تقصده بالنمو السريع بالضبط يا مالارميه ؟
ج/أعني النمو في الحب حتى سقوط الجسد في الجسد الآخر.
س:تقصد إنك قفزت بالزمن من مرحلة الفراغ العاطفي الذي خلفته إليك أمك على الأريكة في الصالون،إلى التزحلق على جسد امرأة يمكن أن تأخذ بك إلى عوالم النشوة الكبرى؟
ج/وذلك ما حدث .تزوجت من الفتاة الألمانية ((ماريا غيرهارد )) وغادرت إلى انكلترا مبتعداً عن صندوق ذكرياتي الأسود في فرنسا .
س:ولكن لمَ نالَ منك الاكتئاب آنذاك ؟
ج/لأن ذهني كان ممتلئاً بحطب مبلل بدموعي .
س:بكاءً على المفقودين من العائلة ،أم هي فكرة فتح قناة الدمع لإرواء المناطق المتصحرة في الجسد؟
ج/عندما تأتيني الكآبة في أعلى درجات سلّم ريختر ،سرعان أحمل جسدي إلى الغابات وأتمددُ تحت المطر.
س:لتغتسل بالمجان ؟
ج/لا.بل لرغبة عارمة مني بانتظار الذئاب أو الدببة.
س:لتكمل السهرة مع تلك الحيوانات مثلاً ؟
ج/بل لأقدم لحمي لتلك الحيوانات وجبةً سريعةً دون مقابل.
س:هل فكرت يوماً بأن تحوّل القصيدة مطعماً للوجبات السريعة ؟
ج/في زمننا ذاك،لم يكن لمطاعم ماكدونالد وجود.ومع ذلك قد نأخذ بالفكرة لجعل الشعر طعاماً هو الآخر.
س:طعاماً روحياً تقصدُ ؟
ج/ لا .لم اقصد ذلك بالمعنى الذي أريده.ولكننا يمكن أن نحوّل الشعر إلى طاقة غذائية تحمل لأجساد القراء البروتينات التي يحتاجها.
س: من خلال الاتصال الجنسي مثلاً ؟
ج/لا أظن بأن النشوة تأتي عبر الاتصال الجنسي وحده،ففي الجسد الواحد توجد ملايين من قوات الاتصال التي تدمج أرواح المخلوقات بعضها بالبعض الآخر، وصولاً إلى لحظة الهباء.
س:كيف يحدث ذلك الهباء برأي ما لارميه ؟
ج/كل اندماج في جسد ثانٍ،يعني أن الجسدين يفقدان هويتيهما،ويكونان بحاجة لهوية جديدة.هذه هي الفيزيائية الشعرية التي تتداخل بالعلم البيولوجي المنتج للفرادة في الخلق والتمسرح بالمحبوب حتى نقطة الصفر.
س:ما الذي تعنيه نقطة الصفر في الشعر؟
ج/أن تبدأ القصيدة من حيث ينتهي الشاعر بإرهاصاته وملذّاته وأصوات أغانيه .
(( يتبع))
تعليقات
إرسال تعليق