PNGHunt-com-2

أمي : بقلم الشاعر عقيل حاتم الساعدي

أمِّي

أَشتاقُ أمِّي وأحيا حينَ أَلقاها
مِن مَنبَعِ النُّورِ ربُّ العرشِ سوَّاها

البدرُ يُمسِي طَروبًا عندَ ضِحْكتِها
سبحانَهُ ببهاءِ الرُّوح يَغشاها

مُذ كنتُ طفلًا أَرى الشُّطآنَ مُقلتَها
والبحرُ يَبدو سلامًا حيثُ عيناها

كم مرَّةٍ بسوادِ اللَّيلِ أُوقِظُها
يَشِعُّ كالبدرِ نورٌ مِن مُحَيَّاها!

اللَّيلُ يَزهو إِذا قامَت تُسامِرُني
والسَّعدُ يَأتِي إذا بانَت ثناياها

تَأتِي لنا كربيعٍ مُشرِقٍ عَبِقٍ
كأنَّها الشَّمسُ والأزهارُ تَهواها

أو نخلةٌ في فِناءِ الدَّارِ شامخةٌ
تَجود دومًا ولم تَنضبْ عطاياها

فلم تُبارِحْ فؤادي الصَّبَّ صورتُها
سبحانَ ربِّي بنورِ الصُّبحِ غطَّاها

كبلبلٍ في رياضِ العشقِ خافقتي
يَشدو سعيدًا على ألحانِ نجواها

لم تَشكُ منِّي وإن أَتعَبتُ كاهلَها
يا بئسَ خاتمتي إن كنتُ أَنساها!

تَئِنُّ حزنًا إذا يَنتابُني وجعٌ
وحينَ أَفرَحُ تَعلو بسمةٌ فاها
       
كانَت تُرَدِّدُ دومًا دونَما كللٍ:
صلُّوا على آلِ بيتِ المُصطَفَى طه

تُصاحِبُ الدَّمعَ والآهاتُ ماهدَأَت
ومَنطِقُ الحقِّ أَبكاني وأبكاها

تَسُحُّ فوقَ خدودِ الصَّبرِ دمعتُها
كموجةِ النَّهرِ إذ ضاقَت بمجراها

تَحكي لنا عن جراحِ الأنبياءِ وعن
فتوى تَدورُ وصوتُ الموتِ أَفتاها

جحافلٌ بسيوفِ الغدرِ تَتبَعُهُ
شيطانُهُ بوعودِ الزَّيفِ أَغواها

ماذا أَلَمَّ بنا؟ فالقدسُ قد سُلِبَت
بغدادُ ثكلى ونهرُ الدَّمِّ روَّاها

تَحكِي عن رزايا كالسُّيولِ همَت
والحزنُ تَسكُبُهُ كالغيثِ عيناها

وعن بناتِ رسولِ اللهِ باكيةً
بما دعاهُ حُسَينٌ تَسأَلُ اللّهَ

كم مرَّةٍ بمَنامٍ زاحَ كُربَتَها!
لسانُهُ بعظيمِ السرِّ واساها

وكم تَقَلَّبَتِ الأيَّامُ في أبتي!
بالصَّبرِ تَسمو ولم تُظهِرْ رزاياها

حتِّى إذا ضاقَتِ الدنيا بما رحُبَت
تُريه بسمتَها مِن دونِ شكواها

مِن سدرةِ المُنتَهَى الرَّحمٰنُ عطَّرَها
من فيضهِ بغرامِ الآلِ زكَّاها

امدُدْ إلهي لها مِن عمرِنا مَدَدًا
واغدقْ عليها من الرحمات ترعاها

وارفَعْ لها في جِنانِ الخُلدِ مَنزِلةً
لعلَّ عينيَ بالأفراحِ تَلقاها

حيث الحبيبُ لتَهنا يومَ مَبعَثِها
واجعَلْ إلهي شرابَ الحوضِ سُقياها

وارحَمْ إلهيَ موتانا وموتاها
واجعَلْ جوارَ بني الزَّهراءِ مَثواها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي