نرسم صحونا: حوار شعري وتهنئة القس جوزيف إيليا للشاعرة المصرية فوزية شاهين
نرسم صحونا
---
كتبتُ إلى خنساء مصر الشّاعرة الأستاذة فوزية شاهين مهنئًا بتوقيع آخر دواوينها قائلًا :
"فوزيّةٌ" وهبتْ كنوزَ قصيدِها
فلْنغترِفْ منها الّذي فيهِ الغنى
ما أجملَ الأشعارَ تُخصِبُ جَدبَنا
وتقيمُ فوق خرابِنا خيرَ البِنا
فلْتُكثري مِنْ شدوِ ألحانٍ بها
نمشي خِفافًا نحو جنّاتِ الهنا
فأجابتني قائلةً :
يا شاعرَ الفِردوسِ يا ملِكَ السَّنا
يا نورَ فجرٍ شعَّ في صبحي أنا
أغريتَ كلَّ المُمكناتِ بأحرفي
لمَّا نهارُكَ من مساءاتي دنا
فأنا هُناكَ أدوزنُ الّلحنَ الجميلَ
وأنتَ تعزفُ فوقَ أوتاري هُنا
فقلتُ :
أختاهُ هذا الّلطفُ يبهجُ مهجتي
فأروحُ أجني منهُ فيضًا مِنْ جَنى
فلْتسلَمي يا عذبةَ الألفاظِ مَنْ
قد قالَها دُررًا مِنَ الدّنيا اقتنى
أنتِ الّتي بالشِّعرِ شِدتِ منازلًا
تبقى ولن يُنهيْ دعائمَها الفَنا
فقالت :
ما كنتُ إلّا عُودَ طِيبٍ مسَّهُ
سِحرُ الرّؤى وأمام حرفِكَ أذعنا
أو قطرةً من نهرِكَ السلسالِ إذ
عبَرَ الفضاءَ وفي حقولي استوطنا
فعلى يمينِكَ أينعَ النِّسرينُ يا
"جوزيفُ"وامتلأتْ شِمالُكَ سوسنا
فأجبتها :
الّلهُ يا "فوزيّةٌ" أسعدتِني
كالّلحنِ قولُكِ ذا أتاني مُتقَنا
فملا ضلوعي نسْمةً طابت بها
نفسي وقد أدمى جوانبَها الضّنى
أنا مَنْ رماهُ الدّهرُ فوق مناخسٍ
ومحا لهُ بضراوةٍ ما بيّنا
فقالت :
"صبرًا جميلًا" سوف يأتي الوقتُ
بالوطنِ السَّليبِ لأهلِه مُتسلطِنا
وتعيشُ فيهِ مُنعَّمًا ملِكًا على
عرشِ القلوبِ وأهلِها بعد العنا
لا تُحزنِ القلبَ النقيَّ فقد أتى
زمنٌ يعيدُ الرّوحَ والسَّلوى لنا
فقلتُ :
وطني ذبيحًا لمْ يزلْ وجَمالُهُ
عبدًا أمامَ جحافلِ القُبْحِ انحنى
ديستْ حدائقُهُ وغُبِّرَ نبعُهُ
ونجومُهُ انطفأتْ فأمسى مُثخَنا
يا ويلَ نفْسٍ دُمِّرتْ ببلادِها
ومضت إلى الأغرابِ ترجو موطنا
فقالت :
آهٍ إذا ذُكرَتْ بلادي والفؤادُ
مُمزَّقٌ فوق اغتراباتِ الدُّنا
نصفينِ صرتُ تكسَّرتْ فيَّ المعاني
والأماني رغمَ عزمي ما ونى
رغمَ انكساراتِ الضّياءِ تحوّلاتِ
المستقيمِ إلى ملامحِ مُنحنى
سنظلُّ نحيا فوقَ صدرِ المستحيلِ
لكي نراهُ بطرْفِ صبرٍ مُمكنا
فتابعتُ قائلًا :
وسنعبرُ الآتي بخطوٍ راقصٍ
في كهفِ ماضٍ مُعتِمٍ لن نسكنا
والوحشُ نهزمُهُ ونطلقُ صوتَنا
ونزيلُ بالأعراسِ ما قد أَحزَنا
بالفكْرِ والأشعارِ نرسمُ صحوَنا
ونذوقُ من يدِ دهرِنا حلوى المُنى
------
القس جوزيف إيليّا
٢٩ - ٣ - ٢٠٢٢
فوزية شاهين
تعليقات
إرسال تعليق