أماه ياعطر القرى : بقلم الشاعرو فاتن عبد السلام بلان
أُمـاهُ يـا عـطـر الـقُـرى
**
مَنْ مثْلُها هيَ وحْدَها
مَنْ تُطْعمَ الشًُباكَ سُكَّرَ صوْتِها
ترْمي لـ عصْفورٍ بحنْطةِ كَفِّها
مَنْ غَيْرُها
حنَّاءُ شَمْسٍ في جَديلةِ شَعْرِها
أشْتاقُها
بيْتًا ، وحُضْنًا دافئًا
مِشْطًا ، وكُحْلًا فاتنًا
نَعَسًا يُؤرِّجحُ رمْشَها
يا ملْحَها
عِطْرُ القُرى
شَايٌ وقصْفةُ نعْنعٍ
منْقوشَةٌ مِنْ زعْترٍ
فنْجانُ ضوْءٍ قهْوةٍ
حبَّاتُ هَالٍ في صَبيحَةِ “مَتَّةٍ”
وندىً يُبلِّلُ ريقَها
يا نارَها .. حَطَبٌ حزينٌ دامعٌ
تَنّورُ دارٍ جائعٌ
أيْنَ الحبيْبةُ أيْنَ نكْهةُ خُبْزِها
أشْتاقُها .. عِطْرُ القُرى
غيْمٌ ، وبرْقٌ مُرْعدٌ
وطَريقُ عِشْقٍ موحلٌ
ومِظلّةٌ مهْجورةٌ
صرَختْ تُنادي عاليًا أمطارَها
يا صوْتَها .. مُهْرٌ صغيرٌ راكضٌ
وصَهيلُهُ ، خِلْخالُ دُفٍّ راقصٌ
في غُصَّةٍ
قَصَبٌ جريحٌ صوْتُهُ
مبْحوحةٌ ناياتُهُ
لَحْنٌ بِـ (يَا) أشْتاقُها
عِطْرُ القُرى
نَهْرٌ يُغرْغرُ موْجُهُ
جِسْرٌ يُتأتيءُ ضلْعُهُ
أيْنَ الحبيْبةُ أيّنها
يمْشي غزالًا كَعْبُها
أشْتاقُها .. قرَويَّةً
أُمْيَّةً .. عفْويَّةً
بـ القشِّ تكْنسُ دَارَهَا
بمَرَاهمِ الجدَّاتِ تمْسحُ جُرْحَها
يا قلْبَها .. وَطَنٌ حَمامٌ حائِرٌ
غُصْنٌ مِنَ الزِّيتونِ نَخْلٌ فَارِهٌ
يا حُبَّها .. ترْتيلةٌ تَكْبيرةٌ
عيدٌ ونبْضٌ خاشعٌ
طفْلٌ يتيمٌ لاجيءٌ
تلْكَ الّتي قبَّلتُ ثدْيَ تُرابِها
قدْسّتُ رحْمَ سَمائِها
يا نبْعةً يا بحْرةً يا روْضةً
يا قُبْلةَ الموْلى على ثغْرِ الدُّنَا
( عِطْرُ القُرى )
أمَّاهُ يا تلْكَ الّتي
أحْببْتُها .. فـ عبيرُها
سَكَنٌ وسُكَّانٌ وسَكْنى كعْبةٍ
هي وحْدَها
مِنْ هَبَّةٍ للرِّيحِ يأرَجُ زهْرُها
بُشْرى بـ ثَامنةٍ
ووجهٌ في سمائي وجهها
لو مرَّ بي طيْفُ الّتي
حَمَل الطّفولةَ والشَّقاوةَ والدُّمى
عَزْفَ الجدَاولِ والبَيَادرِ والمُنى
تلْكَ الّتي إنْ مرَّ بي لوْ طيْفُها
سأرى الكوَاثرَ جنَّةً في ثوْبِها
أشْتاقُها مَنْ مثْلُها
مِنْ آيةٍ وتَنزَّلتْ عِطْرُ القُرى
تلٍكَ الَّتي قدّسَتُها
وعَدَ العظيمُ بـ جنَّةٍ
فشربْتُ شهْدًا مِنْ خُطى أقْدامِها
أيْنَ التي و بآهةٍ عاتبْتُها
يكْفي رَحيلًا مؤْلمًا
فـ تُجيبُني أشْياؤها
“قدْ كَانَ حُكْمًا” موْتُها
مَنْ مثْلُها ، لوْ مرَّ بي طيْفُ الَّتي
أحْبو كسيحًا نحْوها
هيَ وحْدَها تلْكَ التي أطَّرتُها
أرَّجتُها ، أرَّختُها ، ناديْتُها
( أمَّاهُ يا عِطْرَ القُرى )
**
فاتن عبدالسلام بلان
تعليقات
إرسال تعليق