أمواج الروح : الشاعرة نازك مسوح

* أمواجُ الرُّوحْ *
____________
هكذا،ودونما اِستئذانْ،
وكفزَّاعةٍ مَسَّها الجنونْ،

تغزو الحياةُ حقولَ عمرِي،
تقبضُ بيدِها الفولاذيَّةِ على كِيزانِي،
أتُراها تطمعُ في نهبِ أسنانِها الذهبيَّةْ،
أمْ أنَّها فقطْ...
تُداعبُ خصلَ شعرِها الأشقرْ،
شعرِها الضاحِكِ للشَّمسِ السنيَّةْ؟

كَم أَدهشتنِي الحياةُ في إِقبالِها وإدبارِها!
وكَم شحَّتْ في رفدِها أنهارَ سعادَتي!
ثمَّ كَم أمطرَتني غُيومُها السوداءُ
أسىً غزيراْ!

وحتَّى حينما فرَشَت موائِدَها الدَّسمةَ
في أحضانِ عمرِيَ الشَّقيّْ،
وقفتُ حَيرَى ممزَّقةْ،
تتنازعُ نفسي وحوشُ الرغائبْ.

أَأَمضي إليها هزيلةً فاغرةَ الشِّدقْ،
تصفَعني أكفُّ الشَّرَهِ في كلِّ لقمةْ،
ام أمكُثُ مرذولةً تلتَهمُ أحشائي
سناجِبُ الجُوعْ؟
حقّاً خيارانِ أحلاهُما حنظلْ!

لا لن تغرِيَني أظفارُ النَّهمْ،
فأمضيَ إلى قضمِها،
لا بل سأمضي إلى تقليمِها،
وتشذيبِ أغصانِها،
وأكثرَ من ذلكْ...
سأصبغُها وأخضِّبُها بحنَّاءِ
روحيَ المُتيَّمةِ بالنُّورْ.

ها أنا أمضي بخطاً وئيدةٍ مع زمَني،
رُوحي تزهرُ معَ كلّ فجرْ،
لن أحنثَ بوَعدي وإن خانَني دَهري،
لا لن أستكينَ عن طحنِ نزواتي
سأعجنُها بماءِ المَكرُماتْ،
كي تخرجَ من تنُّورِهِ رغيفاً
شَهيَّ الطعمِ فوَّاحَ العطورْ.

نازك مسُّوح