حياة الفكر : الشاعر أحمد مانع الركابي
قصيدة (حياة الفكر)
ستشقى ثمّ تشقى ثمّ تــــــشقى
لكي ترقى الحقـــيقة حين ترقى
وربّ كشمعةٍ ستذوبُ ليلا
إذا ما عانَقتْ للضوء شــــوقا
وليس الناسُ في سعةٍ ســــــــواءً
فبعضٌ فاقَ ماءَ البحرِ عـــــمقا
وبعضٌ كالفراغِ فليس فرقٌ
إذا ما غاب أو قد جاءَ نلقى
صحبتُ الـــــــدهرَ في خيرٍ وشرٍّ
وجبتُ عــــوالما غـــــربا وشرقا
فلم أؤمنْ بغيرِ الـــــــــــــعقل درباً
ولم أؤمـــــــــــنْ بغـير الفكرِ عتقا
ومنْ يحيَ الحــــــــــــياةَ بلا نضالٍ
يعشْ في الدهرِ ما قد عــــــاشَ رقّا
نعمْ يرمــــــــــى بألـــــفٍ من سهامٍ
ويلـــــــــــقى ربّــــما لو سارَ رشقا
لأنّ الحـــــــــــــــــاسدينِ بكلّ أرضٍ
كذاكَ بضعفهم سيـــــــــــكونُ حمقى
ولـــــــــــكنّ الإرادة لا تبــــــــــــالي
إذا أعطيتها في النبـــــض عـــرقا
إذا سدّ المـــــــــــــــــــحالُ عليكَ بابا
لآخرَ ســـــــــــــــوفَ تفتحُ منهُ أرقى
فاخترْ للـــــجمالِ وثمّ حــــــــــــــــاذرْ
لصحبةِ من يرون القــــــــــــــبحَ ذوقا
فــهم كالنارِ لو لم تلــــــــــقَ شيــــــــئا
ستـــــــــحرقُ ذاتــــــها في الشرّ حرقا
عجيبٌ كيــــــــــــــــــــــــفَ نأمنُ لليالي
ونفرحُ عنـــــــــــــدها ونـــــذوبُ عشقا
ونـــــــــــبني من خيــــــــــالِ الوهمِ بيتا
ونــــــــحسبُ أنّه يـــــــــــــــبقى ويبقى
ولو نطــقَ الزوالُ لقــــــــــــــــــــــــالَ إنّي
سحقتُ ســـــــــــــــفينة الأحـــــــــياءِ سحقا
ولم ألــــــــــــحظْ سوى سيـــــــــــــل المنايا
مع الأيــــــــــــــــــامِ ثمّ النــــــــاس غرقى
أكـــــــــانوا من ملــــــــــــــــــوكٍ أم عبيدٍ
بكفّ الــــــــــــــموتِ لا يلـــــــــقونَ فرقا
فخـــــــــــــيرُ النـــــــــــاسِ من يحيا بفكرٍ
يشقّ طــــــــــــــــريقهُ في الدهــــرِ شقّا
فلا يقضي الــــــــــــــزمانُ علـــــــــى رؤاهُ
ويمـــــــــــــــحقُ في خطـــــاهُ الموتَ محقا
فصناعُ الحضـــــــــــــــارةِ ليـــــــــــــس إلا
قـــــــــــليلا أحــــــــــــــدثوا في الفكرِ خرقا
فجاليلو الـــــــــــــــــــــذي عــــــانى طويلا
كما العــــــــــلماء كــــــــــــادَ يموتُ شنقا
ولـــــــولا دفــــــــــعهُ لغـــــــــــباءِ قـــــومٍ
لـــــــــــــــدقوا عنــــقهُ بالشــــــــــــــنقِ دقّا
وما تبنى الحـــــــــــــياةُ بغــــــــــــــــيرِ فكرٍ
لهُ الدينُ القــــــــــــــويمُ يكــــــــــــــــونُ أفقا
لأنّ الـــــــــــــــــــدين مـــــــــــــرآة المعاني
يـــــــــــــزقُ الحبّ في الأفــــــــــــكارِ زقّا
ولــــــــــــــــيس بـــــــــــذنبه لو أطـــــروهُ
وعـــــــــــــاثوا فيه باســــــــــــم الله فـسقا
وما تحــــــــــــــيا الشعـــــــوبُ سوى بفكرٍ
ونـــــــــــهجٍ يرفدُ الأجيـــــــــــــــالَ خلـقا
ليـــــــــــنهضَ من ركــــــــــامِ الجهلِ شعبٌ
يهــــــــــــــــــدّمُ باطـــــــــلا ويقـــــــيمُ حقّا
تعليقات
إرسال تعليق