رؤية بقلم الناقدة نسرين المدهون في قصيدة للشاعرة سارة خريبيق

قراءة نقدية لنص الشاعرة Sara Khrebek بعنوان          ( حقل الوردِ   )

هذا النص فيه من الاتساق والتكامل شكلا ومضمونا
فاستخدام الإحالة فيه أبرز جمالياته وحقق الغاية المرجوة منها الإحالة باستخدام الضمير المتصل والذي أفرد حيزا كبيرا للمشاعر الصادقة النابعة من عمق الحزن والإحساس بالفقد الذي عم روح الشاعرة إضافة إلى روح المكان والزمان
والإحالة باستخدام ال التعريف العهدية التي أعطت مساحة كبيرة للصورة الوجدانية العميقة المتغلغلة في النفس فطغت .
تنكير أمس وتعريفها هذا التناقض الذي شكل محور القصيد ألا وهي الذكريات على المدى البعيد وعبر السنين والتي تجلت دفعة واحدة في لحظة كتابة النص مما أعطى مساحة للمشاعر بأن تسكب حبر روحها على المعاني
الإحالة في لفظ الحزن وهو إشارة إلى تمكن الحزن من الشاعرة والسيطرة عليها في تلك اللحظات التي مرت بها الذكريات والصور دفعة واحدة كجيش عرم وأثره عليها وال العهدية في لفظ الحزن وجميع الألفاظ كانت مقصودة فالشاعرة تقصده وتعرفه مسبقا وتعرف أسبابه .
استخدام الجناس التام في لفظ الورد أعطى انسجاما تاما في المعاني وترابطها فلظ الورد في الشطر الأول هو ورود الدار التي كانت الأم تسقيها والتي كانت تعرفها حق المعرفة أما الورود في الشطر الثاني فهي الأم التي تعجلت الرحيل تاركة خلفها عبق الذكريات والحنين وعطرها  الذي  حزنت على غيابه ورود الدار .
التكرار في بعض المفردات سواء أكان بذات اللفظ أم بالمرادف أوجد مساحة لتغطي مشاعر الحزن والفقد على النص لتطفو على ملامح القصيد لتغرق النفس معها في آلامها وأحزانها جراء الفقد والرحيل

استخدام الإحالة بالضمير  المتصل الذي يعود على الأم أبرز الصفات التي كانت تتحلى بها وعظم الرسالة التي جاهدت في حملها لتصل على أكمل وجه إضافة إلى عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها
الصورة الابتكارية التي استخدمتها الشاعرة موظفة من خلالها الإحالة بأبهى صوره نقل للمتلقي بالإحالة مشاعر الفقد والحزن والشعور بالحاجة لصمام الأمان ألا وهي الأم.

واخيرا الشبه الكبير بين ملامح الشاعرة والأم أخذ حيزا كبيرا من المشاعر الممزوجة والمختلطة بين الحزن والجمال .
يَمُرُّ أمسي وَذِكْرى الأمْسِ مِنْ عُمُري
ذِكْرى تُوَدِّعُ آلافاً مِن الصُّوَرِ

إليكِ أمّي يَسيْرُ الوَجْدُ قافِلَةً
مِن الحَنينِ وَيَمْشي الحُزْنُ في أثَري

ماذا ألَمَّ بِحَقْلِ الوَرْدِ مِنْ كَدَرٍ
حتّى تَعَجَّلَ حَقْلُ الوَرْدِ بِالسَّفَرِ

أمّاهُ غبْتِ وَجابَ الحُزْنُ أرْوِقَتي
وَظّلَّ طَيْفُكِ في تَغْريبَةِ السَّحَرِ

أمّاهُ أبْحَثُ عَنْ صَدْرٍ يُلاطِفُني
عَنْ نورِ وَجْهِكِ.. عَنْ كَفَّيْكِ.. عَنْ خَبَرِ

عَنْ لَوْنِ خَدِّكِ حينَ الصُّبْحُ يُوقِظُني
عَنْ بَسْمَةِ الماءِ في إشْراقَةِ الجُزُرِ

عَنْ كُلِّ خُلْقٍ بَهِيٍّ مِنْكِ جَذْوَتُهُ
وَعَنْ سَجايا مِن الياقوتِ وَالدُّرَرِ

خُذي دُموعي وَذُرّيْها عَلى وَجَعي
وَرَتِّلي فَوْقَ صَوْتِ الآهِ بِالسُّوَرِ

وَإنَّ حُضْنَكِ في مَعْناه لِي وَطَنٌ
أطوفُ كَعْبَتَهُ في لُجَّةِ الضَّجَرِ 

أمّي مُعَلِّمَةٌ, كانَتْ رَسائِلُها
تُهْدى لِنَبْعٍ صَفا مِن شائِبِ الْكَدَرِ

كانَتْ مَناسِكُها والعِلْمُ واحِدَةً
الحُبُّ مِشْكاتُها كَالضَّوْءِ لِلْبَشَرِ

سَمَتْ سُلوكاً عَلى الأشْياءِ في كِبَرٍ
رَفيعَةُ الخُلْقِ في نَأْيٍ عَن الضَّرَرِ

يا ربُّ فَالْطُفْ بِها .. أكْرِمْ مَنازِلَها
وَاجْعَلْ سَرائِرَها تَغْفو عَلى سُرُرِ

أماه ادرك من فارقت صورته
هو ارتحال الندى في رحلة القدر

إلَيْكِ أمّي سَلامُ الله أرْسِلُهُ
ما أنَّ نايٌ وحَنَّ العودُ لِلْوَتَرِ

      ( انتهت القصيده )
.