PNGHunt-com-2

إضاءة بقلم الناقدة حنان عبد اللطيف في نص (خصال البرق) للشاعرة مرشدة جاويش

#حين #يأتيك
إهداء له مقامات الجمال والإبداع يدخل آيات النفس ويقلب الحلم الأزرق بصوره الراعشة التي تطوف على الذاكرة
بترفه الحسي النقدي يكلل الوجد يتوه بنا بدربات الأنا الهائمة نقدس أجمل ثوانيه حد الشغف
مبدعة لها هديل يصفر في الروح غلالات رهيفة 
بورك حرفك المتلاشي ببراعته وأحواله اللافتة وبريق لهجته
إهداء تتنفسه الروح وتذوب به الذات سيدة البيان القديرة أ. حنان عبداللطيف ممتنة أيتها العميقة إنها اضاءة نقدية عالية وليست بتعليق
شكري أجزله وهذا الضوء الذي سلط على نصي

#خصال #البرق
حِيْنَ الشَمْسُ اغْتَسَلَتْ بِالظِّلِّ
وَأَرْخَى الوَرْدَ سِتَارَ
العِطْرِ عَلَى الأَرْضِ
وَحِيْنَ النَشْوَةُ فِيْ الأَغْصَانِ
انْتَشَرَتْ ثَمَرَاً
كَانَ فَضَائِيْ يَفْتَتِحُ النَبْعَ
وَكَانَتْ بِنْتَ الْدَهْشَةِ
تَرْكُضُ بَيْنَ الأَعْشَابِ
لِتَلْتَقِطَ الخُضْرَةَ مِنْ عَيْنَيْك
وَتَكْتُبُ بِالأَوْصَافِ العُلْيّا
لِخِصَالِ البَرْقِ ..
زِفَاف الْغَابَة لِلْنَهْرِ
هَلْ كَانَ الإِيْقَاعُ السَكْرَانَ
بِحَالَتِنَا يَتَمَايَل نَارَاً ؟
كَمْ كُنّا مَسْكُوْنِيْنَ بِمَا لايُوْصَفْ مِنْ عِشْقٍ ..
وَغُيُومٍ وَمَوَاسِمٍ
كَمْ جَاءَتْنَا أطْيَافٌ نَجْهَلُ
أُسْطُوْرَتَها 
كَمْ عَبَرَ الْوَجْدُ إِلَيْنَا
مَرَّ وَنَالَ مِنَ الشِعْرِ كَثِيْراً
هَلْ كُنَّا هَالَةَ مَا يَتَنَزَهُ
بَيْنَ سَمَاءٍ نَزَلَتْ ..
وَبِلاَد صَعَدَتْ لِمَجَالَيْهَا ؟
يَاقَيّومَ الْحُبِّ أَنَا
امْرَأَةَ الظَّنِّ الطَاعِنِ
فِيْ الرُؤْيَا
وَشَهِيّاتِ الرُوْحِ
إِلَى أَبَدِ الرَّيْحَانِ ...
امْرَأةٌ عَاشَتْ فِيْ الحُلْمِ
وَبَيْنَ يَدَيّْهَا
وَقْتُ الزُرْقَةِ والْطَّلْعِ المُسْكِر
بَيْنَ يَدَيْهَا ....
بُسْتَانُ الغَيْمَةِ ..
والْلُغَةِ الهيفاءِ
أَهِيَ الخَمْرَةُ رَعَشَتْ ..
فِيْ الْنَعْنَاعِ الْدَافِقِ أَمْ أَنَّ حَسَاسِيْنَ الْنَرْجِس ..
فِيْ الْضَوْءِ إلْتَاثَتْ ..
بِمَصَابِيْحِ قَصِيْدَتِك الْسَوْدَاءِ

#الإضاءة
نص يكابد على وجع الحب تارة واللوم والعتب تارة اخرى بكل حرفية شاعرة قديرة تمتلك ناصية اللغة المجازية وتعرف كيف تلوك الكلمات وكيف تلوذ بالأفعال المجنحة لتهرب من هذا الواقع المجنون الصرف إلى فضاءات روح تسكن في ذرى قباب الشعر .
فهنا الشاعرة تمفصل نصها حول مسارين الأول كتابة بخط اليد وهذا تأكيد على ذات الشاعرة ونص آخر مكتوب على صورة ما وهنا طواف روح حسب ماتراه من دفق شعري يخالط المخيلة الزمانية والمكانية بكل احساس الانثى .
فبين ما نكتب بذاتنا و مانرى مسافة إدراكية تختلف من شخص لآخر حسب الثقافة الشعرية التي تأخذ مكانا كبيرا هنا في نصوص الأستاذة مرشدة .
فبداية استهلت المرشدة النص بعنوان مؤلف من كلمتين بينهما فاصل
خصال فاصل البرق .
( فالبرق هو ماينذر بيوم عاصف شتوي ممطر وما يحمله هذا الجو من ارتدادتت و تهويمات شعرية على مخيلة الإنسان ) فوجود فاصل بالعنوان يعني نفسيا وجود عائق ما بين الشيء الذي نريد التحدث عنه وحيثيات وجوده على ارض الواقع .
فجميعنا يعرف بان الشمس هي المصدر الضوئي للإنسان الذي تمده بالطاقة والحياة ولكن سبقتها بكلمة ( حين )
وهي ظرفية زمانية للتنويه بالاستغراق فيما مضى من الزمان وهنا آلية الارتداد والنكوص إلى الماضي لما فيه من عشق وتوءمة للروح مع معشوقها .
فجملة البداية
حين الشمس اغتسلت بالظل
فيها بداية رائعة فالاغتسال هنا قد يرمز للتطهير من الذنوب او للنظافة والتجدد ومتابعة دورة الحياة
فالشمس مصدر حيوي فكيف لها ان تغتسل بالظل واي ظل ذاك الذي يحوي الطاقة الحرارية الهائلة .
ونحن نعلم بان الظل لا يتشكل إلا عندما يكون الضوء مسلطاً على اي جسم مادي .
فكيف للشمس ان تغتسل بظل الشيء .
لتؤكد بعد ذلك بان ( ارخى الورد ستار العطر ) وكأن الورد هنا انسان تقمص دوره بإسدال الستارة ولكن ستارة مجازية فواحها العطر .
ليأتي التوكيد الآخر الأجمل معنونا قداسة الماضي ( حين النشوة في الأغصان
انتشرت ثمراً )
هنا توحد الشاعرة مع الطبيعة يعطيها ذات البعد الميتافيزيقي الذي يرى ماوراء الأشياء في اطار لغوي مدهش
فالنشوة هي قمة اللذة التي تمخض عنها الثمر والثمر يعني مرحلة النضج هنا لياتي أوكله .
لتخرج بعد هاتين الصورتين إلى ماتريد ايصاله لنا بأنه عندما كان الماضي هكذا كنت انا افعل هكذا وكأن الفعل الكوني حدث وانتهى وما عليها إلا حصد النتائج .
فحين كان كذا وكذا كنت انا اقوم بأفعالي بعيدا عن كل هذا استمد الكبرياء واشحذ همتي بما لدي من طاقات كامنة قادرة على فعل اي شيء والدليل على ذلك عبارة
( كان فضائي يفتتح النبع )
والقصاء هنا إما خارجي وهو المدى المحيط بنا بما فيه من مجرات وكواكب ووووو أو داخلي وهو المخيلة الواسعة الآمنة التي تعنون وتكتب مايحلو لها .
استخدام الظرف الزماني حين مع الفعل الماضي يعطي النص إطار شعري لحقبة زمنية مرت بها الشاعرة وكأنها انتهت والدليل على ذلك قولها ( كانت بنت الدهشة
تركض بين الأعشاب )
فالبنت هنا تلك الفتاة التي لم تتجاوز العقد من العمر وربما هنا رمزت الشاعرة الى اننا حينما نحب نعود اطفالا صغارا وذلك لتدهش من يراها ولكن بماذا ؟!
فالأفعال ( تلتقط _ تكتب ) هي افعال مضارعة يعني فعلت ذلك بشكل أني ولحظي للانتقال الى المرحلة الأخرى وهي التساؤل
هل كان ذاك الوميض بيننا ناراً حارقة احرقت ربيع حبنا
كم كنا يعني استفهام لفعل حدث وانتهى
وكأن حياتنا تحولت الى شيء آخر ربما لسبب او لآخر ادخلت المرشدة عنصر التنبؤات والاسطورة في نصها لتسقط عن نفسها دور المرأة التي تحب وتصاب بالخذلان وكانه نوع من التبرير لما اصابها من خيبات .
كم زارنا الحب ونال من الشعر كثيرا والشعر هو ارقى التعابير عن الحالة الشعورية للإنسان .
هل كنا بارقة عشق تصعد وتنزل إلى سماء و الأرض ثنائية متباعدة ولكن كل منهما له دوره ومكانته في حياة البشر .
تنتقل بعد ذلك وهنا نلاحظ تغير جذري في اسلوب الشاعرة من خلال العبارة
( ياقيوم الحب أنا
امرأة الظن الطاعن في الرؤيا )
والظن هو الشك في صحة مانراه او نعتقد به هو مرحلة سابقة لليقين
فالظن هنا استخدمته الشاعرة لتبرير عدم قدرة رؤاها على توقع ما سيحدث فيما بعد .و ذلك نراه واضحا من العبارة التي تليها ( امرأة عاشت في الحلم ) حياتها وارفة الظل بعيدا عن واقع ممسوس ومن يديها تفتح ابواب المدى البديع لعالم شعري قوامه الحرف الغض المتعدد المشارب والهطولات .
لينتهي النص عند تساؤل مرهق وكأنها هنا تحاول تبرير كل شيء وانهاء ذاك الدفق الشعوري وحالة التوتر والهيجان الشعري بما يشبه حبة الدواء لتسكت جراحنا بهذه النهاية الحتمية
إذ تقول اهي خمرة العشق من فعلت ذلك أم ان اصوات النرجس في الضوء قد اختلطت بانوار حروفك السوداء وهنا نرى استخدام أليتين دفاعيتين وهما ( التبرير و الاسقاط ) لتخرج الينا القصيدة بهذا الشكل .
ومما لفتني في نص المرشدة تلك العبارات المكتوبة على الصورة لأخرج بفكرة ربما اكون قد وصلت ولو بجزء يسير في قراءتها من خلال التباعد النقسي بين النص المكتوب باليد و النص المؤطر على الصورة و كأن شاعرتنا عبرّت من خلالهما عن حالتين نفسيتين لكل منهما منظومة شعرية تختلف عن الآخرى .
الحالة الأولى مملوءة بكبرياء امراة كانت وستبقى تحلم بالحب وتجلياته ومايرمز لهما ذلك من صور شعرية مدهشة .
والحالة الثانية قمة العشق الممزوج بالآهات الراعشة و اليد الغريقة التي تتشبث بقشة لتخرج من الظلمة الى النور
وذلك واضح من قولها :
( متى اتقن التجاهل
كم يلزمني ايمان الأنبياء
متى أعري
متى اقول ..)
متى هنا استفهامية والاستفهام يعني بأننا لانعرف الجواب أي حالة بين المعرفة ونقيضها والجواب على ذلك في صفحات الأيام .

خصال البرق نص فاره ينطلي على الكثير من التأويلات والعمق اكثر واكثر .
صور شعرية مدهشة تستفذ القارئ للغوص في لججها .
موسيقا شعرية تاخذك إلى ما ورائيات الحروف لتعزف بأنامل الدهشة ايقونة الخلود .
تحيتي واحترامي ايتها الكبيرة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي