إن سألوك عن الشعر : مقال بقلم الأستاذ عبد الله شبلي
هو الشعر إن سألوك عنه فقل : جذوةُ أمل لا تكف عن الوميض والاشتعال، تضيء عتمات التيه والضَلال، تزهو به النفوس وتسعد به القلوب. روح متوثبة تنشر الأمن والدعةَ والسلام.
هو حرف يبني، فيشكل الذوات ترصيفاً على سجيته وترصيعاً على شهيته كما يشاء وكيفما يختار دون ريث ولا عجلٍ، وعلى مقاسه المتفرد تَسلك النفوس التائهة في لُهبةٍ وحُرقةٍ ، فتهنأ وتركنُ ، وتسلمُ وتغنم .
هو الشعر ديدن رقي ومسلك عروج، فيه تنتصر لغة خاصة، لغة منفلتة من عقال المنع والكبح، هاربة من التنميط والتسطيح، لتشكل سلطة السلطِ وفرادات السطوةِ.
هو الشعر متسيداً لا سيادة لغيره، لا تليق الصدارة إلابه وحده ، هو الشعر ولا شيء غيره، انه احتضار في فيء الرَوي، وفناء في ذيل قصيدة، ليشكل عنقاءَ بعد احتراق المعاني في سويداء روح متلقٍ حذق تتملكه القريحة قبل امتلاك الحروف حرقةً وتقرحاً .
أسمعه فيسكنني، أذوب فيه فيشكلني على هواه، لن أصير بعده كما كنت قبله لأنه تملكني عن سبق اصرار وترصد هو هكذا لن يتركك كما كنت وإلا لما أسموه شعراً. نسغ حياة لا ينتهي نبض قلب لا يتوقف وترياق وجع لا ينكف معينه عن بناء الوهج حرفاً حرفاً وتقطيره روياً سائغاً للشاربين الذائقين. سمو روحي يَبني ويُفني ، إنه عروج الجمال في سماوات من لازَوَرد نَمّقته التفاعيلُ وبَخّرته الأوزان .
هو هذا الشعر لا جُله ، بعضه لا كله ،علمني ، بحب وحبور، شَطْرَه عندما أعطيته كلي وكياني .
عبدالله علي شبلي
تعليقات
إرسال تعليق