PNGHunt-com-2

الجزء الأخير (لست نادمة ) :الكاتبة والقاصة فاطمة محمد

" لست نادمة "
#السلسلة_الثانية #الجزء_السادس والأخير💜

- هكذا؟ تقولينها بهذه البساطة؟ أنت تطلبين نزع روحي مني! وتقولينها بهذا البرود؟ أثيل استيقظي .. أنا مراد يا أثيل!
- ولأنك مراد أقول لك طلقني وفي الحال .. وحتى لو لم تفعل فأنا ذاهبة في الغد ومن دون عودة ..
- حسنًا أوافق على طلبك إن بقيتِ وسمعتيني!
- مع أنه لم يعد يهمني لكنني موافقة .. هيا تحدث!
- حسنًا .. بعد زواجنا ظننت أن الأوضاع ستتحسن وسأجد عملًا ثابتًا ومحترمًا .. لكنني كنت أرى الحرمان في عينيكِ .. الحرمان من العائلة ومن كل شيء، لم أستطع تحمل رؤيتك هكذا وأنتِ التي تركت كل شيء وجئت إلي، فدخلت في طريق خطر لأجني المزيد من المال .. مع حسان والد فؤاد ..
- ما هو هذا الطريق؟
- لا تقاطعيني أبدًا واسمعي حتى النهاية .. أصبحت أجني الأموال وذلك بعد عام ونصف من زواجنا عندما كنا نعاني لإنجاب طفل .. قررت الذهاب إلى الطبيب وخفت أن أكون أنا السبب وتعرفين وتتركيني .. فقررت الذهاب وحدي وإخفاء الأمر عنكِ، وعندما ذهبت حدث ما توقعت .. قال لي الطبيب أنه لا يمكنني الإنجاب إلّا إذا خضعت لعلاج طويل ومكلف كثيرًا .. اسودت الدنيا في وجهي .. لم أعرف ماذا أتصرف .. المال الذي معي لا يكفي للخوض في مشوار العلاج وقررت إخبارك عند عودتي .. كان معي حسان فأخبرته بالنتيجة والذي اقترح علي الاقتراح الذي غير حياتنا .. وقال لي أن أخفي عليكِ الأمر حتى يصبح لدي كلفة العلاج .. وفعلًا هذا ما حصل لكنني قررت أن أجمع ما يكفي من المال ونسافر معًا وأتعالج خارجًا وأحقق لك إحلامك .. حتى جاء الوقت الذي قلتِ لي به أريد الذهاب إلى الطبيبة .. تلك الطبيبة التي أعطيتك أنا عنوانها .. لكن الذي لم تعرفيه أنني زرتها قبلك وأعطيتها مبلغًا كبيرًا من المال لتخبرك أن المشكلة منك!
- لكن لماذا ؟ لماذا لم تخبرني بأنك لا تنجب! لم أكن سأتركك .. كنت سأعمل معك في أي شيء حتى نؤمن مصاريف علاجك .. وما هو هذا الطريق الذي سلكته؟ قل الحقيقة كاملة لا تخفي شيئًا!
- لم أخبرك لأنك كنت ستقولين الكلام الذي تقولينه الآن .. لم أكن أريد أن أنجب في هذا البلد ولم أكن أريد أن أنجب طفلًا يصبح نقطة ضعف لي!
- ما الذي تقصده؟
- أثيل .. الطريق الذي سلكناه هو تجارة المخدرات .. وهو الذي أودى بحياة حسان وزوجته وخلف لي فؤاد يتيمًا ..
- مخدرات! هل أنت جاد؟ مخدرات؟ هل جننت؟ ألا تخاف أن يحل بك ما حل بحسان؟ يا للهول! ما هذه المصائب التي تحل بنا! حرام عليك! حرام!
- نعم مخدرات!
لماذا تتعجبين؟ ألست في بلد حرب؟ ألا تعرفين أن الحرب تخلف الفقر والجوع؟ والفقر والحاجة تسمح بكل شيء!
الحياة قست علينا أكثر من اللازم وأنا أردت انتزاع حقنا منها!
ألم تري الطبيبة؟ لقد رمت بقسم أبقراط في أقرب حاوية عندما احتاجت المال! اصحي أثيل وانظري حولك!
تقولين حرام؟ وليس حرامًا أن يكون كلانا خريجي حقوق من أفضل الجامعات ولا نجد عملًا؟ أنا عامل في معمل وأنتِ ربة منزل؟ أليس حرامًا أن نشتهي الطعام ولا نجده؟ أن نحلم بمنزل دافئ؟ أن نتمنى الاستحمام بماء دافئ في الشتاء؟ أن نتمنى كوب ماء بارد في الصيف؟ نحن لم نطلب حياة فاخرة .. كل ما طلبناه هو حياة عادية كسائر البشر وأصبحت حلمًا!
وتريدينني أن أنجب طفلًا وتتعجبين لماذا فعلت كل ذلك؟
لم أرد أن أنجب ضحية حرب جديدة .. لم أرد أن أحكم على طفلي بحياة كالتي أعيشها .. لم أرد أن أنجب طفلي ليعيش الليالي على ضوء الشموع ومتدثرًا بالأغطية ويرتدي الملابس الرثة يبحث عن الدفء ولا يجده، ليتمنى أشياء لن يمكنني تحقيقها له، ليحلم و يقتل حلمه من قبل أن يبصر النور، ليصبح مهندسًا أو طبيبًا ويرمي بشهادته في القمامة، لن أنجب طفلي في بلادٍ أقل ما يقال عنها أنها منفى !!
- لا أعرف ماذا أقول!!
- لا تقولي شيئًا .. تعالي معي .. لقد قمت بتسجيل فؤاد باسمي وجمعت الكثير من المال يكفينا لنعيش حياة كريمة، لنرحل عن هنا ونترك كل شيء خلفنا .. نحقق أحلامنا كلها .. ذلك المنزل الكبير وحديقته المملوءة بالأشجار، والمسبح وأنتِ تنظفينه وتهتمين بالنباتات .. أجلس قريبًا منك وأعلم صغارنا السباحة .. تبتسمين لنا ونقوم بحفلة شواء .. نكون عائلة مع بعضنا .. أهلي وأهلك .. هذا كل ما أريده!
كنت أنانيًا في البداية لكن فعلت كل هذا لأجلنا .. لأجل حبنا وعائلتنا .. أرجوك أثيل .. أنقذيني وأنقذي حبنا كما فعلتِ سابقًا .. أنا أعيش لأجلك.. أرجوك ابقي معي ولنغادر سويًا ومعنا فؤاد .. أثيل أحبك بكل ما على الأرض من حب .. نحن ليس لنا سوى بعضنا .. تعالي معي أرجوك .. لا ترحلي وتتركي يتيمين!
صمت ولم أعرف ماذا أقول له .. بين قلبي وعقلي .. بين الماضي والحاضر .. بين الواقع والأحلام .. بين المبادئ والأنانية وحب الذات .. تذكرت أنني يومًا كنت أنانية عندما تركت أهلي من أجل من أحب .. وأدركت أن الحب يقودنا لأفعال مجنونة وأن الحرب أيضًا تقودنا لنصبح وحوشًا وأن الحاجة تبيح كل محظور .. فوافقت ! وافقت وسامحته !
وفعلًا قمنا بحزم أمتعتنا وأنهينا كل شيء بأسرع وقت ممكن وذهبنا في طرقات التهريب كما ذهبت سابقًا مع عائلتي .. لأجل حياة جديدة .. مجهولة .. لكن هذه المرة مع مراد وفؤاد ..
وأدركت أنه مهما كانت لدينا مبادئ وقيم .. فإنها تتلاشى أمام من نحب .. وها أنا ذا أبيع قيمي وأرمي بمبادئي عرض الحائط وأشتري حب حياتي مرة أخرى وهذه المرة أيضًا لست نادمة ..

#فاطمة_محمد
#لست_نادمة
انتهت .. شكرًا لكم جميعًا .. أسعدتني متابعتكم .. أنتظر  آرائكم في القصة ككل وفي نهايتها ..💜💜

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي