آخر صعلوك على الأرض : الأديب محمد زينو شومان -لبنان
آخر صعلوك على الأرض
لا أعلم كم مرة وقعت في المصيدة الواحدة
كلما تدليت في ورطة خسرت ضلعاََ أو ضلعين
وهكذا دواليك
حتى شيعت رصيدي المصرفي كله
وأسناني وأضراسي وسلسلة ظهري
وسلسلة آبائي وأجدادي وأحفادي وأوجاعي
لقد ضاقت سلسلة نسبي إلى أقصى حد
هل أكون أنا آخر صعلوك على هذه الأرض؟
لا أقوى على إحصاء نكباتي وعثراتي وأشجاني
وعاداتي السيئة
وأفكاري التي تولد كالحيوانات الأليفة
في ظروف مناخية ومكانية وزمانية ودولية صعبة
إما في حافلات النقل الجماعي
وإما في الذهاب والإياب من كارثة شخصية وقومية
إلى أخرى بلا انقطاع ولا ملل
لماذا تسألونني عن عاهاتي وذنوبي
أو عن الحساب اليدوي والذهني والآلي؟
أنا امرؤ عالمي الدمغة لم أرث ولن أورث
طرحتني أمي ذات مصيبة عالةََ
على الضمير العالمي
لا أعرف الحساب ولا ممن يحسبون لغد حساباََ
لقد فضلت عقلي الإيروسي على العقل الهندسي
أوقعني علم الجبر في مذهب الجبر
لست مسؤولاََ عن جنوني وحمقي وطيشي وغضبي
هل تحاسبونني على فشلي وإخفاقي؟
فشلت في كل شيء
حتى في جر نهر الليطاني إلى بيتي
لري لغتي ونصوصي المقفرة كما تروى البساتين والمزروعات
فشلت في إنقاذ أبي المريض
فمات غصباََ عني على باب المستسفى بسكتة وطنية لم تهز شعرة من الوطن
فشلت في تحمل صبر إضافي
حتى انقصم ظهري كجسر قديم من عهد عاد وثمود
فشلت في ترويض سحابة شموس
تستخف بندائي ودعائي
أوجهها شرقاََ فتتجه غرباََ
أنخسها بالمهماز لتسرع الخطى قليلاََ
فتتباطأ وتتثاقل حتى كأنها موثقة القدمين
كل الأمثال والمواعظ والحكم تقيأتها
كوجبة حارة تلذع اللسان
أو كالسم الزعاف
على الأرصفة وفي الساحات العامة
وتحت تمثال الحرية
وعلى مداخل الوزارات والحانات والحوانيت
وأبواب المسارح والمقاهي
وفي عقر السفارات طلباََ للجوء السياسي والأمني والغذائي والمعيشي
لم تنفعني لا في العاجلة ولا في الآجلة
ويحك.. أجربت الموت قبل الآن؟!
أجربه كل يوم عشرات المرات في بلد
لم يخلقه الانتداب
إلا ليكون مختبراََ حقيقياََ للموت البطيء والسريع
أفنيت ما ملكت من عمري وما استأجرته
في حفظها وترديدها ليلاََ نهاراََ
من دون تأتأة أو فأفأة
فهل تسبقني إلى القبر؟!
لبنان _ زفتا في 2023/8/12
محمد زينو شومان
تعليقات
إرسال تعليق