عار مشرف : ق ق القاصة فاطمة محمد
#قصة_قصيرة_جدًا تجربتي الأولى .. آرائكم 💜
" عار مُشرِّف "
في بلدتي ..
شابة يتيمة عزباء، لا أشقاء ذكور لها، شقيقة واحدة وأعمام وأبناؤهم، تسكن هذه الفتاة مع شقيقتها وزوجها وأطفالهما، زوج بخيل وليس مجبرًا بشقيقة زوجته، إهانات في كل وقت، محاسبة على ما تتناوله من طعام، حياة ضاقت بها وشدت الخناق حول عنقها، فما كان من هذه الشابة إلا أن تتزوج أول طارق للباب، كان رجلًا يكبرها بكثير، لديه أبناء قريبون من سنها من امرأة أخرى، رجلٌ تزوجها لأنها شابة صغيرة ليتمتع بجمالها، نزوة فلنقل .. وكالعادة وككثير من القصص والنهايات التقليدية، زوجته الأولى قررت استعادته وبالطبع كرجل خسيس ودنيء فعل المتوقع وطرد هذه الفتاة، رماها خارج المنزل وهي تحمل طفله في أحشائها، إلى أين تذهب؟ ماذا ستفعل؟
قررت الشابة العمل لتكسب قوت يومها .. وما الذي حصل؟
انتفض أعمامها وأبناؤهم .. انتفض المجتمع .. انتفض زوج شقيقتها .. كلهم بصوت واحد .. هل تريدين أن تجلبي لنا العار ؟؟ ابنتنا تعمل في معمل جوارب؟! نحن السادة الأشراف ! نحن أبناء أعرق عشيرة فتاتنا تعمل في معمل ! ياللعار ! ياللخزي ! ما الذي سيقوله الناس عنا !
صمتت الفتاة .. نزلت دموعها .. هي ضعيفة أمامهم ولا تملك مأوى .. لكنها تذكرت أنها في السابق أيضًا لم تكن تمتلك مأوًى ولا حتى عائلة ! فقد ماتت الرجولة من كل رجال العائلة عندما مات والدها ومات الحنان والعطف مع موت أمها !
انتفضت في وجههم وبأعلى صوتها .. عن أي عار تتحدثون؟ أن أسكن في منزل رجل غريب وأنتم موجودون ليس عارًا؟ أن أتزوج من هو بسن والدي ليس عارًا؟ أن يطردني ذلك الوغد الذي يدعى زوجي ليس عارًا؟
أن أعيش مع جلادي تحت سقف واحد فقط لأجد فتات طعام أتناوله .. أن تدهس كرامتي كل لحظة .. أن أهان كل دقيقة .. أن أقتل كل يوم ولا تشيع جنازتي .. أن أتحطم من الداخل .. أن تدوسني الحياة كل يوم .. كل هذا ليس عارًا والعار هو أن أعمل وأحيا بكرامة؟؟
اللعنة عليكم وعلى هذه الشوارب التي جعلتكم تظنون أنكم رجال ! اللعنة على قبيلتكم ومجتمعكم !
عم الصمت في المكان .. حالة من الصدمة والذهول .. من أين أتت هذه الفتاة بهذا الكلام وهذه القوة؟ الجميع يتساءل !
اخترق الصمت صوت صفعة من عمها الأكبر .. صفعة أخرى على الخد الآخر .. توالت الصفعات والشتائم .. تصرخين بوجه أعمامك؟ تقللين من رجولتنا؟ تريدين أن نمشي مطئطئين رؤوسنا في الأرض؟ يا قليلة الأدب؟ من أين لك بهذه الوقاحة؟ سأحطم هاتفك الذي علمك هذه الأفكار المسمومة !
حاولت شقيقتها إبعاد عمها عنها، والذي كان كالثور الهائج، كان كمن يضرب عدوه لا فتاة رقيقة .. لا سيدة تحمل طفلًا .. أو كانت تحمل طفلًا .. فرجولته التي هاجت عليه قتلت اثنين هذه المرة، حلم الفتاة بحياة كريمة وطفلها ..
انتشرت الأخبار في البلدة حول ما حدث .. بعضهم يتعاطف معها ويلوم العائلة مع التحفظ على أن عمها محق في موضوع العمل لكن تصرفه كان قاسيًا قليلًا والبعض الآخر ينعتها بالوقحة ويشكر بتصرف عمها الذي أنقذ المجتمع من انتشار أفكار كالتي كانت تفكر بها تلك الفتاة بل ويسخرون قائلين .. تخيلوا أن تعمل بناتنا في المعامل؟ وكأننا أصبحنا أجانب أو بلا شرف ولا أخلاق !
لكن الذي لا يعلمونه .. هو أنهم فعلًا بلا شرف ولا يعرفون من الأخلاق سوى اسمها ..
وعلى الرغم من كل تلك القوة التي تملكت الشابة للحظات .. لكن الأمر أكبر وأكثر تعقيدًا من أن تستطيع مواجهته ..
فكيف بها تقتلع تخلفًا متجذرًا في أعماق مجتمع منافق، معاييره مزدوجة، كيف بها تثور في وجه بركان؟ كيف بها أن ترفع رأسها والحذاء موجود فوقه؟ كيف بها أن تعترض والسوط محيط بها؟
ومرة أخرى نهاية تقليدية أخرى .. قمعت ثورة الفتاة .. وعادت إلى منزل زوجها فالمرأة لا تملك في هذه الدنيا سوى بيتها وزوجها ..
انتهت ..
2:50 Am .. 13/8/2022 ..❤️
#فاطمة_محمد
تعليقات
إرسال تعليق