PNGHunt-com-2

وهكذا يكون الناقد/القارئ : رد الشاعر مهند صقور لرؤية الأديب عمادالدين عمار النقدية

وَهَكذا يكونُ النّاقِدُ / القارئُ

..................................

أسرَيتَ تُوقِظُ غَافِيَاتِ عُصُورِ
================= وَكَشَفتَ مِحنَةَ غَيبَةٍ وَظُهورِ

بِـ( المُرتَضَى) وَ بِـ ( آلِهِ ) يَا شَاعِري
================= تُجلَى دَيَاجي العَالَمِ المَسعُورِ

بِـ ( المُرتَضَى ) سفر الولاية أشرقتْ
===================== آيَاتُهُ , وَاكَّحَّلَتْ بِالنُّور

بِـ ( غَديرِهِ ) المُنسَابِ مِنْ أُفقِ العُلا
================ لاحَتْ شَواهِدُ (إرثِهِ) المأسُورِ

فَإذَا بِهِ الحُرُّ (العِمَادُ) يَصبُّهَا
==================== بَردَاً يُهَدْهِدُ فَورَةَ التَّنُّورِ

فَغَدَتْ سَلامَاً للأُلى قَالوا بَلى
=================== وَاطَّوَّفُوا بِمقَامِهَا المَعمُورِ

==============

تَعقيبٌ على مَا تفضّلَ بهِ وتكرّم بِعرضهِ الإنسانُ الكبيرُ .., النّبيلُ الخَلوقُ .., الوفيّ الشّفيفُ .., الشّاعِرُ المُبدِعُ / الفنّانُ المُهندِسُ " عِمادُ الدّين عمار "

" لِلتّنويهِ فقط "

وَلا أعني بِعبَارتي هَذِهِ  " وهَكذا يكون القارئ ".,  قارئ الشّعر وحَسبْ ., بَل القَارئ المُتَعَدّد القِراءات وعلى مُختلفِ الأصعِدةِ .., وفي كَافَةِ الفنونِ والأنواعِ الأدبيّةِ والعِلميّةِ .., القَارئ الذي يَعي ذَاتهُ أولاً .., ويعرفُ مَاذا وكَيفَ يَقرأ .., إذَاً مَا أعنيهِ بالضّبطِ هو القَارئ المُثقّف الأديب .., القَارِئ الإنسان كَكلّ ولا شيء سواه . وهُنَا تَمَاماً يُمكِنُنا الحُكمَ على فُلانٍ ما بأنّهُ فُلانٌ مُثقّفٌ مُتابِعٌ يَعي نفسهُ أولاً وَمنْ ثُم مُحيطهُ بِما يحتويهِ هَذا المُحيط وَمَا قد يَطرأ على هذا المُحيط مِنْ تَغيّراتٍ كميّةٍ أو نوعيّة .

أعودُ إلى البانوراما الأدبيّة التي قَدّمها وَاستعرضني  مِنْ خلالها الشّاعِرُ الإنسان عماد عمّار لأجِدني أمَامَ لوحةٍ وجدانيّةٍ شَاعِرٌ يُصوّرُ شاعِراً ., وقارِئٌ يَقرأ قَارِئاً .., فكيفَ سَتكونُ النّتيجةُ والمُحصّلة .؟  هذا مِن جهة . وهَذِهِ أيضاً أتركُهَا لِلقارِئِ الآخرِ
ولأقولَ مِنْ جهةٍ أُخرى - وَبِكلّ شَفافيّةٍ وموضوعيّةٍ بَعيداً عن كُلّ الاعتِبارات الأخرى عِلماً أنّ الأخَ الشّاعِرَ الأديبَ المُهندس عِماد عَمّار هُو أيضاً الأكاديميّ الجهبذ الذي تتلمذ على يَديهِ الكثير الكثير مِنْ طلبةِ الجامِعات –

إنّ مبدأ التّوازنِ الانعكاسي عِندَ البُنيويين مَدخلٌ مُقنعٌ بعضَ الشّيء فلا نعرضُ مِنْ خِلالِهِ لِقراءةِ نصّ نقدياً إلاّ إذا تذوقناهُ و أحسَسنا بأسرارِ الجَمالِ الكامِنةِ فيهِ , وَأخَذَنَا مِنَّا إليهِ , أمّا أنْ نقومَ بِإنفاقِ الوقتِ في تطبيقِ مَناهجَ نقديةٍ على نُصوصٍ لا تروقنا ثمّ نعملُ على إخضاعِها لإجراءاتِ المنهجِ فكمنْ يتوسّط لِمَنْ ليسَ مُؤهّلاً لوظيفةٍ ليشغلها .., مِمّا يُؤدّي إلى فَسَادٍ نقديّ بيّن
ولقد أخطأت " التّفكيكيّة" خَطأ فادِحاً حينما أعطتِ النّاقِدَ / القارِئَ السّلطةَ المُطلقة لتأويلِ دَلالاتِ النّصوصِ؛ مِما أحالنا إلى عالمٍ مُتشظٍ مِنَ المعاني.

وَلِذلِكَ لَنْ أكونَ مُبَالِغاً إذا مَا قُلتُ أنّ الأديب الشّاعر عماد مِنْ بينِ القلائِلِ الذينَ قرؤوني بعقولِهم وقلوبهم مَعَاً هَذا إن لم يَكُنْ في طليعتِهم .., إذْ أنّهُ لم يقرأني يَومَا ما كشَاعِرٍ وفقط بل كانتْ قراءتهُ لي كشَاعرٍ في آخرِ مُقوّماتِ عملية القِراءةِ لَديهِ .. بَل عَلى العَكسِ مِنْ ذلك تَمَاماً .., فقبلَ قراءتهِ لي شَاعِراً كانَ عَلى دِرَايةٍ تَامّةٍ ومَعرِفةٍ مُسبَقةٍ أنّ مِنْ أساسيات القِراءة ومُقوّماتها أنْ يَمتلكَ القارئُ جُرأةً كَافِيةً تُمكّنهُ مِنَ الاعتراف بِمَنْ يقرأُ لَهُ .., وَأنْ يَمتلِكَ الجُرأةَ أيضاً في نقدِ ذاكَ الآخر سواء سلباً أو إيجابَاً .,  ومِنْ ثُمّ وضعهُ في المَكانِ الذي يستحقّ ., فكِلاهما إنسان بِالدّرجةِ الأولى مع الأخذِ بعين الاعتبار الفوارقَ والميّزات بين شَخصٍ وآخر مِنْ جَوانِب عِدّة .., وَهذا مَا أكّدَهُ وركّزَ عليهِ وأوصى بِهِ أميرُ بيانِ المُؤمنين وإمامُ بلاغةِ المُتكلّمين " عليّ" عليهِ السّلام في وصيتهِ لِعامِلهِ على مصر " مُحَمّد ابن أبي بكر " / واعلمْ أنّ النّاسَ صِنفانِ لا ثالثَ لهُما إمّا نظيرٌ لكَ في الخلقِ أو أخ لكَ في الدّين / .., وفي اعتقادي هذهِ هي مُعادلةُ القِراءةِ البِكر .., لا قِراءةُ أحرفٍ وكلماتٍ ونصوص .., لإنّ هَذهِ ابنةُ تلكَ لا غير , إذْ اعترِافُكَ بِالآخر - ومهما يكُن ذاكَ الآخر - هُو نقطةُ البدايةِ لِمعرفةِ كُلّ شيء .

و عليهِ فإنّ مِحنةُ الشّعر إنّما تكمُنُ في مِزاجيةِ النّاقِدِ مِنْ جِهةٍ .., وفيمَا يَمتلِكهُ مِنْ ذخيرةٍ تُمكّنهُ مِنْ إنجازِ مَا أقدمَ عليهِ .., وهذهِ هي الكارثة الكبرى التي ألمّتْ بالشّعرِ .., ربّما ذهبَ ولن يعود .., إنّ ما نُشاهِدهُ ونقرأهُ عبر الكثير من الصحفِ والمواقعِ الإلكترونية لمُحزنٌ ومُخجلٌ جداً مِن ناحية .., ومضحكٌ من ناحيةٍ أخرى .., كما أنّ أغلب ما يُنشر يبعثُ على القشعريرةِ لا بل ويدفعُ على الإقياءِ أحياناً ..., لماذا هذا التّهافت المحموم على نشرِ خزعبلاتٍ وتُرّهاتٍ على أنّها شِعر ..؟ ولماذا هذا التكالب المفضوح من قبلِ بعض مَن يدّعونَ بأنّهم نقّاد وكتّاب ومثقفون على نصوصٍ لا تستحقُ حتى مجرّد الوقوفِ أمامها ..؟ ولماذا هذا الاستخدام العبثي والعشوائي لكثيرٍ من أدوات النّقد  وفنّياتهِ في نصوصٍ هي أبعد ما تكون عن هذهِ الأدوات والتقنيات لا بل لا تحتويها هذهِ النّصوص لا مِنْ قريبٍ ولا بعيد ..؟ وهل باتت مهنة النّاقد أن يتلاعب بكلماته ومفرداتهِ ساخراً من عقول القرّاءِ من جهة .., ومُحمّلاً النّص أشياء لا توجد فيه بل لم تخطر حتى ببال الشاعرِ نفسهِ ..؟ وهل أضحت مهمة النّقد تلميع الباهت . وإجراء عمليات تجميلٍ لكثيرٍ مِنَ النّصوصِ الرّاعفةِ قُبحاً ورتابةً وجموداً .؟ وهل حشد الكثير مِنَ المُصطلحات والمفاهيم والمُفردات بهذا الشكل الفوضوي يدلّ على أصالةِ النّص الشّعري من جهة .., وحصافة النّاقد مِنْ جهةٍ أخرى ..؟!!

وبِالتّالي فالقِراءةُ عِند شَاعِرنا وناقِدِنا " العِماد " لَها تجلياتٍ عِدّة سَأستَعرضُ بَعضها :
القراءةُ عِندهُ جِسرٌ للعبورِ نحو الآخر .., الاحتفاء بهِ ., استنطاقهُ ., السّيرُ معهُ جنباً إلى جنب لِيفيد ويستفيد

القِراءةُ عِندهُ بِالإنسانِ وَلِلإنسان وفقط ., بِمعنى أنّكَ لا تَستطيعُ فهمَ نصّ ما لِشخصٍ مَا قبل معرفةِ ذلك الشّخص خُلُقَاً وخَلقَاً , وَعبرَ نِتاجِ هَذا الشّخصِ , هَذا بِالإنسان ., وَأمّا لِلإنسان فهو مَا تستشفّهُ وتَخلصُ إليهِ مِنْ قراءتكَ تلك .., ومَا تستطيعُ إضافتهُ وتَوضيحهِ وتقديمهُ كثمرةٍ ناضجةٍ لِلآخر .

القِراءَةُ عندهُ رَغبَةٌ تَعقبُهَا لِذّةٌ وَمَا بينَهما مِنْ نشوة ., فهو إذا مَا قرأ قصيدةً مَا يَرفعُ بينهُ وبينها " الكِلفة " .., حيثُ تغدو الحبيبةَ المَعشوقةَ .., الأمّ الحَنون ., الأختَ الخلوقة ., الصّديقةَ الوفيّة ., وهَكذا مَعَ الألوانِ الأدبيةِ الأُخرى . مُجرِّدَاً إيَّاهَا عَنْ كاتبها أو شاعرِها أو صَاحِبِها إذْ هي الهدفُ والغَايَةُ بالنّسبةِ لديه .

القِرَاءةُ عِندَهُ رِحلةٌ استِكشَافيةٌ تَحتاجُ لِلهِمّةِ قبلَ العِدّةِ ., وَلِلنّيّةِ قَبل التّوكّلِ ., بِمعنى أنّها مُعَادَلةٌ لا تَكتَمِلُ إلا بِاكتشافِ مَجَاهيلِهَا .

القِرَاءَةُ عِندَهُ تَحدّ وأيّ تَحَدّ ., تَحدٍّ مَعَ ذَاتِهِ ., مَعَ الآخرِ ., مَعَ مَا قَدّمهُ هَذا الآخر ., تَحدٍّ مَعَ قُدرتهِ على إعادةِ تقديمِ مَا خلصَ إليهِ بِشكلٍ لا يتناقضُ مَعَ مَا قرأهُ وَمَا يُريدُ إيصالهُ لِلآخر .
القِرَاءةُ عِندهُ سَبرٌ وتَمحيصٌ ., تَفكيكٌ وَتركيب ., إعَادَةُ تَرميمٍ لِمَا تَصدّعَ مِنْ قِراءتهِ السّابِقة
القِرَاءَةُ عِندهُ فَنٌّ بِامتياز ., بِمعنى أنّهُ يُضيفُ إليها كُلّ مَا يَلزمها ., وكلّ الأدواتِ التي تُمكّنهُ مِنَ الاستغراقِ في استكشافِ مَكامِنِ الجمالِ أو القُبحِ فيما يَقرأ ., ليُدلي بِحُكمِ القيمةِ على مَا قرأهُ في النّهاية .

القِراءةُ عِندَهُ فلسفَةٌ لَها أنساقهَا ومُستوياتُها .., فلسفةٌ تسري بينَ المحسوسِ والمَعقولِ .., جزرٌ ومدّ وامتِدادٌ .., رؤيةٌ ورؤيا .., أنا وأنتَ .

القِرَاءةُ عِندهُ قصيدةٌ جَامِعَةٌ خلاّقَةٌ ولادةٌ .., لم ولَنْ تكتَملَ بَعد

القِرَاءَةُ عِندهُ آيٌّ لَمّا يَزلْ يُرتّلَهُ " إقرَأ وافهمْ واحكمْ "

القِرَاءَةُ عِندَهُ قَضيَّةٌ وخَاصَةً إذا مَا كانت لِقضيّةٍ مِنَ القَضَايا الوجوديّةِ الكُبرى  , وَمسؤوليّةٌ أمَام هَذهِ القضيّةِ أو تلك .

بِقلمي
مُهنّد ع صقّور

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي