فارسة الطفوف : الشاعر د. مهندع صقور
(مِن مَجَرَّةِ كَربَلاء)٢
وَهَذِهِ مِنْ تِلك .. فَهَيهَات هَيهَات أنْ تَعرفَ الحَورَاءَ مَالَم تَعرف الزَّهرَاء !!
لأنّ الجُرحَ هُوَ لُغةُ الأحرارِ الشُّرفَاءِ الثَّائِرين الأبلغ , وَلأنَّ الجُرحَ هُوَ الشَّاهِدُ العَدلُ عَلى رُزنَامَةِ التَّاريخ , كَانَ مِنَ البَدهيِّ أنْ يَكُونَ هُوَ / الجُرحُ / هَمزَةَ الوَصلِ بَينَ ( العَذرَاءِ وَالحَوراء) , بَينَ ( المسيحِ والحُسَين) وبَينَ كُلِّ أحرَارِ الوجُودِ السَّائِرينَ على نَهجِ ( هَيهَاتِ منَّا الذِّلَّة) , لِتظلَّ الهُويَّةُ نَبعَ كُلِّ قَطرَةِ دَمٍ سُفِكَتْ غَدرَاً وَظُلمَاً وَكُفراً , وَلأنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الشِّعرُ في أحَدِ تَجليَّاتِهِ عَمليةَ انتِقَامٍ مِنَ التَّاريخ , وَتعرِيَةٍ لِزُورِ وَزَيفِ مَنْ كَتَبُوهُ , ولِذا كُنتُ أنَا وَكانتْ هَذهِ القَصيدَة
إلى أعظَمِ سَيِّدَةٍ في الوجُودِ بَعدَ أُمِّهَا الزَّهرَاء, إلى أبلَغِ مَنْ نَطَقَت بِالضَّادِ بَعدَ وَالِدِهَا الإمَام , إلى عَقِيلةِ الموكِبِ الهَاشِمِيّ , وَآسِيَةِ الجُرحِ الحُسَينِيّ , إلى التي أذهَلَتِ العُقُولَ وحَيَّرَتِ الدُّهورَ وَلَمَّا تَزَلْ , إلى التي صَانَت وَحَفِظَتِ الهُوِيَّةَ بِقَولِهَا أمَام طَاغِيَةِ عَصرِهَا ( الحَمدُ للهِ رَبَّ العَالَمين , وَالصَّلاةُ عَلى جَدِّي سَيِّدِ المُرسَلِين ) , إلى حورَاءِ آلِ البَيتِ السَّيِّدَةِ زَينَب عَلَيهَا وَآلِهَا السَّلام
============== (فَارِسَةُ الطَّفُوف )
تِيهِي بِنَزفِكِ فَوقَ الجُرحِ وَانتَصِبي
=============== يَا ( زَينَبَ الطَّفِّ ) يَا المعصُومَةَ النَّسَبِ
إثنَانِ كُنَّا وَكانَ الوَحيُ ثَالِثُنا
================== وَالجُرحُ يَرفلُ في مِعرَاجِهِ العَجَبِ
( ألَستُ ربّاً ) أتَانِي الصَّوتُ فَارتَعَدَتْ
================== مِنِّي الفَرَائِصُ مِنْ هَولٍ وَمِنْ رَهَبِ
( بَلَى وَحقِّكَ ) رَاحَ القَلبُ يَكتِبُهَا
===================== شِعرَاً تَحَدَّرَ مِنْ آهَاتِ مُكتَئِبِ
يَا ( رَاهِبَ الدَّيرِ) هَلْ رَأسُ ( الحُسَينِ) حَكَتْ
=================== عَنْ قَهرِ قافِلةٍ في فَدفَدٍ يَببِ .؟
أَمْ أنَّهُ الحَقُّ إمَّا جَاءَ مُلتبَِساً
=================== كَيمَا يُعلِّلَ سِرَّ البَعثِ في العَربِ
هَذا( الوَصِيُّ ) أراهُ اليَومَ مُعتَليَاً
================== مَتنَ المَجَرَّةِ يَلوي النُّورَ عَنْ كَثَبِ
يُمَيِّزُ الخَلقَ يُنبِيهِم مَصَائِرَهُم
===================== لِلخُلدِ هَذَا وَذَا لِلنَّارِ وَالحَطَبِ
================ ***
يَا رَوعَةَ العِشقِ حِينَ النَّزفُ يَكتِبُهُ
=============== وَحيٌ يُضَمِّدُ في الهَيجَاءِ جُرحَ ( نَبي)
ألفٌ مِنَ التِّيهِ لم تَبرَحْ طَلائِعُهَا
==================== تَغتَالُ صُبحَ يَقِينٍ مُدنَفٍ تَعِبِ
ألفٌ تَقَمَّصَها وَحشُ الشَّتَاتِ وَلم
===================== يَزلْ يُطَارِدُنَا جَهرَاً بِلا سَبَبِ
بَحرٌ مِنَ الرَّملِ فَوقَ الماءِ أُبصِرُهُ
==================== يَمتَدُّ يَزحَفُ طُوفَانَاً مِنَ العَتَبِ
وَحَيثُ ( زَينَبُ ) لم تَترُكْ أعِنَّتَهُ
================== فَالشَّوطُ لمَّا يَزَلْ في كَفِّهَا الحَدِبِ
أُمَّاهُ صَبرُكِ يَا أُمَّاهُ أذهَلَهَا
================== السَّبعَ الطِبَاقَ فَيَا آمَالنا اصطَخِبي
أنَا ابنُكِ البِكرُ يَا أُمَّاهُ يَبعَثُني
==================== أتُونُ جُرحِكِ بُركَانَاً مِنَ الَّلهَبِ
مُرِّي بِكفِّكِ فوقَ العَينِ أُبصِرُهُ
================ نَحرَ ( الحُسَينِ ) يُوثِّقُ لِلمَدَى نَسَبِي
هَيهَاتَ يُنكِرُهُ هَيهَاتَ يَجحَدَهُ
==================هَيهَاتَ يُوقِفُهُ ( شِمرٌ ) مِنَ الرِّيَبِ
هُنَا ( الطَّفُوفُ ) هُنَا مِعرَاجُ قَافِلَةٍ
================= أسرَى بِهَا اللهُ فَوقَ الدَّهرِ والحِقَبِ
وَذا الفُرَاتُ وَفَوقَ المَوجِ أرَقَبُهَا
================ أموَاجَهُ الدَّهرَ تَشكُو سَطوَةَ السَّغَبِ
=============== ***
إيهٍ مُدَلَّلَةَ (الكَرَّارِ) قُصِّي لنَا
================== مَا زَوَّرَ الدَّهرُ مِنْ تَاريخِكِ الذَّهَبِي
هَاتِ انثِريهَا حِكَايَاتِ الأُلى خَلَدُوا
============ عَنْ( نَرجِسِ) الوَردِ أو عَنْ ( خَولَةِ) الحَسَبِ
عَنْ ( قِرْبَةٍ ) كُسِرَتْ في كَفِّ حَامِلِهَا
=============== عَنِ ( العِطَاشِ) وَعَنْ ( عَبَّاسِنَا ) الَّلجِبِ
عَنْ( قَاسِمٍ ) عَنْ (عَليٍّ ) طِفلِ غِربَتِنا
================== وَعَنْ ( مُسلَّمَ ) عَنْ مُغتَالِهِ القَحِبِ
عَنِ الخِيَامِ وَقَدْ شَبَّ الجَحِيمُ بِهَا
================== كُرمَى ( اليَزيدِ ) عَدوِّ اللهِ وَالكُتُبِ
وَعَنْ ( سُكَينَةَ ) عَنْ آلامِ غُربَتِهَا
==================== عَنْ رِحلَةٍ حَبلَتْ بِالوَيلِ وَالكُرَبِ
هَاتِ انثُريهَا وَقُصِّيهَا لِذي خَلَدٍ
==================== آمَالُهُ اختَنَقَتْ مِنْ هَولِ مُرتَقَبِ
عَصرٌ مِنْ الكُفرِ سَنّتْ شَرعَهُ حَنَقَاً
==================== وَأحكَمَتهُ لَهُم ( حَمَّالَةُ الحَطَبِ)
آلَتْ لِـ (هِندَ) حَزَازاتٌ تَوارَثَهَا
================== ( صَخرٌ) وَأكمَلَهَا جَهرَاً ( أبُو لَهَبِ)
هَذِي ( قُرَيشُ ) وَهَذا ( هُبلُهَا) انتَفَضَتْ
=================== مِنْ حَولِهِ طُغَمُ الأعرَابِ وَالجَرَبِ
يَؤُمُّهُم ( شَيخُ ) فُسَّاقٍ رُوَيبِضَةُ
=================== لا يَعرِفُ الفَرقَ بَينَ الجَدِّ وَاللعِبِ
================ ***
يَا ( زَينَبَ الرُّوحِ) ذِكرى (الطَّفِّ ) تُؤلمِنِي
================ وَ( كَربَلاءُ ) تُقِيتُ الجَمرَ في العَصَبِ
هُنَاكٌ أسئِلَةٌ في القَلبِ كَامِنَةٌ
===================== هُنَاكَ أسئِلةٌ تَأتَجُّ مِنْ غَضَبِ
تَرَكتُهَا لِلغَدِ الآتِي عَسَاهُ بِهَا
====================== يُعيدُ فَلسَفَةَ الآلامِ وَالنُّوَبِ
أنَا المُعَتَّقُ في إِبرِيقِ خَمرَتِهَا
==================== نَخبَاً يُفَسِّرُ سِرَّ الشَّهدِ وَالحَبَبِ
نَخبَاً تَنَاهَبَهُ الأحرَارُ فَانتَفَضُوا
===================كَالوَقتِ يَهزَأُ بِالفُرسَانِ بِالقُضُبِ
================ ***
يَا ( زَينَبَ ) الصَّبرِ لَولا الصَّبرُ مَا انتَفَضَتْ
================= هَذي القَوافي وَلم تَنبِضْ بِسِرِّ أبِي
وَلا تَفَجَّرَ مِنْ خُلجَانِ مُقلَتِهَا
================== دَمعٌ لأُمِّي وَلم تَرعَفْ بِهَا خُطَبِي
لَكِنَّهُ ( النَّهجُ ) حَيثُ ( المُرتَضَى) أتَلَقَتْ
=================== آيَاتُهُ الغُرُّ فَوقَ الشِّعرِ وَالأدَبِ
( نَهجُ البَلاغَةِ) سِفرُ العَابِرينَ إلى
=================جَنَّاتِ عَدْنٍ مَراقِي السَّادَةِ النُّجُبِ
(نَهجُ البَلاغَةِ ) قُرآنِي الـ بَلَغتُ بِهِ
================ رُغمَ الصِّعابِ زَرابِي الفَوزِ وَالأرَبِ
وَسوفَ يَبقَى وإنْ طَالَ الزَّمَانُ بِنَا
==================== مِهمَاز عَودَتِنَا لِلمَرتَعِ الأشِبِ
================ ***
يَا نَخلَةً فَوقَ رَملِ ( الطَّفِّ ) شَامِخَةً
================ كَانَتْ لِـ (مَريَمَ ) دِريَاقَاً مِنَ العَطَبِ
آوَتْ إلَيكِ بِلَيلٍ جُنَّ سَامِرُهُ
================== وَلامَسَتْ جَذعَكِ المذخُورَ لِلنُّوَبِ
وَاسْتَحلَفَتكِ بِسِرٍّ بِتُّ أَعرفُهُ
=================== وَغِبتُ فِيهِ بِهِ عَنْ عَالمَِ الكَذِبِ
كَذَا المخَاضُ خِضَمٌّ هَادِرٌ عَرِمٌ
================= يُوحِي إلَيكِ أيَا ( عَذرَاءُ ) فَارتَقِبِي
صَوتٌ مِنَ اللهِ جَلّ اللهُ مُعتَصَمَاً
=================== ألاَّ تَخَافي وَبِالرَّحمَنِ فَاحتَسِبِي
( هُزِّي إلَيكِ) حُسَينٌ رَطبُ (حَيدَرِهَا )
=================== هُزِّي إلَيكِ فَسِرُّ اللهُ في الرَّطَبِ
إنْ كَذَّبُوكِ فَـ (عِيسَى ) اليَومَ مُعجِزَةٌ
==================== أو صَدَّقُوكِ فَرُوحُ اللهِ لم يَغِبِ
(مِيمَانِ ) بَينَهُمَا هَذا الوُجُودُ سَجَا
=================== وَرَاحَ يَغرِفُ مِنْ سَلسَالِهَا العَذِبِ
وَ( اليَاءُ وَالرَّاءُ ) مَسرَى كُلِّ نَابِضَةٍ
============== يَا ( زَينَبَ ) الرَّطبِ يَا المكنُوزَةَ السُّحُبِ
سُبحَان أسمكِ لم أبرَحْ أُرَدِّدُهُ
================= ( وَازَينَبَاهُ ) فَيندَى الكَونُ مِنْ طَرَبِ
عُذرَاً عَقيلَةَ آلِ البَيتِ إنْ قَصُرَتْ
=================== هَذِي القَوافِي عَنِ الإيفَاءِ بِالطَّلَبِ
وَكَيفَ يَبلُغُ مَدَّاحٌ بِمِدحَتِهِ
=================== مَقَامَ هَمزَةِ وَصلِ الخَمسَةِ الشُّهُبِ
فَبَعضُ نُورِكِ هَذَا الـ جِئتُ أنظُمُهُ
=================== وَبَعضُ بَعضِهِ بَينَ العَينِ وَالهُدُبِ
يَا سِرَّ ( فَاطِمَةٍ) يَا لُغزَ ( حَيدَرَةٍ )
==================== يَا دَمعَةَ اللهِ بَلَّتْ لاهِبَ التُّرَبِ
شَرِبتُ نَخبَكِ عَرَّتنِي قَداسَتُهُ
=================== مِنْ خَمرَةِ اللهِ لا مِنْ خَمرَةِ العِنَبِ
شِعر
د . مُهَنَّد ع صَقُّور
تعليقات
إرسال تعليق