أيا وطني كم أحنُّ إليك :حوار الشعر بين القس جوزيف إيليا والشاعرة حياة قالوش
أيا وطني كم إليك أحنُّ
---
شكت لي مرّةً الشّاعرة الأستاذة حياة قالوش وهي في باريس قسوة الغربة وخشونتها فكتبتُ إليها قائلًا :
"حياةُ" وقد نلتِ طعنةَ غربهْ
وذقتِ نبيذَ انكسارٍ وكُرْبهْ
فقولي : متى عنكِ ترمينَ ثلجًا
لدفئِكِ وجّهَ ضرْباتِ حَرْبَهْ
وتمضينَ عن بلدٍ فيهِ صرتِ
بلا وطنٍ كنتِ تهوينَ عشْبَهْ؟
فأجابتني قائلةً :
فماذا أقولُ ولستُ بلُعبَهْ
وفيَّ حياءٌ ونُبْلٌ وهيبَهْ؟
سليلةُ عزٍّ عزيزةُ نفْسٍ
فلا الكأسُ تُغري ولا الكفُّ رَحبَهْ
أُعِدُّ عصافيرَ فجري وأدري
بأنَّ السّرابَ يُطرِّزُ دربَهْ
وأنَّ خُطايَ لنفْسِيَ تمشي
وعن أضلُعِ الرِّيحِ تنفضُ خيْبهْ
وأدري بأنّي بأسوأِ حُلْمٍ
وأسندُ رأسيْ إلى زَنْدِ كذْبهْ
وأحسِبُ أنّي وجدتُ سبيلي
وعمريْ هنا لحظتانِ وقُطْبَهْ
ليَقْرأَنيْ العابرونَ كتابًا
لأقصى نداءٍ وأقربِ رغْبَهْ
سيأتي زمانٌ أهشِّمُ فيهِ
زجاجَ انكساري وأشربُ نَخْبَهْ
ويأتي زمانٌ أسيرُ أطيرُ
أضمُّ الهواءَ وألثِمُ تُرْبَهْ
ولنْ يتعبَ الدّربُ منّي ويَنْأى
ومِنْ كرمةِ الحُبِّ أعصرُ عِنْبَهْ
أمدّدُ حبّيْ على كلِّ شيءٍ
وأُخرِجُ من عالمي كلَّ نُدْبهْ
فأجبتُها :
أنا مثْلُكِ اليومَ ينخسُني
صقيعٌ ولمْ يعطِني الدّهرُ ثوبَهْ
سُقيتُ مِنَ البُعدِ عن موطني ما
لهُ كنتُ أخشى وأكرهُ شُربَهْ
فأصبحَ لحني كئيبًا سقيمًا
وقد جرّحَ القهرُ بالشّوكِ جَنْبَهْ
وبتُّ بلا غايةٍ أرتجيها
كشيخٍ مِنَ العجزِ يطلبُ نَحْبَهْ
زماني بلا زمنٍ ومكاني
هوى سقفُهُ وغدا كَوْمَ خِرْبَهْ
أيا وطني كم إليكَ أحنُّ
وكم أشتهي مِنْ غيوثِكَ سَكْبَهْ
فهل مِنْ سبيلٍ لملقاكَ حتّى
ولو جثّةً دُفِنتْ تحتَ تُربَهْ؟
---
القس جوزيف إيليا
٢ / ٧ / ٢٠٢٤
Hayat Kalouche
تعليقات
إرسال تعليق