PNGHunt-com-2

بتنا الريفي : بقلم الكاتبة نازك مسوح

في محاولةٍ لاهثةٍ لارتقاءِ التّلّةِ تتسابقُ بيوتُ القريةِ ، وأمّا بيتُنا الرّيفيُّ الجميلُ فيتربَّع شامخاً على قمَّتِها .
حجارتُه البيضاءُ المكحَّلةُ تصطفُّ كتفاً إلى كتفٍ ، وكحرَّاس البلادِ عيونُها لاتنامُ ، فتشيعُ داخلَ البيتِ جوّاً من الدّفءِ دفءِ الحياةِ في كلِّ الأوقاتِ .
تحيطُ به حديقةٌ متواضعةٌ إحاطةَ العِقدِ بجيدِ حسناءَ فارعةٍ.
أشجارُها تتعانَقُ بغنجٍ وبهاءٍ ، فتغدِقُنا بما لذَّ وطابَ ،
تستندُ على كتفِهِ برقَّةٍ وعذوبةٍ داليةٌ معطاءُ تدهشُنا بخيراتِها وفيئِها ،شجرةُ الغارِ تستقبِلُ الزُّوارَ في مدخَلهِ بعزٍّ وفخارٍ ، تعاضِدُها شجرةُ التُّوتِ الباسقةُ بابتسامتِها العريضةِ .
تربطنِي بمنزلِي علاقةٌ حميميَّةٌ ، في رحابِهِ أنا طفلةٌ تطمعُ بدلالِ وحنوِّ أبيها ، ولِمَ لا ؟
ألم أمنحْهُ زهرةَ شبابي وصفوةَ تفكيري وتعبِي؟
ألمْ تأكلْ كلُّ زاويةٍ منهُ قطعةً من أناملِي؟
نوافِذهُ الخشبيَّةٌ تغمزنِي فأهرولُ مسرِّحةً ناظريَّ من خلالِ بلُّورها الأنيقِ مسبِّحةً الخالقَ ممجِّدةً له على الجمالِ المنبَثِّ من الطبيعةِ السّاحرةِ .
مساءً ومن شرفتِهِ الغربيَّةِ الواسعةِ تجدُني أمدُّ النّظرَ بعيداً بعيداً إلى البحرِ لألتقطَ صورةً لشمسِ الغروبِ الدمويَّةِ الحمراءِ وهيَ تقبِّلُ جبينَهُ مودِّعةً ، أعودُ لأستقبِلها فجرَ اليومِ التَّالي مهلِّلةً بولادتِها المباركةِ الميمونةِ على قمَّةِ جبلِ السَّائحِ شرقاً.
ليسَ سرّاً يا أصدقائِي أن منبعَ السّعادةِ في هذا الكونِ الرَّحيبِ هوَ هذا العشُّ سواءَ كانَ من الطِّينِ أو الحجارةِ أو حتَّى من القشِّ !

مُكرّر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي