PNGHunt-com-2

مع كاهن الملك : بقلم القس المحترم جوزيف إيليا

مع كاهن الملك
---

حينما زرتُهُ
قالَ ليْ كاهنُ الملكِ :
- الآنَ لا وقتَ ليْ
فلماذا أتيتَ إليَّ هنا
قاصدًا معبدي
كاسرًا رِجْلَ بهجةِ أنشودتي
أوَلا تخجلُ؟

ها أنا رافعٌ لإلهي
صلاةً بطعمِ النّشيدِ
وعطرِ البَخورِ
وأنحَرُ فوق مذابحِهِ ما يحِبُّ ويبهجهُ
وإلى عالَمٍ آخرٍ كلُّهُ نشوةٌ أرحلُ

فلتكنْ ولدًا طيّبًا طيّعًا
وارتحلْ عن خطوطِ خرائطِ ما أبتغي
إنّني عن مفاتيحِ بابِ السّما أَسألُ

وملائكةٌ فوق رأسي تحومُ
وتلثمُ وجهيْ
وتفتحُ بابًا أمامي
لأعبرَهُ
وأرى جنّةً لي تنادي
وتحضنُني
وأراني بها مِنْ رمادِ خطايا يديْ أُغسَلُ

وتصيرُ خمائلُها ملعبي
ومنابعُها خمرتي
وسأجري
ولا أنحني
فلقد قويتْ لي بها أرجلُ

ولسوفَ أعي ما جهلتُ
وأنظرُ وجهًا
عشقتُ تفاصيلَهُ وابتسامتَهُ
وأصافحُ مُطفِئَ ضوئي
وأمحو سطورَ محاكمتي
وعلى كتفِ الأغنياتِ غدي يُحمَلُ

فانطلِقْ لحياتِكَ
دعني
لأتلوَ للغيبِ سِفْرَ تواريخِ ما صغتُهُ
أنتَ تخنقُني
وتلوِّثُ نبعَ هدوئي
وتوقظُ سيلًا بأرضي
فهيّا غِبْ
لا تكن مزعجًا كنعيقِ غرابٍ
ودعني بما مَلِكي شاءَهُ أعملُ

قلتُ :
- يا سيّدي
إنّني تائهٌ
متعَبٌ
ضائعٌ
جئتُكَ اليومَ تنصحُني
وتلاطفُني
وتمدُّ كفوفَ حنانِكَ فوق جبيني
لأنسى حكاياتِ قهري
وذلّي على بابِ مَنْ جاءني غازيًا ناهبًا قاتلًا
ورمى في كرومِ خيالي ثعالبَهُ
سيّدي
قد خلعتُ رداءَ سكوني
وصرتُ نحاسًا يطنُّ
وصنجًا يرنُّ
أنا فارغٌ
محبَطٌ
مُهمَلُ

في اقتحامِ حدودِ المدى أفشلُ

فأعنّي
وهاتِ زبيبَكَ أطعِمْ فميْ
وعلى كاهلي لا تضعْ صخرةً
وأزلْ شوكةَ النّارِ مِنْ قَدميْ
إنّها آلمتْني كثيرًا
متى سيّدي تفعلُ؟

فأجابَ وقالَ :
- أنا كاهنُ الملِكِ الحافظِ الأرضَ كرسيُّهُ
كيف أتركُهُ وحدهُ جالسًا ساهمًا
وموائدُهُ كيف أهجرُها
وأجيئُكَ
وهْو بما رمتُ لا يبخلُ؟

قلتُ :
- آهٍ
وآهٍ
فإنّي بخنجرِ ما قلتَهُ سيّدي أُقتَلُ

قالَ :
- كن صامتًا
لا تجادلْ
فإنّي لنفْسي فقط مُرسَلُ.
-----
القس جوزيف إيليا
١٩ - ٤ - ٢٠٢٢

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي