لحظة شغب : بقلم الأستاذ أحمد إسماعيل
لحظة شغب
المسرح الذي يتوسط المدينة لايشبه بؤسه في الأيام الخالية
فعلى غير العادة الجمهور مكتظ في المدرجات التي كانت تشتهي هذا الأحاديث الجانبية قبيل صعود مرح على الدرجات التي كانت تقبل خطواتها لتمنحها زيادة ثقة
هاهي تقترب من لحظة مصير كان يداعب خيالها الذي حكموا عليه مبكرا بالعقم كل من حولها من العقلاء المعاقين الذين ينظرون إليها وكأنها عالة سترهق كل من شد إليها رحالا
إلا مدرسة الموسيقى حنان التي انبهرت أساريرها مذ أعادت مرح المصابة بمتلازمة داون ( منغولية) عزف نوتةصغيرة في لحظة شغب أجبرتها على التوقف لتحتضن بأجنحتها ومنذ الضمة الأولى موهبتها....
أجلستها إلى جانبها لتصنع من الشغب والعبث ابتسامات و إيقاعات لصمت الأهل، والدموع تقيم أعراسا على خدودهم.
الآن وبعد سنتين من التدريب
الفرح والخوف يسبقانها إلى تلك الخشبة،
لكن مرح و بشغبها المعتاد جعلت من عفويتها وحركاتها إضاءة للمسرح الذي أطفئت أنواره
لتكتمل خلوتها بمعشوقتها ....آلة البيانو القديمة التي كانت هدية من من معلمتها حنان قبل يوم من العرض.
تلك الآلة القديمة كل ما تملك من حب....
الهدية كانت جسرا تقطع به الخوف
الكل الآن يتأملها بصمت تسكنه اللذة
و هي تعزف و طيف حنان يجلس معها يغلفها بالضحك والدندنة والتمايل يمنة و يسرة مع رقصات بنانها على المفاتيح
تلك المفاتيح لم تعتد على ارتكاب الخطأ حتى لو قطعت إحدى أوتارها الداخلية تستمر بإيقاع إحساسها...
هاهي تضغط على مفتاح النهاية ....
يقف الجميع لتكون الغلبة للتصفيق
لكن ما بال مرح...؟
غير معقول....
هرعت إلى الميكرفون لتفاجئ حتى نفسها مغنية
حنان يااااا حنان
يا لمسة الفرح
للقمر.. للزهر.. للسماء و الماء
يا جنة تشتاقها الألحان
و يقبل أنفاسها الوتر
أنا والليل إخوة
أنجبنا القدر
وأنت والصبح نور
يمحو الكدر
هنا حتى حنان تجمدت و لم تصدق ما كانت تحضره مرح في السر
فهي والوقت حليفان لتصنع من الإعاقة إبداعا مجنونا
بقلمي أحمد إسماعيل سورية
تعليقات
إرسال تعليق