PNGHunt-com-2

الديموقراطيات المزيفة : بقلم الأستاذ محمد دالي

الديموقراطيات  المزيفة
منذ عصر  الثورة الفرنسية  في نهاية  القرن  الثامن عشر، اتجهت معظم  دول عصر الحداثة في الغرب الى تبني نظام الديمقراطية  السياسية، بيد  أن الديمقراطية لبست أثوابا عدة تميزت بأربعة أشكال من  الديمقراطية ، حدَّدها صاحب السمو الآغاخان في احدى مقابلاته  الصحفية،  منها صحيفة  لا كروا  الفرنسية، عدد يوم 11/4/2003، هي: " الديمقراطية  المغشوشة، والديموقراطية  القاصرة،  والديموقراطية  الفاشلة، وكذلك الديمقراطية الفعالة أو الناجحة.
في مقالنا اليوم  نتكلم عن واحدة منها، لمحدودية الصفحة الفيسكوبية المرغوبة  من المطالعين والقراء. لقد عرَّف صاحب السمو هذه الديمقراطية ،قائلا:" هي الديمقراطية  التي  تحاول  الدول ذات  التوجه الاستعماري  تصديرها وفرضها على الدول التي تهدف  الى التدخل  في شؤونها بقصد استغلال ثرواتها ونهبها، والتي سميناها  " مغشوشة" لأنها  تغطي  على الأهداف  الحقيقية من وراء تصديرها  وفرضها  على الدول  الأخرى  التي تتصف حكوماتها  بالاستبداد والتسلط  والقمع" ، وختم سموه حديثه عن الديمقراطية  الصحيحة بقوله:"  القاعدة  الأساسية  في تحقيق ديمقراطية ناجحة ، هي  الاعتراف  بشرعية التعددية كمعيار أول".
لأعطاء  مثال عن الترويج  للديمقراطيات المغشوشة  في العالم العربي، نقدم هذا المثال المأخوذ  من مقابلة صحفية مع الكاتب والباحث  جورج طرابيشي في صحيفة " الرياض"  السعودية، ذكر فيه  المفكر  والباحث هشام شرابي، الذي ضرب فيه " قناة الجزيرة "  القطرية، كنموذج  لنشر  الديموقراطية  في العالم العربي ، حيث قال:"  ان ما ذكره  هشام  هو نموذج  " للديموقراطية  المزيفة"، التي نعيشها اليوم... ان قناة الجزيرة هي تعددية في السياسة، فلا  مانع لديها أن يشتم الشيوعي القومي، والقومي يشتم الليبرالي، والعلماني يشتم غيره، وتفتح صراعات تصل الى حد المهاترة  بين التيارات السياسية، الا أنها  لن تكون  تعدديةً ثقافية (أي احترام  التعددية الثقافية)، ولكن ما تمرره  على الجميع هو الواحدية الدينية وخاصة  برنامج " الشريعة والحياة" . ثم اختتم  رأيه بقوله عن البرنامج :" وهو  ليس  فقط  صوت ديني واحد، بل هو صوت  ديني ومن أكثر  الأصوات تخلفا. هذه القناة  ليس لديها مانعا  أن تمرر كل هذه التعدديات السياسية، حتى  تمرر هذه الواحدية الدينية، عندما تراهم  في برنامج  " الاتجاه المعاكس "  وهم يتساببون  ويتشاتمون... ليتساءل  المرء " أهذه هي الثقافة" ؟!
ولإعطاء صورة  أخرى عن " الديمقراطية  المغشوشة" ، نذكر نحن حرب العراق 2003، التي قدمها سمو الآغاخان  كمثل عنها، عندما حشدت جيشا دوليا من الدول الغربية  والاسلامية و حتى العربية، ضد نظام  الرئيس  العراقي صدام حسين، لتخليص العراق  من الدكتاتورية ونشر شكلا من الديمقراطية  المغشوشة، اذ قال سموه:" الديمقراطية لا تُفرض قسريا ، لأنها  بحاجة الى تهيئة ظروف انجاحها" . مآلات تلك الحرب أصبحت بادية للعيان ، اجل, هناك ديمقراطية في العراق ما زالت سائدة  بعد سبعة عشر عاما  من تلك الحرب المجنونة ، ولكن هناك أيضا اتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة العراقيىة، تحد العراق من سيادته، مع وجود ثمانية قواعد عسكرية أمريكية على أرضه أو أكثر ، كجزء من تلك الاتفاقية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي