سؤال وجواب /ماهو الخط الفاصل بين الشعر والعرفان/ الأديب حسين الجبوري والجواب للأديب غازي ابوطبيخ الموسوي
سؤال وجواب:
*********
وردنا سؤال من الاخ الشاعر الاستاذ حسين الجبوري هذا نصه..
***
ﻻ أدري فعﻻ حين اقرأ نصا يشدني اجد نفسي تنساب كشﻻل منهمر ﻻأرد بأسلوب معاكس للنص بالمعنى مطابق له بالروح بنفس العفوية والتلقائية تجدني أرتجل الكلمات وكأنها كتبت لي من قبل ياترا اخي العزيز أيكون هذا نهجا صحيا وصحيحا أم هو شيء أخر وقد. ﻻحظت حضرتك اني دائما افعلها فعلتها معك مرتان وفعلتها مع الست نائلة وفعلتها مع الست ربا وها انا افعلها اليوم مع تعليقك على نص القاسم الحبيب اتراني اسير على الطريق الصحيح ام شيء اخر اجبني اخي الكريم اطال الله بعمرك ..
*****
فكانت اجابتنا عن سؤاله بحسب الامكان كالتالي،نضعها بين ايديكم ،علها تنفع في شئ،ومن الله التوفيق..
الاجابه:
*****
اخي ابا علي استاذ حسين الجبوري.. للاجابة على سؤالك الجميل اقول.. تذكرت ردا للشاعر الكبير مظفر النواب على سؤال احد الصحفيين يقول فيه الشاعر مانصه..
( لا خير بالقصيدة التي احاصرها ،ومرحبا بالقصيدة التي تحاصرني،ولاخير بالقصيدة التي اكتبها ومرحبا بالقصيدة التي تكتبني..)..
هذا يعني ضمنيا ،ان بعض اصحاب التجارب الابداعية ،يريد ان يصبح شاعرا،وهو غير موهوب،فلا ينتج الا هزيعا ،ولاينجز الا سطيحة،وعكسه الموهوب طبعا.. هذا من ناحيه..
اما من الناحية الثانيه.. فالموهوب ذاته يتوجب عليه ان لا يحاصر دخيلته في وقت سكونها ،لانها لاتعطيه الا ما لا يقنعه هو قبل غيره،مهما كانت ادواته ناضجة وحرفته مكتنزه..
الاصل في الكتابة تن يكون المبدع جاهزا ارهاصا وفكرة وتوترا ابداعيا..وتلك ما نصذلح على تسميته باللحظة الشعرية او الابداعيه..
وهذا ما يجعل المبدع محتاجا الى بعدين للتحريض..
الاول.. الحافز الداخلي ..وفيه يكون المبدع قد اكتنز بفكرة ةا او رؤية ما او حتى عاطفة ما.. تدفعه دفعا الى التعبير عنها تبعا لرهافة حسه وخصوبة خياله وعموم مفردات قدرته التحويليه.. هذا فضلا عن نضجه الحرفي العلمي.. ونعني ادواته التعبيريه..
ومرة يكون الحافز خارجيا.. وهذا موصوع حوارنا ومادة سؤالك الفطين..
هنا يكون لعين المبدع في المقروء والمرئي،ولأذنه في المسموع عموما،دور كبير في الملامظة فالاستجابة فالتحويل الى الداخل،فالتأثر فالارهاص فالتحويل مرة ثانية بعد الاختمار والتمثل.. وهذا ما نسميه ،بفعاليات التحويل.. ومن كل حسب طاقته وقدرته..
وهذه المفردات التحويلية المتعاقبة قد تأخذ وقتا طويلا ،وقز تكون بالعة السرعة والعفوية كفعل انعكاسي متسارع الخطى..
ونحن حين نذكر هذه المفردات فإن ذكرنا لها يشبه التعبير عن الاحساس ،لانها قدتتداخل وتتمازج بشكل يصعب فيه فرزها عمليا الا على من خاض التجربة ومارسها عمليا..
هنا في الاستحابات العاليه،لما يراه المبدع الموهوب من مشاهد الحياة او من افعال المبدعين الابداعية يتسارع الرد العفوي المنساب التلقائيه،بحيث يرتبط نضج الفعل الابداعي الانعكاسي بمدى نضج المبدع نفسه،وعلي جميع الاصعده..
صدق الاستجابة الشعورية ..صدق الفعالية التحويليه.. القدرات التحويليه.. نضج الادوات التعبيريه.. اعماق الرؤيا..جهوزية الفكره.. مستوى وطاقة الموهبه..واخيرا درجة التحدم والانهمار الشعوري ..
من هنا نقول.. ان التفاعل ةع ابداعات الاخرين ضرورة دافعة محرضة بالغة الاهميه..فبها تتنضج الادوات وتتلاقح الافكار..
ولهذا السبب تحديدا ،كثيرا ما نطالب اصحاب التجارب الابداعية بما يلي..
اخواتي اخوتي.. زميلاتي زملائي.. اقرأوا اكثر مما تكتبون. .لكي لا تكرروا انفسكم،ولكي تكتشفوا حديدكم مقارنه بالاخرين،وانطلاقا منهم.. لكي تعرفون اين وصلت الخليقة في انجازاتها.. لكي…ولا حدود للمنافع الناتجة عن التفاعل والتلاقح..
نرجو ان نكون قد استوعبنا سؤالك بالاجابة الممكنة اخي وزميلي الشاعر حسين الجبوري الطيب..
تحياتي..
...
...
...
...
...
الاديبة Ghada El Baz المبدعة:
هذه تحيتنا سيدتي..
**********************
السياب ليس ملكا للعراقيين وحسب لكي نتقدم بشكرك سيدتي.. انه رمز عربي وانساني كبير عابر للزمكان ..
ولكننا سنشكرك على حسن الإختيار،ليس لجمال وعمق النص،فهذا كلام ما عاد جديدا ايضا،بل كتبت عنه مؤلفات واطاريح ماجستير ودكتوراه متكاثره..
انما الذي شدنا بل اذهلنا ،وكأننا لم نقرأ النص للمرة الالف..بل وكأننا لم نحفظه عن ظهر قلب منذ نعومة اظفارنا،فاذا بنا نتقرى واقعنا المعاصر بشكل صادم ومدهش ،من خلال نص شعري باذخ رائد مكتوب في خمسينيات القرن العشرين ،ليعبر بالنص والتنصيص،كمرآة نقية صافية تعرض مشهديا بل ديناميا،واقعنا نفسه بكل تفاصيله الغريبة الاطوار،والتي ما انفكت تضرب بكلاكلها على كل شبر من هذا الوطن المزخرف بالجراح النازفه..
كنت مبدعة رائعة متميزة بما تكتبين ..
وها أنت مبدعة راقية بما تنشرين..
فلننظر جميعا،كيف احدث السياب الفارق
ولننظر ملامحنا،وملامح تجاربنا في مرآة انشودة المطر..
اين نحن ممن سبقنا بستين عاما من الآن..?!
كان يرانا منذ ان(.. علقنا الهنود الحمر.. عراة على اعمدة الالوان).. -1-
كيف يكون العراف اذن،اذا لم يكن السياب..?
كيف هو شكل النبوءة،اذا لم تكن ،انشودة المطر.?!.
موكب بصري عراقي حاشد،من اجل الايفاء بجميل تحيتك عزيزتنا الاستاذة الشاعرة- Ghada Al -bazالموقره..
اسمحي لنا بالمشاركة ..سيدتي الشاعرة المصرية الراقية..
والسلام..
************&&&&&*********
انشودة المطر.. نقلا عن صفحة الاستاذة Ghada Al- bazمع فائق التقدير،وعظيم الاحترام..
***********&&&&&**********
عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،
أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .
عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ
وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ ...كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ
يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ
كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ ...
وَتَغْرَقَانِ في ضَبَابٍ مِنْ أَسَىً شَفِيفْ
كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء ،
دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف ،
وَالمَوْتُ ، وَالميلادُ ، والظلامُ ، وَالضِّيَاء ؛
فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء
كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !
كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ
وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر ...
وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،
وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر
أُنْشُودَةُ المَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر...
مَطَر...
تَثَاءَبَ الْمَسَاءُ ، وَالغُيُومُ مَا تَزَال
تَسِحُّ مَا تَسِحّ من دُمُوعِهَا الثِّقَالْ .
كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :
بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ
فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال
قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -
لا بدَّ أنْ تَعُودْ
وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ
في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ
تَسفُّ مِنْ تُرَابِـهَا وَتَشْرَبُ المَطَر ؛
كَأنَّ صَيَّادَاً حَزِينَاً يَجْمَعُ الشِّبَاك
وَيَنْثُرُ الغِنَاءَ حَيْثُ يَأْفلُ القَمَرْ .
مَطَر ...
مَطَر ...
أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر ؟
وَكَيْفَ تَنْشج المزاريبُ إذا انْهَمَر ؟
وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ ؟
بِلا انْتِهَاءٍ - كَالدَّمِ الْمُرَاقِ ، كَالْجِياع ،
كَالْحُبِّ ، كَالأطْفَالِ ، كَالْمَوْتَى - هُوَ الْمَطَر !
وَمُقْلَتَاكِ بِي تُطِيفَانِ مَعِ الْمَطَر
وَعَبْرَ أَمْوَاجِ الخَلِيج تَمْسَحُ البُرُوقْ
سَوَاحِلَ العِرَاقِ بِالنُّجُومِ وَالْمَحَار ،
كَأَنَّهَا تَهمُّ بِالشُّرُوق
فَيَسْحَب الليلُ عليها مِنْ دَمٍ دِثَارْ .
أصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجعُ الصَّدَى
كأنَّـه النشيجْ :
" يَا خَلِيجْ
يَا وَاهِبَ المَحَارِ وَالرَّدَى ... "
أَكَادُ أَسْمَعُ العِرَاقَ يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السهولِ والجبالْ ،
حتى إذا ما فَضَّ عنها ختمَها الرِّجالْ
لم تترك الرياحُ من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تَئِنُّ ، والمهاجرين
يُصَارِعُون بِالمجاذيف وبالقُلُوع ،
عَوَاصِفَ الخليج ، والرُّعُودَ ، منشدين :
" مَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
وفي العِرَاقِ جُوعْ
وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ
لتشبعَ الغِرْبَان والجراد
وتطحن الشّوان والحَجَر
رِحَىً تَدُورُ في الحقول … حولها بَشَرْ
مَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
وَكَمْ ذَرَفْنَا لَيْلَةَ الرَّحِيلِ ، مِنْ دُمُوعْ
ثُمَّ اعْتَلَلْنَا - خَوْفَ أَنْ نُلامَ – بِالمَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
وَمُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارَاً ، كَانَتِ السَّمَاء
تَغِيمُ في الشِّتَاء
وَيَهْطُل المَطَر ،
وَكُلَّ عَامٍ - حِينَ يُعْشُب الثَّرَى- نَجُوعْ
مَا مَرَّ عَامٌ وَالعِرَاقُ لَيْسَ فِيهِ جُوعْ .
مَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
في كُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ المَطَر
حَمْرَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ مِنْ أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .
وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة
وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ
فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد
أوْ حُلْمَةٌ تَوَرَّدَتْ عَلَى فَمِ الوَلِيــدْ
في عَالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، وَاهِب الحَيَاة !
مَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
سيُعْشِبُ العِرَاقُ بِالمَطَر ... "
أصِيحُ بالخليج : " يا خَلِيجْ ...
يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجعُ الصَّدَى
كأنَّـهُ النشيجْ :
" يا خليجْ
يا واهبَ المحارِ والردى . "
وينثر الخليجُ من هِبَاتِـهِ الكِثَارْ ،
عَلَى الرِّمَالِ ، : رغوه الأُجَاجَ ، والمحار
وما تبقَّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لُجَّـة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيقْ
من زهرة يربُّها الرفاتُ بالندى .
وأسمعُ الصَّدَى
يرنُّ في الخليج
" مطر .
مطر ..
مطر ...
في كلِّ قطرةٍ من المطرْ
حمراءُ أو صفراءُ من أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حُلْمَةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ
في عالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، واهب الحياة . "
وَيَهْطُلُ المَطَرْ ..
السياب العظيم ...
************&&&&&**********
1-مقطع من قصيدة.. المركب السكران.. للشاعر الفرنسي الكبير.. ارثر دي ديه رامبو..
::::::
::::::
::::::::
السرمد الحيوي في قصيدة الاديبة
أمال القاسم
********
بعيدا عن تناول النص من الناحية الحرفية والتحليلية المطوله..
فمن كتبته تخطت منذ زمن طويل مثل هذا المفاد ،وإن كان نافعا ،
مرة لتأكيد ثقة المبدع من خلال المرآة الصافية التي يعرضها المستقرئ امامه.. فيرى نفسه وابداعه ومديات رسوخه..
ومرة لتحصيل الفائدة العامة من خلال توسيع دائرة الفهم بنقل توصلات المبدع والناقد معا الى المتلقي.. ولكن معذرة ،فأملنا ان ما سنورده يمكن ان يؤدي الغرض او بعضه لشديد اهميته..
هذا كله ليس موضع بحثنا اليوم مع هذا النص المنيف الباذخ..
لقد اثار هذا المشروع الابداعي.. وانا اقصد هذا الاصطلاح..سؤالا كبيرا ربما خطر على بالي عابرا هنا وهناك..ولكنه هذه المرة وقف شاخصا حد اثارة الانتباه..
***
ترى هل يمكن للشعر أن يجدد الحياة? .. ان يبعث في عروقها الدماء ..? أن يضيف بهاء جديدا عليها?..
هل يمكن للمشاعر وحدها ان تكون بديلا حيويا خالدا?
هل يمكن للمبدع بحسب طاقته ان يحدث التصعيد الفني الطويل اللذة ، بتوظيف هذه المشاعر لخلق بيئة تنتقل بالانسان من منطقة الكسل والركود والسكونية والتسليم بٱنتظار خطاطيف الردى ،الى منطقة الاضاءة الجمالية المحمية بالسرمد الحيوي او بال( السوبر) الجمالي الدينامي الذي لا تأفل كواكبه المنيرة بالحيوية واعماق الرغبة واسرار اللذه..?!
هل هي فعالية تثويرية لتحريك الساكن وتنوير الخامد..
لا ننسى طبعا ،أن من يذكرنا او يستحضر امامنا كل هذه التساؤلات اديبة شاعره.. هذا يعني انها امرأة.. وهذا يعني انها انثى..?!
لكن هذه الانثى تشكل محورا.. او ضميرا جمعيا لجميع بني جنسها على الاطلاق..
فهل كانت تصنع نموذجا خارقا?
هل كانت تقترح على بني جنسها جميعا تصعيدا لا يسمح للقطب الآخر بتجاوزه ابدا?!
نحن هنا نركز محوريا على اطروحة النص.. ماذا اراد النص ان يقول?
كل صورة مشهدية قدمتها لنا المبدعة المقتدرة ..الاستاذة آمال القاسم ..لوحة تمنع من رؤية غيرها في نفس اللحظة الراهنه،ذلك لأن كل تفصيلية من اوجه التفاعل الواقعية بين القطبين ..موضع الحوار الازلي.. اصبحت هنا على يد الفنانة الهادرة بالمقترحات الجمالية الحية المكتظة بالرعشات الحركية العميقة الغور، اصبحت
خارقة للمعتاد ،عابرة للسائد،كاسرة للمألوف..
هل كانت ..لكي نشتمل على بعدي الرؤيا.. تقترح علينا معا.. ايتها الخليقة التي فقدت كثيرا من شعورها بالجدوى،تعالوا ادلكم على كلمة سواء تنجيكم مما انتم فيه من كساد الحياة وانخماد الحيوية ،وشيوع السأم والملل والضجر، مع تقارب المعاني..?!
وللإجابة الواضحة عن كل هذه التساؤلات التي اضمرنا مالا حصر له منها.. نطرح الاسئلة الختامية التاليه..
الم يكن جمال المرأة التي قدمتها كمقترح بديل شاعرتنا المبدعة مدهشا مذهلا ..?!
كيف توثبت به الى هذا المستوى من الرقي و الجاذبيه.?!
اخيرا ماهو عنصر الخلق الخبئ الخفي الذي كان ( الداينمو) المحرك لجميع عناصر التصعيد الجمالي الحيوي الاخرى?!
لا أظن بعد كل هذا ان بنية حمل جميع هذه المقترحات العظيمة الاثارة،والخالدة اللذة مازال بعيدا عن ذهن المتلقي الحصيف.. واضح جدا،انه..سفينة الحب المثالي الصادق الحميم التي من ركبها عاش حياته سعيدا ونجا،والسلام..
**********
نص الاديبة آمال القاسم
***
*
قُبيْلَ ميلادِكَ ..
كنتُ معلقّةً في جداريةٍ
من صنعِ أبجديّتي
تعاني الصقيعَ والعتمةَ
ووجهي يلهثُ بعبثيّةِ الألوانِ
يختنقُ بالاشتياقِ والاشتهاءِ
وفوضى الروحِ في التّصحّرِ
منذُ روحِكَ ..
وشمْتُكَ لهفةً على مخارجِ الشّرودِ
لأحتويكَ في هوسِ البياضِ
وأنا سكرى منذُ بدايةِ الحضارةِ
وشهقةٌ مهيّأةٌ للعشقِ
يغريني فيكَ النّبيذُ وزهرُ الليمونِ
منذُ عطرِكَ ..
والشموعُ تعاقرُ خمرتي
بعبقِ الحبِّ
تحتفلُ بعناقٍ ووصالٍ
لتنجبَ اللذةَ والانتشاءَ
فأهزُّ أنفاسَكَ على مهلْلٍ
لتأتيَني سحابةً من غَمامٍ وأحلامٍ
منذُ جبينِكَ ..
وأنا أرسمُكَ ناراً ثائرةً
تنزُّ بشبوبِ الطّيوفِ
بريشةٍ من ضفائري
تغني مواويلَ الحقولِ
فأشكِّلُكَ معجوناً بعرقِ الوقتِ والتعبِ
منذُ كفّيكَ ..
نحتُّكَ قصيدةً من الدفءِ
تتراءى في قاعِ الرّوحِ
أسدِلُ عليها أنوثتي
من ماءٍ ونارٍ
تتشاقى في تضاريسِكَ
تدثِّرُكَ بالغزلِ والقُبلِ ..
منذُ جنونٍ ونصفٍ ..
وأنا أغزلُكَ موسيقا بقوافٍ
تفيضُ على الضفافِ
كما عزفٌِ شَغوفٌ
يا أولَ عينيّ
وآخرَ شفتيّ
وخاصرةً وُسطى توّاقةً
لشبقيّةِ الماءِ في الارتواء
منذُ قصيدتِكَ التي لم أكتبْ بعدُ ..
يهامسُني الوردُ :
أيَّتُها اليانعةُ كما طفولةٌ ضاحكةٌ
يتزاحمُ فيها الياسمينُ ،
أين أحاديثُ الهوى
التي تؤرِّخُ الذكرى
في الخافقِ والعيونِ ..!؟
أين امتدادُ الأبجديّةِ
على مقاسِكَ والشجون ..!؟
منذُ ميلادِكَ ..
وأنا أمتلئُ بكَ عمراً آخرَ
أبحثُ عن تاريخٍ يكتبُني
أفتِّشُ في فراغي
عن حاضرٍ يحتويني فيك َ
لأطبعَكَ بصمةً مشرقةً
في عينِ الشمسِ ..
حين خاصرتي ..
تتزاحمُ من أجلكَ الأمواجُ
في فستانيَ الليليِّ
عقودا وأساورَ وخلاخيل
أتيمّمُ بقبضةِ يديكَ
لأُتمَّ صلاتي
وأسكبَ على ساحل ِ الدهشةِ
عطشي وعباداتي
كيف تشاءُ ومتى شئتَ
يا روعةَ الاشياءِ أنتَ ..
وحين أنت .. يا نبضَ الوقت
أتوسّلُكَ .. دعني ازرعُكَ في دمي أكثرَ
أحصدُ المدى بعينيَّ العاشقتين
يا كلاً يملأُ كلّي
يا طيفاً يتنفّسُهُ ظلي ..
دعني أهمسُ لعطرِكَ ..
لثغرِكَ ..
لعُمرِكَ ..
أنا وقصيدتي والشوق ُ ثالثُنا
ندعوكَ لأنْ ...
نطفئَ شمعة وخمسين
نحرقَ قُبلةً وحنين
حتى يغدوَ ميلادُكَ وردةً
تتمدّدُ في انحناءاتِ السّكّرِ
تهبُّ في وجهِكَ باسمةً لتقولَ لك :
كلُّ عامٍ وأنتَ ملاكي ومليكي ..!
سكرة القمر
.......
..
...
...
..
………………………………………
تعقيباً على سؤال ورد من سائل ما
يتفضل شيخ الادباء والنقاد / غازي الموسوي
بالاجابة الشافية الوافية مشكوراً ....
………………………………
ما هو الخط الفاصل
بين الشعر والعرفان?
…………………………………………
هكذا مبحث لا ريب سيكون عميقا وغاية بالاهمية..لأنه يقدم في الواقع مفاتيح واضحة الملامح اعتقد شخصيا انها بالغة الضرورة..
ولربما تجد من يختلف عنك في زاوية النظر الى معنى الشعر اصلا.. معتقدا ان الشعر تنويعات مختلفة ومستويات مختلفه ..كل منها يرتبط بطبايع الناس المختلفة بدورها تبعا لاختلاف البنى السيكولوجية لبني البشر..
فمن البشر من يلامس الشعر ملامسة المغني او المنشد ولا يريد الذهاب ابعد من ذلك ..او ربما لايمكنه ذلك ..بحكم مستوى طاقته او بحكم الضغوط والحواجز والحجب والمعوقات المانعه..
ومنهم من يحاول الاقتراب الى عالم الفطرة القصي.. ولكنه لذات الاسباب السالفة يظل ..ربما طول عمره في دائرة الحومان..
ومثلك ايها العارف من يعي بكل تأكيد ان الشعر.. كطريق من طرق المعرفة..قد يغرق في رحلة البحث حد الانفراط عن عقد الشاعرية والوقوع في حومانة الاشراق المحض..
ومن الواضح ايضا.. من خلال سؤالك الكثيف الرائع.. انك تدرك عميقا معنى الفصل بين الاشراق المحض الذي يدخل بنا ..اذا لم نحكم الفصل بين النوع والنوع.. الى عالم آخر انت تدركه عميقا يخرج بنا عن معنى الشعر اصلا.. ولكل من العالمين اسمه ورسمه كما تعلم.. وان خرجا من مشكاة واحده..
وقد يظن البعض ان بعض مقولات او كشوف العرفان شعرا.. لجمال عبارتها وكثافة صياغتها ولون او نوع مضمونها ..ولكنك ايضا تعلم ان ما يعتقدونه خاطئ تماما..ولا ريب ما دمنا قد ذكرنا هذا من الاشارة الى ان الشعر غير ممنوع عن العارف.. فأذا ما اراده وهو موهوب امكنه تحويله الى بنية حمل كبرى لفيوضات كبرى.. لكونه يمتح من توصلاته التي ينفرد بها عن الشاعر وان كان رائيا..
نعم قد يصيد الشاعر الرائي كشوفه الباهرة احيانا من ذات المشكاة ..ولكنه لا يذهب اليها بغير عربة الشعر التي يتميز بها عن بقية الوسائل التي يركبها السعاة الاخرون..
نعم فد يكون العارف شاعرا.. ولكن جذره ومحوره ومركز تركيزه هو العرفان.. ولهذا نرى صيوده اكثر حضورا وكثافة.. وهو بهذا يختلف كثيرا عن الشاعر الرائي..
السؤال الان ..مادام طريق العرفان ..مثلا.. كفيل بصناعة او خلق العارف ..فهل يفعل طريق الشعر ذلك.. بمعنى هل يمكن للشعر ان يخلق عارفا بنفس المعنى..
هذا هو ما تبحث عنه جنابك الكريم ..اقول لك..
الشعر يصنع رائيا نعم.. بشرط ان يترقى رويدا اوالهاما.. فيصيد ما يصيد من جواهر الاشراق.. ولكنه بالشعر تحديدا لا يكون عارفا ابدا.. لان الطريق مختلفة ..وان كان الاختلاف بحدود شعرة الرأس.. ولكن الحصيف المدقق مثل جنابك يرى هذا الشعرة بوضوح تام..
ولكي يكون الفصل واضحا للجميع اقول..الشعر مرتبط بالشعور ..الشعر بعد لصيق بالنفس.. الشعر لا يكون شعرا من دون السباحة بماء حياته واعني مجمل فعاليات النشاط النفساني الشديد الارتباط بالاحاسيس والعواطف والانفعالات والتفاعلات والاستجابات الشعورية جميعها فرحا وحزنا.. حبا وكرها ومقتا ..انحيازا وتراصفا وتباعدا وتقاربا.. الشعر يعبر بذلك وعنه في آن واحد ..وقد يكتفي بذلك فيسمى شاعرا مغنيا او منشدا او محتجا او مدينا اومضيفا بهاء جديدا او مجملا او.. او.. وكل ذلك في مراتبه ومواقعه وطبقاته ايضا..
اما الشاعر الرائي ..فهو نوع آخر مستقل في جانب.. في مقابل ..الشاعر المغني.. ومقابل الشاعر المنشد.. والمدين والمحتج والمجمل والمؤانس والتحليلي والوصاف الخ……
هذا التقابل والاستقلالية بقدر ماهي نوع مميز جدا ..فهو في ذات الوقت طبقة وخيار صعب للغايه.. فهو طبقة لانه ..كما يفترض به.. قد ملك براقه المجنح الجاهز للاسراء والمعراج والتحليل والاستبطان والتشوف والاستشراف من منطلقين ..الملكة الموضوعية ..والطاقة الاشراقية..
وهذا ما لا يملكه من هب ودب.. ابدا.. وليس الرحيل اليه وثوبا قط ..وانما توثبا وحدبا ورياضة وانقطاعا سم المصطلحات بما شئت ..شرط اليقين المطلق بانك ذاهب للاغتراف من بئر الطرائق بغض النظر عن اسمه ..ومن فيض السراج بغض النظر عن رسمه .. هكذا من لابدية وجود واهب هناك في ماوراء الكائنات والاشياء.. بل فيما وراء الطبيعة في ابعادها الثلاث التي ذكرناها سابقا..واعني تكرارا مفيدا.. ماوراء النفس عموديا.. ماوراء الجسد الكينوني ..واعني المحيط الموضوعي ماوراء الطبيعه ..واعني الميتافيزيقيا..
هذه الثلاثية غير ممنوعة على الشاعر.. مثله مثل جميع الباحثين ..في شتى الميادين ..ولكنه محكوم كغيره بطاقته وقدرته ومستوى موهبته وشريحته ومؤثراته وضغوطه… ووو.. الخ..
ولن يطرد من جمهورية الشعر مطلقا من اكتفى بالغناء او الانشاد ..ولن يدعي الباحث عن الرؤي والكشوف انه وحده الشاعر ابدا.. فكل في فلك يسبحون ..
نعم سيخرج من اصطلاح الشعر من خرج عن طريقته في البحث والتفكير.. التي ترتبط كما قلنا بالمشاعر والاحاسيس والعواطف الانسانية الطبيعية.. لانها سره ومصدر تسميته وماء حياته.. فأن غادرها وركب غير سفينها فعندها سيسمى باسم الطريق الذي اختار وباسم السفين الذي ركب ولا يسمى شاعرا ..ابدا..
نعم يمكن ان يكون عارفا.. فيلسوفا.. عالما.. مفكرا..باحثا.. وكلها جميعا طرق للمعرفة لا غنى للإنسانية عنها ..على الاطلاق..
اشكر لك شحنتك النووية التي خصبت هذا الحوار.. ودفعتنا لمحاولة تفسير ما افضت به علينا من كريم الاستفسارالمعمق ..والسلام. .
تعليقات
إرسال تعليق