المشهد الوجودي في النص النرجسي بقلم الأستاذة ملك نرجس حول منشورات الشاعرة عائشة عبد العليم
المشهد الوجودي
في
النص النرجسي
……………………
لقد قطع الشاعر الفرنسي الكبير آرثر دي ديه رامبو كل علاقة له مع الشعر في التاسعة عشرة من عمره القصير.
وغايتي من هذه الإشارة الإلماح إلى صلة الشاعرة عائشة عبدالعليم -موضوع الحوار- بقصر فترة الحضور الشعري،ومع ذلك فقد بقيت في ذاكرتنا ،لأن الإبداع الحقيقي هو الذي يمتح من بئر الدخيلة العميق،والذي سيظل هو الأهم والأقدر على التعبير عن حقائق النفس الإنسانية في جانب،وعن حقائق الحدث الكوني المحيط في جانب أخر..
عائشة عبد المنعم تنتمي الى جيل المبدعين الرؤاة،الذين لا يكفيهم الوقوف عند السطح الانفعالي أو العاطفي،
مع أهميته بل ضرورته بخاصة اذا تداخل مع البوح العميق،فلسنا معترضين عليه إطلاقاً ،ولكن هدفنا هو الفرز والتمييز ،وتبقى مسألة التفضيل والإختيار تابعة للمبدع نفسه،ورب ناقد يدخل على خط التفضيل أيضا،ولكل صاحب خيار زاوية نظره الخاصه..
ومما لا شك فيه أن مبدعتنا موضوعة الحديث تنتمي الى شريحة المتأملين الباحثين عن الحقائق الجوانية المفكرة.
كما وأنها منذ متابعاتنا الأولى لِما تكتب،رأيناها ترفع ضمنياً لافتة احتجاج ، أويافطة إدانة ، لا بد ان يكون لها دوافعها ومسبباتها،ولهذا المدخل البالغ الأهمية مبحثه التحليلي الدفين ،والذي يحتاج منا إلى استبطانٍ تحليليٍّ متفرّس، يحيط علماً بالمقدمات،طفولة وبيئة ونشأة وتوجّهاً ثقافياً وعَقَدياً.وهذا ما لا يسمح به الظرف والميقات وطبيعة وسائل الإتصال..
تجدرالإشارة إلى أنها انقطعت عن الكتابة فجأة ،ثم غابت عن الأنظار،
ولانعرف عن مصيرها شيئاً.
ألمهم في الأمر ،أن من نتحدث عنها :
شاعرة نثرٍ، مصرية، مدنية الوعي والموروث،عاشت منذ طفولتها في مركز المدينة ،
بعيداً عن أجواء الريف التي تميل بالمبدع كثيراً جهة الخيارالرومانسي غالباً.
بينما أخذتها بيئة المدينة وتعقيداتها الحياتية وضواغطها الاجتماعية والفكرية ،وحجبها الميكانيكية والكونكريتية ،إلى رحلة بحث عمودية بحثاً عن أفق بديل علّه يفتح الباب على مصراعيها على عالم أوفر جمالاً، و أكثر إقناعاً..
ولا أدري إن كانت مبدعتنا امتداداً -من نوع ما- إلى عوالم رامبو سالف الذكر ،أو ربما فيها من دخيلة مواطنها أمل دنقل نوع القلق الكوني?!..
هذا السؤال تلمسناه من خلال إحساسنا بارتحالات هذه الشاعرة الشديدة الغربة وجودياً زمانياً ومكانياً،
وذلك لا يعني تبنيها للرؤية الوجودية السارترية من الحياة والفكر والمجتمع مثلاً،كلا تماماً،وعلى العكس من ذلك،فهي أقرب الى عوالم كل من كريك جارد الدنماركي،أو حسين مردان العراقي،وأمل دنقل مواطنها العتيد،بعض مبدعي مجلة شعر القديمة،فكل هؤلاء جزء من شريحة واسعة عالمياً، تشعر بالغربة بشكل ضاغط جداً ، كإحساس ومناخات عامة،وليست متبنيات عقائدية أو فكرية معينة بذاتها.
ومعلوم ان كريك جارد وعموم شريحته مثلاً يمثلون الخط الوجودي المؤمن،بالتقابل مع الخط السارتري عموماً،ولهذا ارتبط في الذهن هاجس عائشة التعبيري معه،فقد تلمسنا محاولات
البحث فيما وراء المحيط الضاغط واضحة لديها،انطلاقا من الدافع الداخلي العميق الضاغط بدوره،كديدن متواصل بحدود ما اطلعنا عليه من صفحتها على الفيس بوك،حتى أنها كانت تلحّ على التعبير عن هذا اللون من الهواجس دون أن تتنازل عن اعلان براءتها الكاملة من كل ما يجري من حولها من الأغاليط الكريهة ،مصرحة بكل وضوح
انها تمثل خط الإدراك ، بالتقابل مع خط القطيع !!.
وتجد أن من واجبها اعلان خطيئة اصحاب الشأن -من دون أسماء- بحق أهداف القطيع اليسوعي،اوربما غايات الحقيقة الإيمانية الإنسانية عموماً،والتي سرقت خطايا الماحول الحاكم الهاصر الكثير الكثير من كشوفها وإشراقاتها الكبرى..
..
***
شاهد ابداعي:
*
سيئة الحظ
*
يا ٱبنة الكون الكريه!!
وحدك بيضة جوفاء
سقطت في حظيرة الخراف
فرت عنك فصيلتك
أم أن جناحك المبتور
لا يليق بالحرية?!
والإنسياق خلف صحابة القطيع
وراثة أم تقليد للرعاة
قش يملئ العقل هش
ألإدراك حالفك وخانهم
خانوكِ?!
سقط من المدى حلمٌ
كان يوماً حلمك حلمهم
تفسير إنسان
لا هيكل إنسان
والوحي الذي أتاكِ في هيئة منذر
ليس إلا بقايا شيطان
فلا الأرض تقرأ بصماتك
ولا الماء يمتزج بعجينتك
ياسيئة المصير
Malka Narjsya
عائشة عبدالمنعم-مصر-
تعليقات
إرسال تعليق