PNGHunt-com-2

نص نقدي مقارن للناقدشاكر الخياط بين نصي الشاعرين غازي الموسوي وغسان الحجاج

نص نقدي مقارن
ارسله الينا الاستاذ الناقد المغترب شاكر الخياط نقدمه بين اياديكم ممتنين سلفا منه ومنكم مع التقدير والاحترام الكبير:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
وقفة حب بين الحبيبين
..
الشاعر غازي ابو طبيخ
..
والشاعر غسان الحجاج *******************
يذكرني هذا الموقف الشعري النقدي بين العزيزين على نفسي  والغاليين على قلبي الاستاذ غازي ابو طبيخ والاستاذ غسان الحجاج فلكل منهما منزلتان اثنتان في صدري، الاولى انسانية اجتماعية والثانية ابداعية ثقافية وهي التي تستدعيني في كل مرة وتوقظني في كل بارقة يبرقانها من رقادي المميت الذي خيم على قلمي بعد تلك الالاف من الاميال التي اضحت بيننا والتي جعلتني بعيدا جسدا لكن روحي بين ذراعيهما بل نصب اعينهما، وكلما همسا حديثا او نطقا شعرا قام الفؤاد كأن ولي امره ماعاد من يحتضنه بين ضلوعه انما هما من يحركان المواجع ويثيران القرائح ويمدان الشرايين بدماء الحياة واكسير وجودها...
الموقف هذا الذي انا فيه يذكرني بوقفة حب كنت وقفتها بين عملاقين كبيرين فيما مضى مثلما وقف العشرات بينهما قبلي، يوما حين وقفت بين الشيخ البوصيري (رحمه الله ) وبين الشيخ الامير احمد شوقي (رضي الله عنه)، كنت حينها قلما شابا يافعا لم يبلغ من الخبرة او الدربة مايؤهله ان يقف بقلم ناقد بين البردة الثانية ونهجها، لكن احدا من المعنيين اشاد بها فكانت ان سجلت في محضر ملتقياتنا آنذاك،،
تلك الوقفة تعلمت منها كيف يجب ان يكون القلم بين قلمين، كبيرا بين الكبار ومتالقا بين المبدعين والا فسيضيع القلم وحامله، ها انذا استعيد اللحظة بوقفة ما ابلغها من جمال وما اروعها من محاكاة، وكأن الامس هو اللحظة التي استميح فيها الكبيرين اخي الاستاذ ابو طبيخ واخي الاستاذ الحجاج لكي اعطي هذه المشاعر التي تولتني حقها بل ولكي القي بها اليكم لعلي اوفق في جمع الطرفين المبدعين في مغنى واحد وفي انشاد واحد كانهما لشاعر ومبدع واحد ،،،،
وما يشجعني على ذلك علمي بدواخل الرائعَين قبل المباشرة بالسرد....
القصيدتان رغم البعد الزمني بينهما من ناحية التاريخ وزمان الكتابة ناقشتا بتناولهما لموضوع واحد لبا واحدا وقطبا واحدا هو الرسول المصطفى صلى الله عليه واله وسلم، وكان اجمل ما في عمودي الغازي والحجاج هو عطف كلاهما على المنادى المقصود بحبهما له وبنفس الود استنهاض الماضي كزمن لسؤالهما عن الحاضر العناء والمأساة القائمة، وبطبيعة الحال لقد كانت الابيات في تلك القصيدتين متقاربتين من ناحية المضمون وقد ازالا بتوافقهما ذلك البعد والفارق الزمني بين زمن الاولى لابي طبيخ وزمن الثانية للحجاج، وانا هنا تتملكني نشوة غريبة، وسعادة مكشوفة لا استطيع اخفاءها، ان القصيدتين ورغم اختلافهما في البحر وفي حرف الروي عروضيا، لكن جولتهما كانت متعاضدة وسردهما كان متمساكا حيث وخزت الاولى الثانيةَ فكانت الحافز والمحرك، ولم تكن الثانية مضاربة للاولى ولا مقاطعة، انما كانت الثانية مولودة بمحفز الاولى، وهذا اعطى للثانية صدرا رحبا القى على سفحه كلمات الاولى حاضنة لها في ذلك الدفء الوجداني الحميم، وهذا مارأيته لامعا في قصيدة الحجاج، ولست هنا بصدد استعراض الابيات ومدى اعجابي بالقصيدتين ابدا، لكنني اقول واثبت حقيقة قد يحتاجها غيرنا بعد حين" ان ما استوقفني في قصيدة الزميل ابي طبيخ استوقفني كثيرا في قصيدة الزميل الحجاج" وهذا اعتراف لابد منه لحقيقة ماشدني في العملين...
وبالتقاء الرؤى في سيدنا المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام، وهو المحرك الاساس للعملين، كان هو المحفز الاوحد للقصيدة الاولى، في حين امتلكت  القصيدة الثانية محفزين ومحركين، فالاول كان ذات الرؤية للقصيدة الاولى، في حين كانت القصيدة الاولى محركا ثانيا للعمل الثاني قصيدة الحجاج، وهنا اجتمع الشمل في بنائية مختلفة النظم والقافية موحدة الهدف والمغزى وهذا مايسجل للشاعرين لا لشعرهما فحسب انما لانسجام روحيهما في روح واحدة الغت البعد الزمني لكتابة الاولى عن الثانية في نفس الوقت الذي ازالت فارق العمر بين الكبيرين ابي طبيخ والحجاج ...
اثبت اعجابي بالعملين وتقديري الكبير لكليهما، كما كنت اتمنى على صديقي المبدع الحجاج وبعد ان ثارت براكين مشاعره مستلهما من قصيدة الشاعر ابي طبيخ الحس المحفز لكتابة اطروحة كانت منذ زمن تدور في مخيلته حتى حان موعد الطلق وميقات الوضع ان يسير في مسيرة من سبقوه ( وهو ليس الزاما ولاشرطا) بان يكون النظم يوائم المنظوم ( البحر) عروضيا في الاولى ويقابله كذلك في القافية، هذا كنت اتمناه شخصيا وليس فيما ذهب اليه الحجاج اي خلة او مدعاة للخوف من مستوى التالق على الصعيد الابداعي اطلاقا...
اعتمرت تلكما القصيدتين بالنفح المبتلى بمأساة واحدة التقت روحهما في بث الاسى الواحد والحزن الواحد الى المصطفى عليه افضل الصلاة واتم التسليم حتى اظهرتهما بالجلالة في الوصف وعطرالبوح في التغني بصفاة الاكرم خلقا من العالمين  قلبا واحدا بحب رسول الله وهما اللذان اثبتا ان لا شكوى بعد الله الا اليه...
لا اود الغور بعيدا فيما سيسري بالملل على المتلقي خشية الا يضيع المنشود من هذه الزيارة الكريمة لمضيفي الموسوي ابي طبيخ والحجاج الحميمين...
مودتي
( أنتَ فوقَ الإطراء)
الشاعر غازي احمد ابو طبيخ
نشرت في بغداد عام 2000 م
****************

غادةُ. الجنِّ غَرَّةٌ زوراءُ
راودتْها الاطماعُ. والاهواءُ
كلّما جَنَّ حَولَها الليلُ غنّتْ
بعزيفٍ. يرتاعُ منهُ. الغناءُ
ما الذي تخطُبينَ يا ٱبْنةَ صدري؟!
وحَصادُ المُغامرِ الارزاءُ
ما لِعَينيكِ. لا ترى ما اُرِيها؟!
دونَ مَرقاكِ. أفْلُكٌ جَمّاءُ
حَدِّقي الطّرْفَ هَلْ تَرَيْنَ خِتاما؟
خسِئَ الطَّرْفُ إنّهُ ٱلأرجاءُ
ليتَ بحراً كانَ ٱلْمُرَجّى عُراماً
كنْتُ فيمَنْ لِغُرَّةِ البحْرِ جاؤوا
( سَلْم’ إنَّ الذي ترومينَ شأْنٌ)
اطْرَقَتْ عَنْ سَمائهِ الغَبْراءُ
أفَمَدْحاً!! والمادحون جميعاً
عَلِموا أنَّ صَوتَهم أصداءُ
هُوَ فَوْقَ الاطراءِ ما عَكفَ النّثـــ
-ــرُ على البابِ أو شَدا ٱلشُّعراءُ
هو فوقَ الاسماءِ..ما خلقَ اللهُ
على الارضِ..او طوتْهُ ٱلسَّماءُ
ظاهرُ القولِ في خفاياهُ تيهٌ
وعظيمُ. المقالِ. نارٌ وماءُ
وَطَّنَ الشمسَ في الفؤادِ وأعلا
قمَراً تستنيرُهُ الانبياءُ
كانَ والمُنْتهى طُلوعاً نبيّاً
سَرْمَدِيّاً أسْفارُهُ عَصْماءْ
ذاتُهُ ٱلمجْدُ..والكتابُ المُعَلّى
فيضُ اسرارِ قلْبهِ ..والسناءُ
فاستوى مُذْ دَنا سراجاً مُنيراً
وتدلّى.. براقُهُ. ٱلاجواءُ
سارياً والفتوحُ بعضُ خطاهُ
مُعْرِجاً لا تطالُهُ الانباءُ
سيدي موطنُ الجمالِ المصفّى
ابداً حَولَهُ يطوفُ البهاءُ
انا إنْ رُمْتُ وصلَهُ فلأنّي
دنِف شَفَّهُ. النوى والعَناءُ
أَبْرَقَ الحبُّ في حشاشةِ قلبي
فهُيامي. مُضَمّخٌ وضَّاءُ
وبصدري مِنَ ٱلطِّماحِ رياحُ
سَيَّرَتْها مِنَ ٱلْعُروقِ. دماءُ
كُلّما ٱسْتَوْحَشَتْ مِنَ ٱلهَجْرِ حيناً
وٱسْتغاثَتْ .. هَما إليها العطاءُ
أَ يَرِدُّ. الملهوفَ. وهْوَ حبيبٌ
أمْ يصدُّ الآمالَ وهْوَ الرجاءُ؟!
سأُناجيهِ يا شفيعَ وِدادي
عطشَ المُبْتَلى وجفَّ الاناءُ
شارَفَ العُمْرُ والعيونُ حَيارَى
شاخصاتٌ أزْرَى بهِنَّ البُكاءُ
يا رفيعَ الجَنابِ رِفْقاً بقلبي
إنَّ قلبي. ممّا. بهِ. أشلاءُ
يا ابا القاسمِ البهيِّ نِدائي
ودُعائي يسعى بهِنَّ الرِّداءُ
أَمَّني مِنَ ٱلحُزْنِ كلُّ قديمٍ
وجديدُ الأسى هُوَ البلواءُ
شبَحاً مِنْ مَجَامِرٍ صَيَّرَتْني
غُصَّةُ الانتظارِ , والإبطاءُ
ومِنَ الصَّبْرِ عَبْرةٌ يَجْتَبيها
الفُ. عامٍ. ورِحْلةٌ. وعثاءُ
فأَجِرْ. مُهْجَتي يَراعاً أريباً
إنّ كَفِّي مِنْ دونِكمْ جَذَّاءُ
ايُّها المُصْطفى ونورُ البَرايا
وفنارُ. الاسْفارِ ، والسّقَّاءُ
مُدَّ جُنْحَيْكَ فالعراقُ حَزينٌ ..
أحْرنَتْ في ربوعِهِ الأدواءُ
وطنُ الخَيرِ مُستباحُ الحَنايا
والربايا انٌتْ  (وغِيْضَ الماءُ)
يا شفيعَ المحزونِ هذا دعائي
بينَ كفَّيكَ لنْ يضيعَ الدعاءُ..
********
براق الشوق...
الشاعر غسان الحجاج
فيكَ انتماء شعوري راسخٌ أبدا
من عالم الذرِّ فاضَ الحبُّ واتّقدا
ومن نسيج صلاتي حكتُ امنيةً
صارت براق اشتياقي للسما صعدا
امنْتُ إِنَّكَ في الأفلاك أجمعها
تبثُّ نوركَ والأكوان منك صدى
بوركتَ من مرسلٍ أرسى ببعثتهِ
قواعد الدين في كل القلوب هدى
يا ايها الحيُّ في وحي الضمير رؤى
لا لن يحدّكَ في افقٍ الحياة ردى
لانك الخالد المزروع في رئتي
متى نطقتُكَ فالانفاس قطْرُ ندى
محمدٌ صنوكَ الآلاء فارتسمت ْ
في نور وجهك  ابعاداً لكلِّ مدى
لبيّتَ َ ربك مُذ تكوين سبعتهِ
فنلتَ حقَّ العلا  يا خير من عبدا
لآلئ الحكمةِ الكبرى جرتْ سوراً
باتتْ ترتَلُ من اسراركَ المددا
ماغبتَ عنّا على الإطلاق انت هنا
في نبض قلبي  وفي فكري الذي شردا
يهمهمُ الامنياتِ البيض ماطرةً
حتى يعانقَ من جيدِ السماء يدا
يا رحمةَ الله يا بابَ النجاةِ اذنْ
فمنْ احبَِّ خصالَ المصطفى سُعِدا
لم يكفِ قلبي مداداً يجتلي صوراً
حتى اضفتُ  لهُ الاحشاء والكبدا
ورحتُ في نشوتي الوطفاءِ مجتهدا
لمّا دَنَا النور من عينيَّ وابتعدا
فكيف احظنُ امواجاً تساورني
من فرط اعدادها كم افلتتْ عددا
لولاكَ في الطور ما اعطى السنا قبساً
بل ربما الضوء اضحى دونكم رمدا
نفختُ في ابجديات اللغات شذىً
من روح معناك حتى حرّكتْ جسدا
لكي تحييكَ في اصلاب لحظتها
ثمَّ استقرتْ على قرطاسها أمدا
في لحظةِ الشعر كان السحرُ ملءَ فمي
كأنهُ سربُ غزلانٍ رأتْ  أسدا
اسرجتُ خَيل قوافي الشعر معتقدي
فليس غير اعتقادي فيك معتقدا
منذ اقتفيتُ خيوط الفجر ملتمساً
هل تلكمِ الشمس ام نور الرسول بدا
حتى تيقّنْتُ انّ الخلقَ اجمعهُ
من دون نور  سناكَ الهاشميِّ سدى
فأقبلْ نذور حروفي وهي قانتةٌ
لتذبحَ الو جْد ما بين الدعاء فدى..  
       **********

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة بأذن كل !! العرب :شيخ شعراء مصر..عباس الصهبي